سلايدرمال وأعمال

الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2024

23الآفاق الاقتصادية لسنتي 2023 و2024

تمهيد
تقدم الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2024 مراجعة للآفاق الاستشرافية الصادرة خلال شهر يوليوز من سنة 2023. ويتعلق الأمر بتقديرات جديدة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2023 وبمراجعة توقعات تطوره خلال سنة 2024 وتأثيراتها على التوازنات الماكرو اقتصادية الداخلية والخارجية.

ويرتكز إعداد هذه الميزانية على الآفاق الاقتصادية العالمية الصادرة عن مختلف المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية واللجنة الأوروبية والبنك الدولي. كما تعتمد هذه الميزانية على نتائج الحسابات والبحوث الفصلية وعلى أشغال تتبع وتحليل الظرفية التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط. كما ترتكز على المعطيات النقدية ومؤشرات المالية العمومية وإحصائيات المبادلات الخارجية، الصادرة على التوالي عن بنك المغرب وعن وزارة الاقتصاد والمالية وعن مكتب الصرف.

وتعتمد الآفاق الاقتصادية الوطنية لسنة 2024 على سيناريو أقل متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 20232024- وعلى التدابير والمقتضيات الجديدة المعلنة في قانون المالية لسنة 2024. كما ترتكز هذه التوقعات على مجموعة من الفرضيات المرتبطة بتطور العوامل الخارجية المحيطة بالاقتصاد الوطني سواء على المستوى الوطني والدولي.

أهم المؤشرات الماكرو اقـتصادية

2023

2024

2022

3,2

2,9

1,3
تطور النمو الاقتصادي الوطني بالنسبة المئوية
• الناتج الداخلي الإجمالي

3,2

2,7

3,0

• القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية

6,7

2,7

-12,7

• القيمة المضافة للقطاع الأولي

2,8

4,5

3,1

• معدل التضخم

3,7

0,9

5,5

• الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب

-20,0

-20,8

-23,2
أهم المعاملات بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الإجمالي
• عجز الميزان التجاري

-0,4

0,1

-3,5

• عجز التمويل

-5,2

-4,7

-4,5

• عجز الميزانية

85,2

86,1

85,6

• معدل الدين العمومي الإجمالي

مقدمة
سيتأثر الاقتصاد العالمي في هذا السياق المضطرب، بالانعكاسات الجيوسياسية وبتداعيات تشديد السياسات النقدية وباستمرار الضغوطات التضخمية، حيث سيسجل الاقتصادي العالمي تباطؤا في نموه الذي تعرف وتيرته تباينا كبيرا بين المناطق الاقتصادية.

على المستوى الوطني، ستعرف الأنشطة الاقتصادية انتعاشا طفيفا سنة 2023، حيث سيتأثر بتباطؤ الطلب الخارجي وبصعوبة تخفيض التضخم وبالظروف المناخية غير الملائمة وكذلك بانكماش القطاع الثانوي. غير أن تطور النمو الاقتصادي سيستفيد نسبيا من تحسن الإنتاج الفلاحي ومن تعزيز أنشطة القطاع الثالثي.

وسيسجل النمو الاقتصادي خلال سنة 2024 تحسنا في وتيرته، مستفيدا من دينامية الطلب الخارجي ومن دعم الاستثمار العمومي في سياق الانخفاض المرتقب لمعدل التضخم. كما سيساهم تفعيل البرامج الاجتماعية التي جاءت في الاستراتيجية الملكية، خاصة تدابير الدعم الاجتماعي المباشر، في التخفيف من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للأسر المستهدفة، في أفق التحرير المرتقب لأسعار غاز البوتان.كما ستستفيد دينامية الاقتصاد الوطني من البرامج الاجتماعية وأوراش إعادة الإعمار والنهوض بالمناطق المتضررة من الزلزال الأخير.

استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في سياق اضطرابات ومخاطر مختلفة
في سياق يعرف تعاقبا للصدمات الاقتصادية والجيوسياسية، سيواصل النمو الاقتصادي العالمي تباطؤه ، ليستقر في وتيرة %2,7 سنة 2024 عوض %2,9 سنة 2023 و%3,3 سنة2022. ومن شأن التأثيرات الناجمة عن تشديد السياسات النقدية وتراجع الموارد المالية واستمرار حالة عدم اليقين والانقسامات الجيواقتصادي التي شهدها العالم إلى تفاقم تباطؤ وتيرة النمو الاقتصاد العالمي، والذي ستتفاقم فجوته بين المناطق الاقتصادية، نتيجة الدينامية الاقتصادية التي تعرفها الدول الصاعدة والتباطؤ في النمو الاقتصادي لدى الدول المتقدمة.

في الولايات المتحدة الأمريكية، سيعرف نمو الناتج الداخلي الإجمالي تباطؤا لتستقر وتيرته في حدود %1,5 سنة 2024 عوض%2,4 سنة 2023 و%1,9 سنة 2022. وسيسجل الطلب الداخلي وتيرة نمو معتدلة، متأثرا باستنزاف فائض المدخرات واستمرار تشديد الشروط التمويلية، مما سيؤثر على دينامية سوق الشغل. كما ستعرف سنة 2024 تشديد السياسة المالية من أجل تقليص عجز الميزانية الذي سيسجل سنة 2023 تفاقما نتيجة التأثير المزدوج لانخفاض المداخيل الجبائية ولارتفاع النفقات المخصصة للبرامج الاجتماعية. وسيتراجع التضخم إلى حوالي %3,9 سنة 2023 و %2,8 سنة 2024، بعد أن سجل معدلا قياسيا بلغ %8,9 سنة 2022، في حين سيتراجع التضخم الأساسي بشكل أبطأ من المتوقع. وفي هذا السياق، يرتقب أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي سنة 2024 بتخفيف السياسة النقدية، بعدما لجأ إلى الرفع من معدل الفائدة الرئيسي إحدى عشر مرة منذ مارس 2022.

وسيتأثر انتعاش الأنشطة الاقتصادية في منطقة اليورو، بتزامن تداعيات استمرار التضخم وتشديد السياسة النقدية على القدرة الشرائية للأسر وعلى تكاليف المقاولات. وهكذا، سيسجل النمو الاقتصادي لهذه المنطقة انتعاشا طفيفا بحوالي%0,9 سنة 2024 عوض تباطؤه إلى %0,6 خلال سنة 2023. وتعزى هذه الوتيرة إلى الظرفية غير الملائمة التي يمر منها الاقتصاد الألماني، المتأثر بإشكالات الإمدادات الطاقية وتسويق منتوجات القطاع الصناعي. وبالمقابل، تعزى الدينامية الملحوظة للاقتصاد الإسباني مقارنة بالوتيرة المتوسطة لنمو اقتصاديات منطقة اليورو، أساسا، إلى التأثير المتأخر للانتعاش الاقتصادي لفترة ما بعد كوفيد وإلى الدور المهم الذي تلعبه أنشطة الخدمات في بنية الاقتصاد.

وستواصل الدول الصاعدة والنامية ديناميتها، لتستقر وتيرة نمو أنشطتها في حدود %4 سنة 2024. إلا أن هذه الوتيرة تخفي تباينا مهما بين مختلف الاقتصاديات.

وبخصوص الاقتصاد الصيني، فقد تأثر انتعاش أنشطته في بداية سنة 2023 بمجموعة من العوامل. وهكذا، سيتقلص الطلب الداخلي نتيجة تدهور ثقة الأسر والمستثمرين، في سياق استمرار الأزمة التي يعرفها قطاع العقار. ومن جهتها، ستعاني التجارة الخارجية من عدة عراقيل نتيجة تباطؤ الطلب في أعقاب النمو الضعيف في أوروبا والتوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. غير أن التدابير المرتقب اعتمادها من طرف الحكومة للنهوض بالاقتصاد الصيني سنة 2024 تبقى مقيدة بالمستوى المرتفع للمديونية. وهكذا، ستسجل أنشطته نموا محدودا بحوالي%4,7 عوض%5,2 المتوقعة سنة 2023.

وفي الهند، سيواصل ارتفاع الصادرات من الخدمات والاستثمار العمومي مصحوبا بصمود الاستهلاك الخاص تحفيزه للاقتصاد خلال سنة 2024، مما سيمكن جزئيا من تغطية انخفاض الصادرات من السلع. وهكذا، ستظل وتيرة نمو الاقتصاد الهندي مهمة رغم تباطؤها لتستقر في حدود %6,1 سنة 2024 عوض%6,3 سنة 2023. وفي روسيا، سيبقى نمو الاقتصاد الروسي موجبا، نتيجة قوة الطلب الداخلي وصمود الصادرات من المنتوجات الطاقية، لتستقر وتيرته في حدود %1,1 سنة 2024 عوض %1,3 سنة 2023. غير أن الاقتصاد البرازيلي سيتأثر بالانخفاض المتوقع لأسعار المواد الأولية والطلب الخارجي، خاصة ذلك الوارد من الصين، حيث سيسجل نموا بوتيرة لن تتجاوز %1,8 سنة 2024 عوض %3 سنة 2023.

انخفاض أسعار المواد الأولية وتراجع التجارة العالمية
على مستوى أسواق المواد الأولية، ستتراجع أسعار النفط ب %18 لتصل إلى82,4 دولارا للبرميل سنة 2023، في حين ستسجل شبه استقرار سنة 2024. ويعزى الانخفاض الذي عرفته الأسعار سنة 2023 إلى التخفيض الطوعي للإنتاج من طرف السعودية وروسيا. غير أنه في أفق تراجع الطلب العالمي من النفط خلال سنة 2024، ستتأثر أسعاره بالزيادات المحتملة للإنتاج من طرف منافسي منظمة الدول المصدرة للنفط، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية. وسيحد استمرار الصراعات الجيوسياسية على المستوى العالمي من إمكانية ارتفاع الأسعار التي تبقى مرتبطة بشكل كبير بانتعاش الاقتصاد الصيني.

ومن المتوقع أن تستعيد أسعار الغاز وضعها الطبيعي، نتيجة انخفاض الطلب ووفرة الاحتياطي من الغاز المسال. وهكذا، ستسجل أسعار الغاز الأوروبي تراجعا لن يتجاوز %4 سنة 2024 بعد الانخفاض الملحوظ ب %67 سنة 2023. وبالمثل، ستواصل أسعار المنتجات الفلاحية، خاصة أسعار الحبوب منحاها التنازلي، نتيجة التحسن المرتقب في العرض، غير أنها تبقى أعلى من المتوسط ​​المسجل خلال السنوات الخمسة الماضية.

وفي هذا السياق، سيتراجع التضخم في العديد من الاقتصاديات رغم استقراره في مستويات أعلى من تلك المستهدفة من طرف البنوك المركزية. وإجمالا، سيستقر معدل التضخم في حدود%5,8 سنة 2024 عوض%6,9 سنة 2023 و%8,7 سنة 2022، في حين تتباين وتيرة انخفاض التضخم من بلد لآخر نتيجة اختلاف تأثيرات السياسات النقدية و الصدمات التي تعرفها أسعار المواد الأولية. ومن جهتها، ستستقر قيمة العملة الأوروبية مقابل الدولار في حدود1,15 سنة 2024، في أفق تقلص فوارق النمو الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو واعتماد سياسة نقدية مرنة من طرف الاحتياطي الفيدرالي قبل تلك الذي نهجها البنك المركزي الأوروبي.

وهكذا، يتوقع أن يتراجع حجم التجارة العالمية بشكل كبير، متأثرا بتباطؤ أنشطة الاقتصاد العالمي والتدابير الحمائية، مما سيؤثر على عدد كبير من الاقتصاديات ومجموعة واسعة من المنتجات. وهكذا، ستستقر وتيرة نموه في حدود%1,1 سنة 2023 عوض%5,2 سنة 2022. وستعرف دينامية التجارة العالمية انتعاشا خلال سنة 2024 لتسجل وتيرة نمو في حدود %2,7 نتيجة تحسن الافاق الاقتصادية، غير أنها تبقى دون مستوى المعدلات السابقة.

في ظل هذه الظروف، سيعرف الطلب العالمي الموجه نحو المغرب انتعاشا سنة 2024، لتتحسن وثيرة نموه إلى %3,7 بعد تباطؤها الملحوظ إلى %0,9 سنة 2023. وهكذا، سيستفيد الطلب الخارجي من انتعاش النشاط الاقتصادي بإسبانيا وفرنسا التي تبقى الوجهات الرئيسية للصادرات الوطنية.

انتعاش الاقتصادي الوطني سنة 2023، نتيجة التحسن النسبي للنشاط الفلاحي وتعزيز أنشطة القطاع الثالثي
سيعرف الاقتصاد الوطني سنة 2023 انتعاشا بعد تباطؤه المسجل سنة 2022، نتيجة التحسن النسبي للإنتاج الفلاحي وتعزيز أنشطة القطاع الثالثي، رغم تعاقب سنوات الجفاف وتراجع الطلب الخارجي واستمرار الضغوطات التضخمية.

وقد عرف الموسم الفلاحي 2022-2023 ظروفا مناخية غير ملائمة، تميزت بعجز في مستوى التساقطات المطرية وتوالي تقلبات درجة الحرارة. واستقر إنتاج الحبوب في حدود 55,1 مليون قنطار، أي بانخفاض ب %15 مقارنة بمتوسط السنوات الخمسة الأخيرة وبزيادة ب %62 مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي. وبالمقابل، ستتأثر أنشطة تربية الماشية سلبا بتعاقب سنوات الجفاف الشيء الذي سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الواردات من المواشي. وهكذا، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تحسنا ب%6 سنة 2023 بعدما سجلت انخفاضا ملحوظا ب%12,9 سنة 2022.

وبناء على تطور قطاع الصيد البحري ب %19,1، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة ب%6,7 عوض انخفاض ب%12,7 سنة 2022، حيث سيسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 0,7 نقطة.

ورغم النتائج الجيدة للقطاع الثالثي، ستسجل الأنشطة غير الفلاحية تباطؤا طفيفا لتستقر وتيرة نموها في حدود %2,7 عوض %3 سنة 2022. ويعزى ذلك إلى النتائج غير الملائمة لأنشطة للقطاع الثانوي التي ستواصل تسجيل معدلات نمو سالبة ستستقر في حدود %0,4 سنة 2023 عوض %1,7 المسجلة سنة 2022.

وستعرف أنشطة الصناعات التحويلية نموا متواضعا لتستقر وتيرته في حدود %0,6 عوض %0,3 خلال السنة الماضية، نتيجة تراجع أنشطة الصناعات الكيمياوية ب %-4,1 بالنظر إلى انخفاض إنتاج الأسمدة و تباطؤ الصناعات الغذائية وأنشطة صناعة النسيج. وبالمقابل، ستواصل صناعة معدات النقل ديناميتها الجيدة سنة 2023 مستفيدة من النتائج الملائمة لأنشطة صناعة المكونات الإليكترونية والأسلاك الكهربائية مصحوبة بتحسن التموين بالنسبة لأشباه الموصلات.

كما ستسجل القيمة المضافة لأنشطة قطاع المعادن انخفاضا ب%-4,2 سنة 2023 عوض انكماش ب %9,4 سنة 2022، ويعزى ذلك إلى تراجع إنتاج الفوسفاط والانخفاض الملحوظ للطلب المحلي والخارجي الموجه نحو الفوسفاط الخام، في سياق استقرار الأسعار العالمية في مستويات عالية.

من جهته، سيواصل قطاع البناء والأشغال العمومية سنة 2023 نتائجه المتواضعة الذي عرفها منذ عقد من الزمن، حيث سيسجل انخفاضا جديدا ب %-1,3 بعد تراجعه ب %-3,6 سنة 2022. وسيتأثر الطلب الموجه نحو العقار بتشديد الشروط التمويلية وبتدهور القدرة الشرائية للأسر. وبالموازاة مع ذلك، سيتأثر العرض بتداعيات ارتفاع تكاليف البناء والصعوبات التمويلية بالنسبة للمنعشين العقاريين. غير أن استمرار تنفيذ مشاريع البنية التحتية سيتمكن جزئيا من تغطية النتائج غير الجيدة لأنشطة البناء .

على مستوى القطاع الثالثي، سترتفع القيمة المضافة للخدمات التسويقية ب %4 مستفيدة من الآداء الجيد للقطاع السياحي الذي سيفرز تحسنا في القيمة المضافة ب %26. وستحقق أهم مؤشرات القطاع السياحي وتيرات نمو مهمة ستتجاوز مستوياتها المعدلات التي عرفتها قبل الأزمة الصحية، الشيء الذي يبرز صمود هذا القطاع أمام تفاقم التوثرات الجيوسياسية وأمام التضخم الذي يؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية في البلدان المصدرة. وسيواصل قطاع النقل تحقيق معدلات نمو موجبة ستصل إلى %4,1 سنة 2023، مستفيدا من تحسن أنشطة النقل البري والجوي. وسيستفيد هذا الأخير من النتائج الجيدة لقطاع السياحة ومن تعزيز خطوط الربط الجوي. وبالمقابل، ستسجل أنشطة النقل البحري نتائج غير ملائمة، نتيجة تراجع الحجم الإجمالي لصادرات الفوسفاط ومشتقاته.

ومن جهتها، ستسجل الخدمات غير التسويقية سنة 2023 نموا بوتيرة%4,2 ، نتيجة زيادة كتلة الأجور. في ظل هذه التطورات، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الثالثي ارتفاعا ب %4 عوض %5,4 المسجلة سنة 2022، لتبلغ مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي حوالي2,2 نقط سنة 2023 عوض 2,8 نقط سنة 2022.

وبناء على تطور الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات على المنتجات ب%1,5 ، سيسجل النمو الاقتصاد الوطني انتعاشا ب%2,9 سنة 2023 عوض %1,3 المسجلة سنة 2022.

في ظل هذه الظروف، سيعرف سوق الشغل خلال سنة 2023 فقدان 300 ألف منصب شغل. وبناء على تراجع معدل النشاط، سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى %13 سنة 2023 بعد %12,2 المسجلة سنة 2022.

تحسن معتدل للطلب الداخلي في سياق استمرار التضخم

بناء على التحسن المعتدل للمداخيل الفلاحية ومواصلة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج لمنحى نموها، سيسجل استهلاك الأسر سنة 2023 ارتفاعا طفيفا ب %0,6 عوض انخفاض ب%0,7 سنة 2022. وتأتي هذه الوتيرة في ظل استمرار التضخم، خاصة أسعار المواد الغذائية التي ستساهم بما يناهز %80 في تطور مؤشر الأسعار للاستهلاك خلال سنة 2023. وبناء على زيادة الاستهلاك العمومي ب %3,6، سيعرف الاستهلاك الوطني النهائي نموا ب %1,3 مفرزا بذلك مساهمة موجبة في النمو الاقتصادي بحوالي 1,1 نقطة عوض0,3 نقطة سنة 2022.

ومن جهته، سيسجل الاستثمار الإجمالي نموا ب%2,2 عوض انخفاض ب%6,5 سنة 2022. ورغم مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، يبقى الاستثمار الخاص محدودا ورهينا بعودة الثقة لدى المستثمرين في سياق استمرار الضغوطات التضخمية وتداعيات تشديد الشروط التمويلية. وإجمالا، سيسجل الطلب الداخلي نموا ب %1,6، ليسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي1,8 نقطة عوض مساهمة سالبة ب1,7 نقطة سنة 2022.

تراجع مستوى العجز الخارجي

سيؤثر تراجع حجم المبادلات التجارية العالمية بشكل كبير على الطلب الموجه نحو الإقتصاد الوطني. غير أن صادرات المهن العالمية ستواصل منحاها التصاعدي، نتيجة استمرار الطلب الخارجي الموجه نحو أنشطتها، خاصة قطاع صناعة السيارات في شطره المتعلق بالتركيب والأسلاك الكهربائية وقطاع الإلكترونيات والكهرباء. في حين ستواصل صادرات الفوسفاط ومشتقاته نتائجها غير الملائمة، حيث سيتراجع حجمها نتيجة تغيير وجهة الطلب الخارجي نحو أسواق أخرى وتأثيرات الرسوم الجمركية المفروضة على الأسمدة الكيماوية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. وهكذا، سيسجل حجم الصادرات من السلع زيادة ب %7 عوض %4,7 سنة 2022.

بالموازاة مع ذلك، سيعرف حجم الواردات من السلع ارتفاعا ب %6,1 عوض %5 المسجلة سنة 2022. ويعزى هذا المنحى إلى زيادة الواردات من سلع التجهيز و من منتوجات الاستهلاك النهائية. غير ان هذا التطور سيبقى محدودا نتيجة تراجع حجم الواردات من أنصاف المنتجات، خاصة الأمونياك والمنتوجات الغذائية .

وسيسجل العجز التجاري تراجعا خلال سنة 2023 ليبلغ 20% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %23,2 سنة 2022، مستفيدا من منحى أسعار المواد الأولية الذي سيمكن من تخفيض فاتورة الطاقة والفاتورة الغذائية، ولكن بالمقابل سيؤثر بشكل سلبي على قيمة الصادرات الوطنية. بالإظافة إلى ذلك، ستساهم النتائج الجيدة للمبادلات من الخدمات، خاصة خدمات الأسفار والنقل، في التخفيف من عجز الموارد الذي سيصل %10,1 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 عوض %14,5 سنة 2022. وبناء على تطور تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، سيتراجع الحساب الجاري ليسجل فائضا للمرة الأولى منذ سنة 2006، ليستقر في حدود %0,1 من الناتج الداخلي الإجمالي .

تراجع طفيف لعجز الميزانية

في هذا السياق الذي يتميز بتحسن نسبي لوتيرة النمو الاقتصادي وباستقرار الأسعار في مستويات عالية، ستعرف وضعية المالية العمومية سنة 2023 تراجعا في عجز الميزانية.

وستعرف المداخيل الجارية سنة 2023 ارتفاعا لتصل إلى حوالي%21,9 من الناتج الداخلي الإجمالي، مستفيدة من المداخيل الجبائية التي ستمثل%18,3 من الناتج الداخلي الإجمالي. وهكذا، ستبلغ الضرائب المباشرة وغير المباشرة على التوالي إلى%8,2 و%7,7 من الناتج الداخلي الإجمالي. وسترتفع المداخيل غير الجبائية سنة 2023 لتبلغ%3,3 من الناتج الداخلي الإجمالي، مدعومة بالمداخيل الواردة من المؤسسات والمقاولات العمومية ومن آليات التمويل المبتكرة.

ومن جهتها، ستتراجع حصة النفقات الجارية سنة 2023 لتبلغ حوالي%20,5 من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل%21,7 المسجلة سنة 2023. ويعزى ذلك أساسا إلى الانخفاض الملحوظ لنفقات المقاصة نتيجة تراجع أسعار غاز البوتان على المستوى العالمي. وبالمقابل، ستواصل النفقات من السلع والخدمات ونفقات الدين العمومي منحاها التصاعدي لتصل على التوالي إلى حوالي %16,4 و%2,2 من الناتج الداخلي الإجمالي.

وبناء على حصة نفقات الاستثمار التي ستبلغ حوالي %6,4 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %7,1 سنة 2022، ستستقر النفقات الإجمالية في حدود %26,9 من الناتج الداخلي الإجمالي. وبالتالي، سيتقلص عجز الميزانية إلى حوالي%4,7 من الناتج الداخلي الإجمالي، غير أن مستواه يبقى مرتفعا مقارنة بالمتوسط السنوي %3,7 المسجل خلال الفترة 2014-2019

الاعتماد على مصادر التمويل الخارجي

لتمويل عجز الميزانية وتلبية حاجياتها المتزايدة، قامت الخزينة خلال سنة 2023 باللجوء أساسا إلى الاقتراض الخارجي بعد فترة تميزت بالاعتماد بشكل كبير على السوق الداخلي. وهكذا، قام المغرب في بداية سنة 2023 باللجوء إلى السوق الدولية، بعد آخر إصدار منذ سنتين، للحصول على اقتراض خارجي بقيمة 2,5مليار دولار، والذي سيتمكن من خلاله من تقليص الضغوطات على التمويل الداخلي والحفاظ على استقرار الموجودات الخارجية في مستويات ملائمة. وهكذا، سيسجل الدين الخارجي للخزينة ارتفاعا ليصل إلى %18,2 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %17,2 سنة 2022.

وبالنسبة للتمويل الخارجي، وبناء على إصدرات الخزينة على مستوى سوق السندات، سيرتفع الدين الداخلي ليصل إلى %53,8 من الناتج الداخلي الإجمالي.

وإجمالا، سيرتفع الدين الإجمالي للخزينة سنة 2023 إلى حوالي %72 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %71,6 سنة 2022، ليتجاوز بذلك عتبة 1000 مليار درهم، حيث سيهيمن الدين الداخلي على بنية الدين الإجمالي للخزينة بحوالي %74,7 في حين سترتفع حصة الدين الخارجي للخزينة إلى حوالي %25,3. وتبقى هذه البنية متماشية مع المعدلات المعيارية والمحددة بين %70 و%80 بالنسبة للدين الداخلي وبين %20 و%30 بالنسبة للدين الخارجي.

وبخصوص الدين الخارجي المضمون، فإنه سيصل إلى %13,6 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023 عوض%14,6 سنة 2022. وفي هذا الإطار، ستساهم عمليات إعادة الهيكلة، المنجزة لتمكين المؤسسات والمقاولات العمومية من الحصول على التمويل من السوق الدولي والوطني دون اللجوء إلى تدخل الدولة، نسبيا في تقليص الاقتراض الخارجي المضمون. وهكذا، سيستقر الدين العمومي الإجمالي في حدود%85,6 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %86,1 سنة 2022.

تعزيز الموجودات الخارجية الصافية
حافظ البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي مستقرا للمرة الثالثة على التوالي منذ يونيو 2023، بعد تشديد السياسة النقدية منذ شهر يونيو 2022، حيث أن تأثيرها المتأخر سيساهم في تراجع وتيرة نمو القروض البنكية خلال سنة 2023. ويعزى هذا التباطؤ أساسا إلى انخفاض الحسابات المدينة وتسهيلات الخزينة والنمو المتواضع للقروض العقارية. وهكذا، ستعرف القروض على الاقتصاد زيادة بحوالي %4 سنة 2023 عوض%7,1 سنة 2022.

كما ستعرف وتيرة نمو القروض الصافية على الإدارة المركزية، بعد الزيادة بأكثر من %22 سنة 2022، تباطؤا كبيرا سنة 2023 لتستقر في حدود %4,1، نتيجة تقليص الخزينة لجوئها إلى السوق الداخلي. وسيتعزز صافي الموجودات الخارجية من العملة الصعبة ليسجل ارتفاعا ب%10,5 سنة 2022، نتيجة لجوء الخزينة للإقتراض الخارجي وتراجع العجوزات الخارجية، حيث سيمثل حوالي 5,1 أشهر من الواردات من السلع والخدمات عوض 4,5 أشهر سنة 2022.

وبناء على تطور مقابلاتها، ستسجل الكتلة النقدية نموا ب %5,3 سنة 2023 عوض 8% سنة 2022. وتعزى هذه الوتيرة التي تبقى أقل من نظيرتها المسجلة خلال السنة الماضية، أساسا، إلى الارتفاعات المتواصلة للنقود المتداولة، نتيجة انتعاش قطاع السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والمنحى التصاعدي لتطور النقد غير المتعلق بالمعاملات. في ظل هذه الظروف، ستبلغ حاجيات السيولة البنكية 92,6 مليار درهم سنة 2023.

تعزيز النمو الاقتصادي الوطني سنة 2024، مدعوما بمجهود الاستثمار وبالزيادة المرتقبة للطلب العالمي الموجه نحو المغرب

تعتمد الآفاق الاقتصادية لسنة 2024 على المقتضيات الجديدة المعتمدة في قانون المالية لسنة 2024. كما ستتميز سنة 2024 بتنفيذ مجموعة من التدابير الرامية إلى التخفيف من التداعيات السوسيواقتصادية الناتجة عن التضخم والجفاف وزلزال الحوز. وفي هذا الإطار، سيتم تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى، خاصة تلك المتعلقة ببرنامج إعادة الإعمار وتهيئة المناطق المتضررة من الزلزال، وبرامج الدعم الاجتماعي المباشر والمساعدة على اقتناء السكن.

كما ترتكز هده التوقعات على فرضية انتعاش الطلب الخارجي في سياق التراجع التدريجي للضغوطات التضخمية على المستوى العالمي. بالإظافة إلى ذلك، تعتمد هذه الآفاق على سيناريو أقل من المتوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2023-2024، نظرا لمستوى التساقطات المطرية وتوزيعها الزمني والجغرافي إلى حدود نهاية شهر دجنبر 2023.

وستسجل القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية زيادة ب%2,5 سنة 2024، لتبلغ مساهمتها في نمو الناتج الداخلي الإجمالي حوالي0,3 نقطة. وبناء على تطور أنشطة الصيد البحري، ستفرز القيمة المضافة للقطاع الأولي تحسنا ب %2,7 سنة 2024 عوض ارتفاع ب%6,7 المقدرة سنة 2023.

وستعرف الأنشطة غير الفلاحية نموا بمعدل%3,2 سنة 2024 عوض%2,7 سنة 2023، مدعومة بمواصلة القطاع الثالثي لنتائجه الجيدة وبانتعاش القطاع الثانوي. وبناء على تطور الطلب الداخلي والخارجي، ستسجل القيمة المضافة لأنشطة القطاع الثانوي تحسنا ب %2,8 سنة 2024 بعد انخفاضها ب %0,4 سنة 2023، مستفيدة من التأثير الإيجابي للانتعاش المرتقب لقطاع البناء وأنشطة المعادن وأنشطة الصناعات التحويلية.

كما ستسجل الأنشطة الصناعية زيادة ب %2,7 سنة 2024 عوض %0,6 سنة 2023، نظرا للانتعاش المرتقب للصناعات الكيمياوية وتعزيز صناعات السيارات لوتيرة نموها. وسيعرف قطاع المعادن زيادة ب%3,9 سنة 2024 عوض انخفاضات ب %-4,2 سنة 2023 و%-9,4 سنة 2022، مستفيدا من انتعاش الطلب الخارجي، خاصة ذلك الوارد من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في سياق الانخفاض المتوقع للأسعار العالمية للفوسفاط ومشتقاته.

بالإظافة إلى ذلك، سيعرف قطاع البناء والأشغال العمومية انتعاشا خلال سنة 2024، مستفيدا من الزيادة في الاستثمار العمومي خاصة في البنية التحتية ومن تنفيذ برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن، الذي يهدف إلى تحديث مقاربة الحصول على الملكية العقارية ودعم القدرة الشرائية للأسر عن طريق مساعدة مالية مباشرة. كما ستستفيد أنشطة هذا القطاع من برنامج إعادة إعمار وتهيئة المناطق المتضررة من زلزال الحوز، الذي رصد له علاف مالي قدر ب 120 مليار درهم للفترة 2024-2028. وهكذا، ستسجل القيمة المضافة لقطاع البناء والأشغال العمومية زيادة ب %2,8 عوض انخفاضات متتالية قدرت ب %1,3 سنة 2023 و %3,6 سنة 2022.

وستواصل أنشطة القطاع الثالثي دعمها للنمو الاقتصادي، مستفيدة من انتعاش الطلب الداخلي نتيجة تحفيزات برامج الدعم العمومي. وهكذا، ستسجل قيمتها المضافة سنة 2024، زيادة ب%3,4 عوض %4 سنة 2023. وتعزى هذه الوتيرة إلى النتائج الجيدة لأنشطة القطاع السياحي والنقل وكذا التحسن المرتقب للأنشطة المالية والعقارية.

في ظل هذه الظروف، وبناء على التطور المرتقب للضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب%3,2 ، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي زيادة ب%3,2 سنة 2024 عوض %2,9 المقدرة سنة 2023. وبناء على زيادة الناتج الداخلي الإجمالي الإسمي ب %6 سنة 2024، سيستقر التضخم المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي في حدود %2,8 سنة 2024 عوض %4,5 المقدرة سنة 2023 و %3,1 المسجلة سنة 2022.

طلب داخلي مدعوم بجهود الاستثمار العمومي
سيستفيد الطلب الداخلي من مجهود الاستثمار العمومي وكذا من برامج الدعم الاجتماعي المباشر للأسر في إطار تفعيل البرامج الاجتماعية التي حددتها الاستراتيجية الملكية. ومن المتوقع أن يشهد استهلاك الأسر زيادة طفيفة بنسبة 1,1% على خلفية تحسن المداخيل وتراجع نسبي للضغوطات التضخمية. وسيواجه الدخل المتاح للأسر، والذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 3.8%، تضخما في نفس المستوى. وبالتالي، ستظل القوة الشرائية للأسر تعاني من الآثار السلبية للتضخم، ومن المتوقع أن تسجل انخفاضا للعام الثالث على التوالي بنسبة 0.01% بعد 0.5% في عام 2023 و4% في عام 2022.

وستستمر أزمة التضخم، المستمرة منذ منتصف عام 2022، في التأثير على وضع الأسر، مما يؤثر بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض. وقد أدى هذا الوضع إلى انخفاض كبير في قدرتهم الشرائية وعرّضهم لصعوبات متزايدة في تلبية احتياجاتهم الأساسية. وكان للتضخم الإجمالي، الذي وصل إلى مستويات 6.6% في عام 2022 و6.1% في عام 2023، تأثير شديد على الفئات الاجتماعية والمهنية المعوزة مقارنة بالفئات الغنية.

وبالمقابل، سيعزز استهلاك الإدارات العمومية من وتيرة نموه لتصل سنة 2024 إلى %5,1، حيث سيساهم في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بنقطة واحدة. وبناء على هذه التطورات، سيسجل الاستهلاك النهائي الوطني زيادة ب %2,1 لتبلغ مساهمته في النمو حوالي 1,7 نقط سنة 2024.

بالإظافة إلى ذلك، سيساهم تعزيز التوجهات الملائمة للسياسة المالية المتعلقة بالاستثمار مصحوبة ببرامج النهوض بأنشطة قطاع العقار في انتعاش التكوين الإجمالي لرأس المال الثابث ب %4,7. وهكذا، سيسجل حجم الاستثمار الإجمالي زيادة ب %7,8، ليسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 2,1نقطة عوض 0,7 نقطة سنة 2023. وبالتالي، سيرتفع الطلب الداخلي ب %3,5، ليساهم في النمو الاقتصادي الوطني بـحوالي3,8 نقط عوض 1,8 نقطة سنة 2023.

انتعاش المبادلات الخارجية

سيؤدي تحسن الآفاق الاقتصادية للشركاء التجاريين الرئيسيين إلى تحفيز الطلب الخارجي بعد تباطؤه الملحوظ خلال سنة 2023، وبالتالي تعزيز العرض التصديري للاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، ستعزز الصادرات من السلع والخدمات من وتيرة نموها لتبلغ حوالي %7,6، مستفيدة من النتائج الجيدة لصادرات المهن العالمية ومنتجات النسيج والفوسفاط ومشتقاته بعد تخفيض رسوم الاستيراد المطبقة على الأسمدة الكيماوية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.

وسيساهم تحسن النمو الاقتصادي الوطني في زيادة الواردات، خاصة الواردات من أنصاف المنتجات وسلع التجهيز. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضعية غير الملائمة التي يعرفها الإنتاج الفلاحي ستحفز على اللجوء إلى الاستيراد لتغطية الحاجيات من المنتجات الغذائية والمنتجات الحيوانية. ومن جهة أخرى، سيمكن الانتعاش المتوقع لصادرات منتجات الفوسفاط من تحفيز الواردات من من أنصاف المنتجات. وبالتالي سيرتفع حجم الواردات من السلع والخدمات ب %7,8 عوض %6,5 المقدرة سنة 2023.

وسيمكن المنحى التنازلي المرتقب لأسعار المواد الأولية، خاصة المنتجات الطاقية والغذائية وتحسن شروط التموين على المستوى العالمي من تقليص الضغوطات التضخمية خلال سنة 2024. وفي ظل هذه الظروف، ستسجل قيمة الصادرات الوطنية من السلع والخدمات زيادة ب %7,6 ، في حين ستعرف الواردات ارتفاعا ب%7,3 ، وبالتالي سيصل عجز الموارد إلى حوالي%10,6 من الناتج الداخلي الإجمالي خلال سنة 2024. وبناء على تطور تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، سيفرز الحساب الجاري عجزا في حدود%0,4 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض فائض قدر بحوالي %0,1 سنة 2023.

وباحتساب حصة المداخيل الخارجية، الذي تمثل %7,2 من الناتج الداخلي الإجمالي، تعكس هذه الحاجيات التمويلية الفجوة بين الاستثمار الذي سيمثل حوالي %28,2 من الناتج الداخلي الإجمالي ومعدل الادخار الوطني الذي سيصل إلى حوالي%27,8 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024. ومن جهته، سيستقر معدل الادخار الداخلي في حدود%20,6 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %19,7 سنة 2023، نتيجة زيادة النمو الاقتصادي الإسمي ب %6 وارتفاع قيمة الاستهلاك الوطني ب%4,9 .

انخفاض طفيف في عجز الميزانية
سيواصل عجز الميزانية تراجعه خلال سنة 2024 مستفيدا من التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي الوطني ومن تقليص نفقات المقاصة، نتيجة الإصلاح التدريجي لسياسة دعم غاز البوتان تدريجيا والذي يمثل في المتوسط حوالي %60 من نفقات الدعم الإجمالي لأسعار الاستهلاك خلال الفترة 2014-2022.

وفي هذا السياق، ستستقر النفقات الجارية في حدود%20 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%20,5 المقدرة سنة 2023، نتيجة الانخفاض المتوقع لنفقات المقاصة التي ستبلغ%1,2 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض المتوسط السنوي %2 المسجل خلال الفترة 2014-2022. بالإظافة إلى ذلك، ستصل نفقات الاستثمار إلى حوالي %6,6 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %6,4 سنة 2023.

وبخصوص المداخيل الجارية، فإنها سترتفع لتصل إلى حوالي%21,8 من الناتج الداخلي الإجمالي، نتيجة الزيادة المتوقعة للمداخيل الجبائية وغير الجبائية. وفي ظل هذه الظروف، ستفرز المالية العمومية تراجعا في عجز الميزانية ليستقر في حدود %4,5 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024 عوض %4,7 سنة 2023.

إن تمويل احتياجات الدولة، بالتزامن مع برنامج المساعدة الاجتماعية والاستثمارات في البنية التحتية، ينبغي أن يتطلب تعبئة كبيرة للموارد المالية الداخلية والخارجية، في الوقت ذاته يؤدي ارتفاع الديون المستحقة وتكلفتها إلى اتجاه تصاعدي في نفقات خدمة الدين. حيث سترتفع نفقات الفائدة سنة 2024 بأكثر من 12 مليار درهم مقارنة بمتوسط الفترة 2014-2022 و8 مليار درهم مقارنة بسنة 2023، لتناهز حوالي 38,8 مليار درهم.

وهكذا، سيصل معدل الدين الإجمالي للخزينة إلى %72,4 من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما يمثل %54,5 بالنسبة للدين الداخلي و%17,9 من الناتج الداخلي الإجمالي بالنسبة للدين الخارجي. وبناء على حصة الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة الذي سيستقر في حدود%12,8 من الناتج الداخلي الإجمالي، سيبلغ الدين العمومي الإجمالي حوالي%85,2 (1300 مليار درهم) من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2024 عوض%85,6 سنة 2023. كما أن عكس هذا الاتجاه التصاعدي للديون ينبغي أن يتطلب اهتماما هاما بغية استقرار الوضع المالي للبلاد والحماية من التقلبات في النظام المالي الدولي، وتجنب الاعتماد المفرط على المانحين الخارجيين.

تباطؤ طفيف للكتلة النقدية
ستواصل وتيرة نمو الكتلة النقدية تراجعها خلال سنة 2024 لتسجل زيادة في حدود %5,2 عوض %5,3 المتوقعة سنة 2023. وتعزى هذه النتيجة أساسا إلى انتعاش القروض البنكية وانخفاض صافي الموجودات الخارجية من العملة الصعبة، حيث سيمكن هذا الأخير من تغطية 4,7 أشهر من الواردات من السلع. وبناء على تطور النقود المتداولة نتيجة الظرفية الملائمة لقطاع السياحة، سيتواصل تفاقم السيولة البنكية خلال سنة 2024.

خاتمة

لم يتمكن الاقتصاد الوطني بعد من تحقيق مستويات النمو المنشودة وذلك رغم استمرار مسار تعافيه، الشيء الذي يعكس تباطؤ المرحلة الانتقالية التي يمر منها من أجل استعادة المقومات الاقتصادية بشكل كامل. كما لم يتمكن الانتعاش الاقتصادي غير الكافي بعد جائحة كوفيد-19 من تغطية الخسائر الناتجة عن التراجع الحاد للنمو الاقتصادي خلال سنة 2020. ويتجلى ذلك أساسا على مستوى سوق الشغل الذي يواصل تأثره بالصعوبات التي عرفها جراء فقدان حوالي 432 ألف منصب شغل سنة 2020 نتيجة تأثير صدمة كوفيد.

إن النمو الاقتصادي الذي يتأثر بشكل كبير بتعاقب سنوات الجفاف وتداعيات استمرار التوترات الجيوسياسية، يبقى دون المستوى الذي يمكنه من دعم فرص الشغل بشكل يسمح بالعودة إلى معدلات البطالة المسجلة قبل الأزمة. وفي هذا السياق، فقد سجل الاقتصاد الوطني خسارة صافية سنوية متوسطة تزيد عن 75 ألف منصب شغل خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وسيؤثر هذا المنحى بشكل كبير على تطور الدخل والادخار، خاصة في سياق يتسم بصعوبة تراجع التضخم، الشيء الذي يستدعي مضاعفة المجهودات لتحفيز الاقتصاد أكثر من أي وقت مضى.

وتفرز التوقعات المعتدلة للنمو الاقتصادي، الأهمية القصوى لتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي الذي يخلق فرص الشغل. وقد أصبحت هذه الضرورة أكثر إلحاحا خاصة مع تراجع محتوى النمو الاقتصادي من مناصب الشغل وكذا تراجع النمو المحتمل للاقتصاد الوطني الذي يأخذ اتجاها تنازليا.

وفي سياق الإكراهات الخارجية والداخلية للاقتصاد الوطني، خاصة تلك المتعلقة بمدى فاعلية السياسة المالية، فإنه لا بد من خلق هوامش مالية إضافية للمساهمة بشكل أكبر في عملية تحفيز النشاط الاقتصادي.

زر الذهاب إلى الأعلى