الدار-خاص
منذ اعتلائه العرش، أولى جلالة الملك محمد السادس، أهمية قصوى للأسرة المغربية، و لتجويد الترسانة القانونية المؤطرة لهذه المؤسسة المجتمعية.
كان تاريخ 27 أبريل 2001، وسيبقى لحظة مفصلية في تاريخ الثورة القانونية التي تحققت في مجال قانون الأسرة بالمملكة، عندما أعلن الجالس على العرش، عن تشكيل اللجنة الملكية الاستشارية المكلفة بتعديل بنود المدونة برئاسة الأستاذ إدريس الضحاك الذي تم استبداله بالأستاذ امحمد بوستة، فدخل هذا الملف منعطفا جديدا بعد ذلك توج بحسم الخلاف مباشرة بعد الإعلان الملكي بقبة البرلمان في 10 أكتوبر 2003 عن التعديلات الجوهرية في مدونة الأسرة.
و حرصا من جلالة الملك محمد السادس على ضرورة مواكبة مدونة الأسرة للتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي، و الإكراهات التي تواجه الأسرة، أكد الجالس على العرش في خطابه السامي، الموجه إلى الشعب المغربي بمناسبة عيد العرش يوم السبت 30 يوليوز 2022، على ضرورة مراجعة مدونة الأسرة، مشددا في الآن نفسه على عبارة “لن أحلل ما حرم الله ولن أحرم ما حلل الله”، وهي العبارة نفسها التي سبق أن حسم بها الخلاف الذي كان قد دار بين “المحافظين” و”الحداثيين” حول مدونة الأسرة وترجمته مسيرتان حاشدتان شارك فيهما عشرات الآلاف من المتظاهرين.
كما أن جلالة الملك محمد السادس، و في إطار العناية التي يوليها للمرأة المغربية شدد في خطابه على أن ما يتم منحه للمرأة ليس امتيازات مجانية بل هي حقوق حرمت منها في سابق الأيام، وفي ظل حكمه وفي مغرب اليوم لا يجب أن تُحرم من أي حق من حقوقها.
لذلك؛ فإن إطلاق مشاورات إصلاح مدونة الأسرة اليوم الأربعاء، تأكيد ملكي راسخ على ضرورة مسايرة المدونة لمتغيرات المجتمع المغربي، فبعد ستة عشرة سنة من صدور المدونة؛ التي كانت فتحا جديدا مغربيا، خاصا بالقوانين الخاصة بالأسرة بالمغرب، ها هو ملك البلاد بصفتهأميرا للمؤمنين، يخصص مرة أخرى في خطابه فقرات مهمة وصريحة وواضحة ونقدا صريحا لبعض الموظفين ورجال العدالة، عن انحرافهم وزيغهم في التطبيق عن فلسفة مدونة الأسرة التي رسمت في مدونة الأسرة والتي كانت محل تنويه وتقدير من كل زعماء العالم، ومحل إشادة كبيرة من المتتبعين لحقوق المرأة والمدافعين عنها.
و كان لافتا في الخطاب الملكي لسنة 2022، تخصيص جلالة الملك محمد السادس، خمسة عشرة فقرة كلها للكلام عن المرأة المغربية، وعن ضرورة موازنتها مع حقوق الرجل وبأنها القاطرة التي ستدفع بنا إلى مزيد من التقدم، بدأها بالكلام بصراحة بضرورة فتح كل الأبواب والميادين للمرأة المغربية، ليعود مؤكدا في خطابه للتذكير بأن رؤيته واضحة ولن تتغير منذ اعتلى عرش أسلافه وهي النهوض بوضعية المرأة المغربية، وفتح كل الأبواب أمامها.