أسود الأطلس يمنحون المغاربة ميدالية مستقبل الكرة الوطنية
الدار/ تحليل
من الواضح أن المنتخب الأولمبي كان يستحق الذهب دون منازع. الأداء الذي قدمه اليوم في مواجهة المنتخب المصري بمناسبة مباراة الترتيب كان خرافيا بكل المقاييس. اللاعبون أظهروا قدرة احترافية عالية، وسيطروا على المباراة، وكانوا متفوقين في كل الثنائيات واستطاعوا أن يفرضوا إيقاع لعبهم الخاص على فريق ليس من السهل أبدا التغلب عليه. هذا يعني أن المنتخب الإسباني سرق الفوز في الحقيقة من المنتخب الوطني لكرة القدم في مباراة نصف النهائي، ولولا سوء الحظ وبعض لحظات التشتت وعدم التركيز على المستوى الدفاعي لكان منتخبنا اليوم يستعد للمباراة النهائية في مواجهة المنتخب الفرنسي. كم كنّا نتمنى ذلك على الأقل من أجل الثأر لمباراة نصف النهائي في مونديال قطر.
لكن مع ذلك، فإننا فخورون بأداء الأسود والنتيجة التاريخية التي حققوها بالحصول على الميدالية البرونزية ولا سيّما في سماء القحط الأولمبي التي قطعتها المشاركة المغربية خلال أولمبياد باريس. باسثتناء الميدالية الذهبية التي انتزعها بالأمس العداء الأسطوري سفيان البقالي والميدالية النحاسية التي حصل عليها أسود الأطلس اليوم تظل هذه المشاركة باهتة إلى أقصى حد، ولم نتمكن خلالها من تبوّئ مرتبة تليق بمواهبنا وقدراتنا والإمكانات المالية والتقنية التي أتيحت للتحضير لمنافسات هذه المسابقة العالمية. على الأقل يمكن أن نقول دون أيّ تردد إننا كسبنا منتخب المستقبل، وأن عناصره ستشكل دكة احتياط مناسبة جدا لمنتخب الكبار، بينما يجب أن يأخذ آخرون مكانتهم مباشرة بين أشبال وليد الركراكي.
سفيان رحيمي وإلياس أخوماش على سبيل المثال لاعبان لم يعد من المقبول أبدا تهميشهما في منتخب الكبار، ويجب أن تصبح مشاركتهما الرسمية حقا مكتسبا على الأقل في إطار مباريات المنافسات الإقصائية ومنها إقصائيات كأس العالم 2026. ما الذي يتعين علينا استخلاصه إذاً من دروس من المشاركة التي قدمها أسود الأطلس في أولمبياد باريس؟ الدرس البليغ الذي وصل إليه الجميع دون استثناء هو ضرورة الفصل بين الصلاحيات والاختصاصات المتعلقة بمدربي المنتخبات الوطنية لكرة بكافة فئاتها ومستوياتها. طارق السكتيوي مدرب المنتخب الأولمبي ويجب أن تُوفر له كامل الصلاحيات لأداء هذه المهمة دون تدخل أو تطفل من أيّ جهة أو شخص مهما اعتقد أنه خبير أو عالم من علماء كرة القدم.
ما حدث في مباراة المغرب ضد المنتخب الإسباني في الكواليس يجب ألّا يتكرر أبدا. ونحن في الحقيقة لا زلنا في حاجة إلى سماع التفسيرات والتوضيحات المتعلقة بما حدث في تلك الليلة. هل كان حضور الركراكي تحفيزياً فقط أم كان تدخلاً سافراً في صلاحيات المدرب السكتيوي وأدى فعلا إلى تراجع اللاعبين واكتفائهم بالأداء الدفاعي؟ وعلى وليد الركراكي بالمناسبة أن يتحمّل كامل مسؤولياته في هذا الإطار، ويخرج إلى الرأي العام الوطني لتوضيح ما جرى، وإذا تطلب الأمر أن يقدم اعتذاره وتعهده بعدم تكرار ذلك، فعليه أن يفعل ذلك. ليس هناك أيّ عيب في الاعتذار عند الخطأ، ووليد الركراكي لاعب ومدرب لديه حس احترافي كبير وهو معتاد على التواصل بفعالية وصراحة.
كان من الممكن أن نحصل على الذهب في هذه المنافسة لولا التعثر المفاجئ أمام المنتخب الإسباني والهفوات التي ارتكبها اللاعبون والمدرب، لكن كي نظل محافظين على روح الانتصار والتفاؤل التي رأيناها اليوم أمام المنتخب المصري فإننا نؤكد أهمية الاستفادة من العناصر المشكلة لهذا المنتخب، الذي نجح في ظرف وجيز في تحقيق حالة انسجام قوية وتناغم كبير بين اللاعبين. والميدالية الذهبية التي منحها لنا أشبال السكتيوي اليوم هي ميدالية الاطمئنان على مستقبل المنتخب الوطني بهذه المواهب الاستثنائية التي اكتشفناها أكثر خلال هذه المنافسات.