أخبار الدارسلايدر

حصيلة السكنى والتعمير.. نقطة تميز لفريق أخنوش وتعزيز لمفهوم الدولة الاجتماعية

الدار/ تحليل

الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة اليوم بمناسبة جلسة المناقشة الشهرية أمام مجلس النواب تمثل لحظة مختلفة تماما عن كل الجلسات السابقة. هي ليست كذلك لأنها تضمنت كماً هائلا من المعطيات والأرقام والبيانات التي تظهر تقدم المشاريع المدرجة في إطار برامج السكن فحسب، بل لأنها تكشف فعلا عن أحد وجوه النجاح التي حققتها الحكومة الحالية بقيادة عزيز أخنوش. لا يمكن أن ننكر أن المشروع الملكي لدعم السكن، يعد في الوقت الحالي إحدى الثورات الاجتماعية الكبرى التي شهدتها بلادنا منذ الاستقلال. لقد شكل برنامج مدن بدون صفيح ثم برنامج فوكاريم لدعم السكن في لحظة من اللحظات ورشين كبيرين ومؤثرين في المجال الاجتماعي، لكن الوتيرة التي يسير بها المشروع الجديد لدعم السكن تؤكد أننا انتقلنا في ظل الحكومة الحالية إلى مرحلة مميزة تماما عن سابقاتها.
قد يتوهم بعض المتابعين للشأن الحكومي أن هذا التحول الجوهري في سياسة السكنى والتعمير يرتكز فقط على هذا الورش الخاص بتقديم الدعم للسكن الاقتصادي والمتوسط، لكن البيانات التي أوردها رئيس الحكومة تؤكد أن هناك مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد تبدأ بتسهيل مساطر التعمير وتمر بتسريع وتيرة إعادة إعمار المتضررين من الزلزال وتصل إلى إنهاء ورش مدن بدون صفيح وتقديم الحصيلة الخاصة بمشروع دعم السكن. يكفي أن نتوقف عند رقم واحد أعلنه رئيس الحكومة أمام مجلس النواب. فإلى غاية صباح اليوم 15 يوليوز 2024، بلغ عدد الطلبات الواردة على المنصة المخصصة للدعم ما مجموعه 84.500 طلب استفادة. كما استفاد إلى غاية نفس التاريخ أزيد من 17.000 مستفيد، 44% منهم نساء، و22% منهم مغاربة مقيمون بالخارج.
لا داعي للتذكير هنا بتفاصيل الشروط والدعم المخصص الذي يصل إلى مليارات الدراهم، لكن من المفيد التوقف عند فكرة المقاربة الشمولية التي تسهل هذه العملية. فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة تسهل على المستفيدين عملية الحصول على الدعم والقيام بالإجراءات الخاصة بالتسجيل والتحفيظ والاستفادة من خدمات التوثيق دونما حاجة إلى الدخول في مساطر بيروقراطية طويلة قد تتطلب أسابيع أو شهورا. هناك إذن وعي حكومي كبير بأن الهدف من البرامج السكنية يجب أن يتجاوز الغاية الأولية والأساسية المتعلقة بالإسكان أو إعادة الإيواء ويصل إلى مرحلة أكثر تقدما ترتكز على تسهيل الروتين الإداري والتخلي عن العراقيل التقليدية وتعزيز الموثوقية والمصداقية. ومن المؤكد أن هذا البرنامج الملكي لدعم السكن سيحرق الكثير من المراحل ويساعد على الانتقال قريبا إلى مستويات أخرى من التخطيط في مجالات الإسكان والتعمير.
هل يمكن إذاً أن نعتبر قطاع السكنى والتعمير أحد نقاط القوة التي تميز أداء الحكومة الحالية؟ إذا تناولنا الموضوع من زاوية التفعيل والإنجاز، فمن المؤكد أن الجواب سيكون بالإيجاب. هناك تقدم كبير على مستوى الأرقام المحققة، وإذا تطرقنا إلى هذا السؤال من زاوية الشمولية فمن المؤكد أن سياسة التعمير والسكنى التي بلورتها الحكومة الحالية تعد الأكثر شمولا والتقائية منذ الاستقلال. الدليل على ذلك أن كلمة رئيس الحكومة تطرقت إلى كافة أبعاد هذه السياسة بدء بالحوار الوطني للتعمير والإسكان وإعداد التصور المبتكر للقطاع مرورا بسياسة المدينة وتثمين ورد الاعتبار للمدن العتيقة، وانتهاء بالعرض الترابي الموجه للاستثمار والبعد التشريعي والتنظيمي.
لقد كانت سياسة التعمير والسكنى في الحكومات السابقة تتعرض إلى انتقادات شديدة بسبب عجزها عن إدماج كل القطاعات الحكومية الأخرى والاحتياجات المختلفة في استراتيجياتها ومخططاتها. لكن السياسة التعميرية التي تفعّلها الحكومة الحالية تظهر هذه القدرة على الاستشراف وتعبئة كل الفاعلين والمسؤولين، وإشراك كل القطاعات سواء تعلق الأمر بالقطاعات الحكومية أو الإدارات العمومية أو المجتمع المدني أو المسؤولين الترابيين من أجل العمل على تنزيل التوجيهات الكبرى التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس في خطابات ورسائل عديدة. وإذا اكتفينا بالتركيز على هذا البعد المندمج لسياسة التعمير والسكنى في حكومة عزيز أخنوش فمن المؤكد أن رد الاعتبار لأداء هذه الحكومة يعد نتيجة منطقية سواء بالنظر إلى الأرقام أو المضامني. ولعل الحصيلة الختامية التي ستسجلها هذه الحكومة في مجال إدارة قطاع السكنى والتعمير ستجعلها جديرة دون مبالغة بوصف الحكومة الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى