مهزلة أساليب البلطجة والتهريب الجزائرية تنتهي في أندونيسيا
الدار/ تحليل
ما حدث مؤخرا في قمة الشراكة اليابانية الإفريقية التي احتضنتها العاصمة طوكيو كان وفقاً لما سبقت الإشارة إليه نقطة النهاية بالنسبة إلى مهزلة محاولة نظام الكابرانات إقحام ممثلي العصابة الانفصالية في هذه اللقاءات الدولية. والدليل على ذلك هو أن هذا النظام المخبول لم يستطع إقحام ممثل للانفصاليين في قمة منتدى أندونيسيا إفريقيا الذي تجري أطواره منذ يوم أمس ببالي. فقد وجد وزير اقتصاد المعرفة الجزائري ياسين المهدي نفسه وحيدا يغرد خارج السرب خلال هذه القمة التي لم تقبل مشاركة أي ممثل لا ينتمي إلى دولة عضو في الأمم المتحدة في احترام كامل للمقتضيات التي تم إقرارها مؤخرا في قمة المجلس التنفيذي بالعاصمة الغانية أكرا.
هذا يعني أن أحلام التقاط الصور ورفع علم الدويلة الوهمية أمام الكاميرات قد انتهى إلى الأبد. حتّى تلك البطولات الصغيرة التي كان النظام الجزائري يحرص عليها في مثل هذه المنتديات التي تجمع الدول الإفريقية بشركائها من باقي دول العالم لم تعد متاحة أبدا. لم يبق لهذا النظام غير التباكي والشكوى في هذه اللقاءات بترديد الأسطوانة المشروخة ذاتها حول تقرير المصير ومزاعم الدفاع عن التحرر. منظر ممثل الجزائر في هذا المنتدى كان مهينا بل مثيرا للشفقة لأن الرجل الذي يمثل قطاع الشركات الناشئة والمقاولات الصغرى لم يجد شيئا يتحدث عنه أو يفتخر به في ميدان عمله، وفضّل تخصيص كلامه مرة أخرى للدعاية السياسوية الفارغة. ترك الرجل الحديث عن تشجيع التنمية في ميدان التكنولوجيا والقطاعات الحديثة وأراد أن يشغل الحاضرين بخرافات موروثة عن الحرب الباردة.
“نهاية المهزلة” عنوان لائق لما حدث في منتدى أندونيسيا-إفريقيا، والدليل على ذلك هو أن نظام الكابرانات فضّل إيفاد تمثيلية محدودة بدلا من مشاركة الرئيس أو وزير الشؤون الخارجية على غرار ما فعلت غالبية الدول الأخرى المشاركة من خلال تمثيليات على أعلى المستويات. لقد ناقش المشاركون في هذا المنتدى الذي جرى تحت شعار “روح مؤتمر باندونغ من أجل أجندة إفريقيا 2063″، وبرئاسة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو قضايا هامة ومصيرية بالنسبة إلى القارة السمراء. كما سعوا إلى بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين إندونيسيا والقارة الإفريقية التي تعتبر شريكا اقتصاديا أساسيا بالنسبة للبلدان الآسيوية، تماشيا مع النجاح الذي شهده المنتدى الأول في 2018.
وإذا كان المشاركون قد عبروا عن انشغال بالغ بضرورة بلورة مشاريع مشتركة ومندمجة فقد تجاهلوا تماما ما كان مندوب نظام العسكر في الجزائر يحاول ترويجه والتطرق إليه، بالنظر إلى أنه بعيد تمام البعد عن أجندة المنتدى، وملفاته الرئيسية التي التأم من أجلها. هذا ما اتضح أيضا في كلمة وزير الخارجية ناصر بوريطة الذي ركز بالأساس على قضايا التعاون المشترك بين إفريقيا وأندونيسيا مشيرا إلى أهمية تطوير الشراكة في مجالات محددة مثل “الأمن الغذائي وتطوير الزراعة الإفريقية وتحديثها، خاصة في ظل التجاذبات الجيوستراتيجية التي يعرفها العالم حاليا، وكذا الاستثمار في مجال الصحة والسيادة الصحية لارتباطهما الوثيق بالتطور الاقتصادي والاجتماعي للدول الإفريقية”.
وتعكس هذه الرؤية التي تضمنها خطاب بوريطة الفرق الهائل بين تركيز بعض الدول على الحلول العملية التي يمكن أن تساعد القارة السمراء على التقدم، وهوَس النظام الجزائري بما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والانقسام والخلاف بين دول المنطقة. ولعلّ منتدى أندونيسيا-إفريقيا الذي سيختتم اليوم سيشكل بداية مرحلة فارقة، لن تتهاون بعدها الجهات المعنية بتنظيم هذه اللقاءات الإفريقية الدولية في التعامل بحزم مع أساليب البلطجة والتحايل والتهريب التي تنهجها السلطات الجزائرية، للترويج لخرافة انتهت منذ زمن، وتنتظر إعلان وفاتها رسميا. والمكان الوحيد الذي سيستقبل ممثلي العصابة الانفصالية كما قلنا ذلك سابقا هو قصر المرادية أو تندوف عاصمة الدويلة الوهمية التي يصرّ النظام الجزائري على استنباتها.