الفشل الأولمبي.. هل حان وقت التكليف بدلا من التشريف في تسيير الشأن الرياضي؟
الدار/ تحليل
الاندحار في سبورة الميداليات الخاصة باتلألعاب الأولمبية ليس جديدا على الرياضة الوطنية. لم يكن المغرب يوما على غرار معظم الدول الإفريقية والعربية أمة رياضية تنافس في هذه الألعاب دولا مثل الصين أو الولايات المتحدة أو ألمانيا. لقد تعودنا دائما على المشاركة بوفد محدود وأبطال معدودين لا يتجاوزون في الغالب الأدوار الأولى. لكن ما حدث في أولمبياد باريس يثير الكثير من الامتعاض بل الغضب في صفوف الجمهور لأننا نعيش مرحلة جديدة في تاريخ الرياضة المغربية. يمكن أن نسميها مرحلة ما بعد مونديال قطر الذي شهد إنجازا كرويا تاريخيا حققته كرة القدم الوطنية من خلال بلوغ نصف نهائي كأس العالم.
لقد خلف هذا الإنجاز أثرا إيجابيا بالغا ونظرة متفائلة جدا بقدرة اللاعب والرياضي المغرب على تحقيق إنجازات على غرار باقي الرياضيين من دول العالم. لذا؛ أصبح سقف التوقعات عاليا جدا في كل المسابقات والمنافسات القارية والدولية ولهذا عندما يخرج المتسابقون المغاربة من منافسات الأولمبياد صفر اليدين دون تحقيق أي ميدالية فهذا يثير الكثير من التساؤلات حول جدوى المنظومات الرياضية، ولا سيما الجامعات المشرفة على باقي الأصناف الأخرى، وأساسا حول دور اللجنة الأولمبية الوطنية. ومن المؤكد أن أول ما يُعاب على هذه الجامعات وعلى اللجنة الأولمبية مشكلة غياب أهل الاختصاص في تسيير الشأن الرياضي وخلود بعض المسؤولين في مناصب تكاد تكون شرفية بالنسبة إليهم.
هل يُعقل أن يستمر مسؤول في اللجنة الأولمبية على مدار عقدين من الزمن ويعاصر 5 دورات أولمبية دون نتيجة تذكر ومع ذلك يحافظ على منصبه دون أي انتقاد أو محاسبة؟ يجب أن نتساءل فعلا عن جدوى هذا المنطق الذي يجعل جامعة مهمة للغاية مثل جامعة ألعاب القوى تحت إشراف رئيس لا علاقة له بالميدان بينما يظل أبطال عالميون وأولمبيون سابقون خارج المسؤولية والمساهمة في تدبير هذا الشأن الرياضي!! لا شك أن حصيلة الفشل في أولمبياد باريس تعود أولا وقبل كل شيء إلى فشل في التسيير وإدارة الاستحقاقات والاستعداد لها. وعندما نتفق على أنها أزمة تسيير فهذا يعني أننا نتحدث عن أزمة نخب.
نحن في حاجة إلى عملية تجديد شاملة للأطر والنخب المشرفة على إدارة الشأن الرياضي بما في ذلك الجامعات الملكية لكافة الأصناف الرياضية وكذا اللجنة الأولمبية. ليس عيبا أن يقدم المسؤول الفاشل الذي لم ينتج أي سياسة رياضية ناجعة أو استراتيجية مثمرة في ميدان تنشئة الأبطال وإعدادهم للاستحقاقات العالمية والأولمبية استقالته من منصبه، ويفسح المجال أمام الأطر الشابة التي تمتلك القوة الاقتراحية والأفكار والطموحات الكفيلة بجعل بلادنا في مصاف الدول المنافسة، ليس على الصدارة بالضرورة ولكن على مراتب متوسطة على الأقل تضمن رفع الراية الوطنية وعزف النشيد الوطني في محفل دولي على غرار الألعاب الأولمبية.
مناصب المسؤولية في القطاع الرياضي يجب ألا تظل امتيازا أزليا أو مجاملة لهذا المسؤول أو ذاك. نحن في حاجة عاجلة إلى دمقرطة تدبير الشأن الرياضي ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. أما التعامل مع هذه المسؤولية بمنطق الإسناد الشرفي فلم يعد حلا مجديا، واتضح أنه يعطل تقدم هذا القطاع وإسهامه في إشعاع بلادنا وتقدمها، واستيعاب مواهبها وأبطالها الواعدين. لدينا ما يكفي من الطاقات الشابة التي تحتاج فقط إلى الاهتمام والإنصاف والعناية لتطوير قدراتها وإمكاناتها الهائلة. لهذا يجب أن نعطي الخبز لخبازه، ونحمّل أهل الاختصاص هذه المسؤولية. ومن المؤكد أننا إذا عجّلنا بذلك سنرى نتائجه العملية في الدورة الأولمبية المقبلة بعد 4 سنوات.