أخبار الدارالرياضةسلايدر

ربط المسؤولية بالمحاسبة.. هل يحتاج الشأن الرياضي إلى ثورة شفافية؟

 

الدار/ تحليل

من الواضح أن الامتعاض والانزعاج من النتائج الأولمبية المخيبة شعور عامّ، وقد أثر في المغاربة كافة دونما استثناء. لقد استفقنا مرة أخرى من وهم طال سنوات لنكتشف أننا لا نملك أبطالا حقيقيين في معظم الرياضات، وأننا لا نستطيع أصلا أن نشارك في بعضها. والمخجل في هذا الواقع هو أننا ظللنا سنوات طويلة نزعم أننا نحضر لهذه الأولمبياد وندعم بعض الرياضيين ونخصّص الميزانيات وفي النهاية نحصد الفشل الذريع. ومما زادنا حنقا وكمدا ما نسمعه من تصريحات بعض المسؤولين في اللجنة الأولمبية الذين لم يتأخروا في ترديد خطاب المشاركة المشرفة الذي أكل عليه الدهر وشرب.

والغريب أن المسؤول التقني المذكور كان يتحدث بجدية بالغة عندما قال إن مجرد المشاركة يعد إنجازا. السؤال الذي يطرح نفسه إذاً: هل تم تعيين اللجنة الأولمبية وتخصيص الموارد المالية لها من أجل المشاركة في الأولمبياد؟ من المؤكد أنه طموح صغير جدا، لم يعد يليق ببلد مثل المغرب بدأ مشاركاته الأولمبية وحصد أولى ميدالياته في الستينيات. لم يعد هذا الطموح يليق ببلد شرف الكرة الإفريقية والعربية في كأس العالم، ويستعد لاحتضان كأس عالمية استثنائية في سنة 2030. هل يدرك المسؤول التقني أن بلادنا لديها إشعاع أولمبي منذ زمن طويل بفضل أطر استثنائية مثل نوال المتوكل التي تشغل منصب نائبة اللجنة الأولمبية الدولية منذ زمن؟

ما يمكن فعله بعد هذه الحصيلة الهزيلة هو إطلاق مرحلة جديدة قوامها تعاقد مختلف ينبني على المشاريع والنتائج الدقيقة. هناك مشروع أولمبي يجب أن يبلوره المسؤولون عن اللجنة الأولمبية ومشاريع قطاعية يجب أن تضعها الجامعات المشرفة على مختلف الأصناف الرياضية. لا يمكن مواصلة تخصيص الدعم للجامعات الرياضية دون برامج متعاقد عليها لتحضير الأبطال وإعدادهم للمنافسات العالمية. وهذا النوع من البرامج يحتاج إلى اجتهاد حقيقي من مسؤولي هذه الجامعات، الذين ينشغل بعضهم للأسف بالخرجات الإعلامية بدلا من التركيز على تطوير القطاعات التي يرأسونها. والمشكلة الحقيقية التي تعقد هذا الملف هي غياب أي انشغال أو توجه نحو الاهتمام بهذه المشاريع، في ظل هيمنة ثقافة المسؤولية الشرفية أو الحزبية أو السياسية على هذه الجامعات.

لذلك يبدو أن ربط المسؤولية بالمحاسبة في القطاع الرياضي هو المدخل الضروري لإطلاق هذه المرحلة الجديدة. ولتكن البداية باللجنة الأولمبية الحالية التي من المؤكد أنها في حاجة إلى إعادة هيكلة تنظيمية مع توضيح الأدوار والصلاحيات، علاوة على وضع برنامج للسنوات الأربع القادمة استعدادا للألعاب الأولمبية القادمة. دون هذه الرؤية التعاقدية لا يمكن محاسبة أي مسؤول ولا متابعة عمله، ولا تقييم مدى التقدم المحقق في تطوير قدرات الأبطال والأندية. ولن نبالغ إذا أكدنا أن هذه الرؤية في حاجة إلى قرار سياسي شجاع يحمّل الجميع مسؤولياتهم، ويُشركهم في توفير مقومات الإصلاح والنجاح والتميز.

لم يعد من المقبول إذاً الترويج لفكرة المشاركة المشرّفة في ظل هذا الطموح الكبير التي يتشاركه المغاربة ملكا وشعبا وحكومة. ومع تزايد الاهتمام الكبير بالشأن الرياضي من قبل الجمهور المغربي، أصبح منطق الفعالية شرطا من شروط الأداء التسييري الجيد الذي يمكن أن ينشئ فعلا بنية رياضية محترمة ومبشرة. نحن نتحدث عن بلد رائد عربيا وإفريقيا، وكان من أول البلدان التي شاركت في هذه الألعاب وتركت بصمتها بفضل رياضيين مشاهير مثل سعيد عويطة ونوال المتوكل وهشام الكروج. لذلك يستحق أن تتخذ السلطات القرار السليم لفتح هذا الورش دون أدنى تردد أو تأخير، وإطلاق ثورة شفافية.

زر الذهاب إلى الأعلى