هل حان موعد طرد عصابة البوليساريو من الاتحاد الإفريقي؟
الدار/ تحليل
مضى 40 عاماً على الزلّة السياسية الكبرى التي اقترفتها بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي عندما قبل عضوية عصابة انفصالية بإيعاز من الجزا ئر، وتمويل منها. هذا الخطأ التاريخي الذي شكل سبب القطيعة بين المغرب ومنظمة الوحدة الإفريقية ثم الاتحاد الإفريقي على مدار عقود طويلة يحتاج إلى إصلاح لاستكمال عملية العود المظفرة للمملكة المغربية إلى رحاب هذه المنظمة الإفريقية العريقة منذ سنة 2017. ولعلّ المصالحة بين المغرب وهذه المنظمة تحتاج اليوم إلى قرار شجاع وجريء من الدول الأعضاء لطرد جبهة البوليساريو الانفصالية، وتصحيح الخطأ القانوني والتاريخي والاستراتيجي الذي دفعت القارة السمراء ثمنه غالياً.
من غير المعقول أن تستمر هذه العصابة المسلحة في الاستفادة من صفة العضوية علما أنها ليست دولة عضوا في هيئة الأمم المتحدة، ولا تمثل بلدا كامل السيادة على غرار الدول الأخرى. الدول التي يضمها الاتحاد الإفريقي كلها بلدان تتمتع بسيادة كاملة ولها حدود واضحة وشعوب معروفة وليست جزء من أيّ منطقة نزاع أو صراع، أو مجرد منظمة راديكالية مسلحة. من المعيب أن يجلس ممثل جبهة انفصالية مسلحة مثلا في اجتماعات الاتحاد الإفريقي إلى جانب مسؤولي دول مستقلة وعريقة وذات سيادة مثل مصر أو الكونغو أو تنزانيا. إنها وضعية شاذة قانونيا ودبلوماسيا ومن الضروري أن يتم إنهاءها في أقرب وقت لعدة اعتبارات.
الاعتبار الأول هو أن جلّ دول العالم ولا سيما من القوى الدولية الوازنة قررت حسم مواقفها تّجاه الوحدة الترابية للمملكة، ودعم سيادة المغرب على صحرائه. الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة، ثم فرنسا مؤخرا كلها أدركت أن فكرة استنبات دويلة وهمية في منطقة الصحراء المغربية مجرد مغامرة أمنية وجيواستراتيجية ينبغي التوقف عنها. أوهام الحرب الباردة والصراع الإيديولوجي الموروث عن فترة المواجهة بين الاتحاد السوفياتي وأميركا انتهت إلى غير رجعة، ولن تعود. وإذا كانت الدول الوازنة قد أدركت ذلك، فعلى إفريقيا أن تسارع بدورها أيضاً إلى فهم الرسالة وتعديل ما هو مطلوب، والتخلص من جذور هذه الفتن القديمة.
الاعتبار الثاني هو أن المغرب لا يعادي أيّ بلد إفريقي أو يواجه أيّ صراعات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي. إذا كانت الجزائر قد اختارت لنفسها لعب دور العدو ومعاكسة الوحدة الترابية للمملكة، وجعلت من ذلك نهجا دبلوماسيا من ثوابتها الوطنية، فالجزائر ليست هي إفريقيا. وإذا كانت تجد بعض الحلفاء مثل جنوب إفريقيا، فالقرار الإفريقي يظل مع ذلك قرارا مستقلا وقائما بذاته. من مصلحة الدول الإفريقية الأعضاء في الاتحاد الإفريقي أن تبحث عن تجسير العلاقات مع المغرب وتعميقها. الانفتاح على عصابة مسلحة مثل البوليساريو ليس سوى إضاعة لوقت إفريقيا الذي يمكن أن يُستثمر في مجال التعاون المشترك والتبادل الاقتصادي والتنموي، وهي التجربة التي يقودها المغرب اليوم بنجاح في مناطق عديدة على رأسها غرب إفريقيا.
الاعتبار الثالث هو الذي يجب أن يدفع دول الاتحاد الإفريقي إلى طرد جبهة البوليساريو من المنظمة في أقرب وقت هو الاعتبار الأمني بالأساس. هل تريد هذه الدول أن تظل إفريقيا غارقة في المغامرات المسلحة والحروب والصراعات الطاحنة؟ يجب أن تطوي منظمة الاتحاد الإفريقي هذه الصفحة إلى غير رجعة، وأن تجعل من طرد الجبهة الانفصالية درسا لمن يعي ويسترشد. نحن مؤمنون في المغرب بأن القارة السمراء اكتفت من الدماء والانقسام والحروب المدمرة، وعليها أن تعزز أسس السلم والتفاوض والوئام. لذا؛ فإن جبهة البوليساريو مجرد عصابة مسلحة خلّفتها الحرب الباردة ولا تستحق أبدا أن تكون جزء من هيئة إفريقية عريقة كمنظمة الاتحاد الإفريقي التي أسسها الآباء المقاومون ومن بينهم الملك الراحل الحسن الثاني. لذلك نعتقد أن الوقت قد حان لاتخاذ هذا القرار دون تردد، استكمالا لمسار العودة المغربية المظفرة إلى حضن إفريقيا.