أخبار الدار

“الإخوة الأعداء”.. كيف تنجحين في فصل النزاع بين الأبناء؟

"إنه يتنفس الهواء الذي أتنفسه"، إلى هذا الحد يصل الأمر أحيانا بين الإخوة، فأحدهما لا يطيق الآخر، ولا ينتهي الشجار أبدا، فهو يتجدد من العدم ويستمر بلا حدود ولا يتوقف أحيانا إلا إذا فقد أحد الأبوين أعصابه.

تقول مي الأم لثلاثة أبناء "أكره قيادة السيارة ومعي أبنائي، فهم يثيرون غيظي وجنوني حد أنني أريد أن أصدم السيارة بأي شيء أمامي، ليدرك الجميع أنني غاضبة ويتوقفوا عن الصراخ وأتمكن أخيرا من الاستمتاع بالهدوء".

تستطرد مي (30 عاما) قائلة "يجلس ابني وابنتي وحدهما في الكرسي الخلفي للسيارة الذي يتسع لأربعة أشخاص أو خمسة من حجمهما الصغير، وبالرغم من ذلك فهما يتعاركان على المساحة وأيهما يضع جزءا من رجله على نصف الكرسي الخاص بالآخر، ويصل الأمر أحيانا للعراك بالأيدي".

تؤكد مي على أن الحل الوحيد الذي وجدته لهذه المعضلة الحياتية المتكررة هو وضع عقاب شديد للعراك داخل السيارة، وبمجرد أن يبدأ التناوش تلوح بالعقاب بصوت هادئ واثق من نفسه، وهم يعرفون أنها ستنفذه، عندئذ يصمت الجميع.

يتعجب الآباء من أمر أبنائهم، فقد يتعاركون طوال اليوم دون كلل أو ملل، ولكن بمجرد وضع طفل من خارج الأسرة بين الأشقاء ليلعب معهم، ينقلب الموضوع من شجار دائم إلى استمتاع دائم. فما السبب وراء ذلك؟

لماذا يتعارك الأبناء؟
تجيب عن هذا السؤال المستشارة التربوية والاجتماعية، فتقول إن أسباب العراك بين الأشقاء تتوقف على المرحلة العمرية، فالأبناء أقل من 12 عام يتعاركون لجذب انتباه الأبوين، حتى لو كان جذب الانتباه يتم بشكل سلبي من خلال العراك، فهذا أفضل للأطفال من "صفر" اهتمام.

والحل لمسألة العراك في هذه المرحلة العمرية يكون بقضاء الأبوين وقتا مع كل طفل على حدة، حيث إن كل ابن من الأبناء بحاجة ماسة إلى وقت خاص به وحده مع أبويه ليشبع عاطفيا، ولا بد من تحديد لغة الحب الخاصة بالطفل لإشباعه عاطفيا من خلالها.

وتوضح نيرمين أن الشجار هو محاولة من الطفل لأخذ ما لدى غيره (الأخ أو الأخت) من اهتمام أو ميزات لأنه ليس مشبعا عاطفيا ويشعر بالنقص، ولكن في حال كان الابن واثقا من نفسه ومن حب أبويه غير المحدود له، فلن يتشاجر مع إخوته.

أما ما تفعله الأم أحيانا من أنها تحاول حل المشكلة حينما يستنجد أحد الطفلين بها، بسماع تفاصيل العراك منهما، فإنه "لن يخمد النار إلى الأبد، ولكن ما حدث أنها قامت بحل المشكلة الآنية التي من المتوقع أنها ستتجدد بعد خمس دقائق. الحل يكمن في تخصيص وقت للأبناء للعب والحكي، مع التأكيد على عمل ذلك بشكل جماعي (جميع الأبناء معا) وبشكل فردي (كل ابن على حدة)".

وبحسب المستشارة التربوية والاجتماعية، فإن لشجار الأبناء فوق الـ12 عام عدة أسباب، فعادة يكون ذلك بسبب عدم احترام حدود الآخرين، سواء بالتعدي على خصوصياتهم أو بأخذ أشيائهم دون استئذان، وهذا يولد شعورا بعدم الاحترام، وهنا تظهر الحاجة إلى الدور التربوي للأبوين بشدة، حيث يجب وضع قواعد تتعلق باحترام الآخرين وأشيائهم، ووضع قوانين لاستخدام الأشياء الخاصة بكل فرد، وأن تسري هذه القوانين على الجميع في المنزل.

هل الحب شرط للسلام المنزلي؟
تؤكد
المستشارة التربوية والاجتماعية على أن عدم إشاعة الحب والحنان والاهتمام بين أفراد الأسرة من الأسباب القوية للشجار بين الأبناء.

جميع الآباء يحبون أبناءهم، ولكن المشكلة تكمن في قلة التعبير عن الحب بالشكل الذي يفهمه الأطفال ويدركونه، وبالتالي تقديم الإشباع العاطفي الكامل لهم. كما أن إظهار الحب بين الأب والأم يقلل كثيرا من الشجار بين الأبناء، حيث يشعرون بالسلام الداخلي والاستقرار النفسي والأسري؛ وفي حال كان العكس فإن الشجار بين الأبناء قد يزداد.

الأطفال مثل الإسفنجة يشاهدون بدقة أسلوب الحوار بين الوالدين وردود فعل كل منهما، فهم يراقبون التعدي على الحقوق، والاستفزاز في النقاش، وطريقة الانتقام؛ ومن ثم يقلدون كل ذلك بين بعضهم بعضا. ولهذا فإن على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم.

سياسة الثواب والعقاب
تؤكد المستشارة التربوية أنها ليست من أنصار هذه السياسة، فالثواب والعقاب لا يكون للعراك من أجل العراك ولكن يكون للسبب الذي حدث من أجله العراك، والعقاب يكون من نفس جنس العمل، فالأخ الذي تعمد كسر ساعة أخيه عليه إصلاحها من مصروفه.

هل يجب أن تتدخل الأم كل مرة لحل الشجار؟
وتقول إن تدخل الأم أو الأب وقت الشجار فكرة فاشلة، خصوصا وقت العراك نفسه، فقد يأخذ الأب جانب أحد الطفلين، وهذا يعطي انطباعا بالتحيز والتفضيل، وبمجرد تكوين هذه الانطباع لدى الابن الآخر يصعب تغييره.

الحل يكمن في أن يجلس الأب/الأم مع كل طفل على حدة وبشكل منفصل، ويحاول إفهام كل منهما الخطأ الذي قام به وساهم في استمرار العراك. الحل ليس في إلقاء اللوم على الآخر، جميعنا وقت العراك نركز على تصرفات الآخرين ولا ننتبه لردود أفعالنا.

على الأبوين إفهام الأبناء قاعدة ثابتة في الحياة وهي أنه لا يوجد شخص بريء تماما وآخر مذنب كليا، لا يوجد شخص مسؤول مسؤولية كاملة عن أي مشكلة، إفهام الأطفال هذه القاعدة يسهل عليهم الحياة نفسها في المستقبل.

تمرين الأولاد على التحكم في النفس من خلال التحكم في التصرفات وردود الأفعال، هو الأهم، لأننا لسنا مخولين بتغيير تصرفات الآخرين، نحن فقط نتحكم في أنفسنا. كما أنه ليس من العدل تحميل الآخر المسؤولية الكاملة عن المشكلات التي تحدث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى