بعد الإهانة الموريتانية.. لا أحد يستقبل بن بطوش بعد اليوم غير الرئيس الدمية !!
الدار / تحليل
لم يستسغ إعلام العسكر في الجزائر المعاملة الباردة والباهتة التي تعرض إليها زعيم عصابة الانفصاليين بن بطوش في موريتانيا. ولم تتوقف أبواق الكابرانات عن قذف الرئيس الموريتاني ونعته بأقذع السباب والشتائم فقط لأنه وضع بن بطوش في المكانة التي يستحقها. أي أنه مجرد قائد لميليشيا مسلحة ولا يمكن أبدا مقارنته برئيس دولة أو حكومة يجب أن يحظى بالاستقبال الذي يستحقه أو البروتوكول الضروري لقيمته ووضعه. ولعل الصدمة التي تلقاها الكابرانات بعد هذه المعاملة المهينة التي تعرض إليها بن بطوش تذكّر من جديد بأن العزلة التي يعيشها نظام العسكر في الجزائر يضيق خناقها يوما بعد يوم.
وموريتانيا بالمناسبة بلد جار يعرف جيدا حقيقة النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، ويفهم قادته أن الأمر لا يعدو أن يكون مكيدة جزائرية تحولت بمرور السنوات إلى قضية خاسرة ولا سيّما بعد أن أكدت العديد من الدول والقوى العالمية في الآونة الأخيرة اعترافها بمغربية الصحراء. والرئيس الموريتاني الذي عبر في الشهور القليلة الماضية عن مواقف شجاعة تجاه القضايا المشتركة، وعلى رأسها مستقبل اتحاد المغرب العربي، أضحى اليوم عدوا لدودا للإعلام الجزائري، الذي يعتقد المشرفون عليه أن بعض المبادرات التنموية المشتركة مثل إطلاق طريق تندوف-زويرات لتشجيع التجارة البينية يمكن أن يشكل رشوة كافية لشراء ذمة النظام الموريتاني. ينطوي هذا الخطاب للأسف على احتقار صريح للإخوة الموريتانيين مثلما حدث مع التونسيين والفلسطينيين وغيرهم.
والمهزلة الكبيرة التي تواكب هذا الانفعال الكابراني الجديد هو الاعتقاد بأن بضع شاحنات مهترئة تنقل بعض المصبرات المستوردة من دول أخرى لموريتانيا يمكن أن تشكل ثورة تنموية بين البلدين. هذه العقلية المتخلفة التي لا ترى ما يحدث حولها من تطورات هي التي تسمح لهؤلاء الجزائريين الموتورين بهذه الوقاحة والصفاقة في التقليل من شأن الجيران. الرئيس الموريتاني يمثل شعبا مستقلا ذا سيادة ومن حقه أن يعبر عن سياسة بلاده الخارجية وفقا لرؤيته وقراراته الخاصة ومصلحة بلاده. وإذا أراد أن يستقبل أو يتجنب استقبال أي مسؤول فهذا حقه الشرعي الكامل الذي لا يمكن التشكيك فيه.
وإذا كان هذا الرئيس قد قرر تخصيص استقبال باهت لزعيم ميليشيا البوليساريو فهذا أيضا من حقه وشأنه الخاص. وهذا القرار بالمناسبة هو مجرد إشارة دبلوماسية إلى قرارات أكثر شجاعة وجرأة تستعد نواكشوط لاتخاذها مستقبلا. وعلى الكابرانات أن يحضروا أنفسهم قريبا لتحول جوهري سيشهده هذا الموقف على غرار ما عبرت عنه الكثير من الدول وآخرها الجمهورية الفرنسية التي حسمت أخيرا موقفها الداعم للوحدة الترابية للمملكة. ومرد هذا التحول إلى الوعي الموريتاني الجديد بانعكاسات هذا النزاع المفتعل على المنطقة ومستقبلها، وقد كان هذا الوعي وراء رفض القيادة الموريتانية الانسياق وراء مشاريع الوحدة الوهمية التي أراد نظام الكابرانات فرضها بدلا من اتحاد المغرب العربي.
لقد خسر هذا النظام كل الأصدقاء والحلفاء. وها هو الآن في طريقه إلى خسارة الجيران أيضا بسبب منطق التعالي والعجرفة الذي يتعامل به مع دول شقيقة لها قيادتها وسيادتها. أنْ يغضب الكابرانات على رئيس دولة مستقلة مثل موريتانيا لأنه لم يحسن استقبال زعيم عصابة مثل بن بطوش دليل آخر على انهيار أطروحة الانفصال وتوجس النظام الجزائري من القادم والمفاجآت التي ستهز أركانه. وتسليط الماكينة الدعائية على الجيران للتجريح والقذف أسلوب يعبر عن مستوى هذا النظام والعقليات المسيطرة عليه. والحقيقة الساطعة التي يتهرب منها هذا النظام مؤلمة ومدمرة لكبريائه وعجرفته. لن يحظى بن بطوش باستقبال أي رئيس أو زعيم في العالم غير الرئيس الدمية عبد المجيد تبون.