استياء أوربي وردود فعل قوية على حكم محكمة العدل الأوروبية: المغرب سيظل شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي
الدار/ تحليل
في خطوة أثارت الكثير من الجدل، أصدرت محكمة العدل الأوروبية (CJUE) حكمًا اعتبره العديد من المحللين غير منصف ومتحيزًا، حيث تمحور هذا الحكم حول الاتفاقيات الزراعية والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وتحديدًا فيما يتعلق بمنطقة الصحراء. ومع ذلك، فإن هذا الحكم أثار ردود فعل متعددة من قِبل الدول الأوروبية والمؤسسات السياسية العليا في الاتحاد الأوروبي، والتي بدورها أكدت على متانة الشراكة مع المغرب رغم حكم المحكمة.
يتفق العديد من المراقبين على أن قرار محكمة العدل الأوروبية يعكس موقفًا قانونيًا منفصلًا لا يمثل سوى هذه المؤسسة القضائية وحدها. فمن جهة، لا يعكس هذا الحكم وجهات نظر المجلس الأوروبي أو المفوضية الأوروبية، وهما المؤسستان اللتان تمتلكان الأدوار السياسية والتنفيذية الفاعلة في توجيه السياسات الأوروبية.
بناءً على هذا، فإن حكم CJUE، لا يؤثر بشكل مباشر على الديناميات الأوسع للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. وهو ما أكده مسؤولون أوروبيون رفيعو المستوى في الساعات التي تلت صدور الحكم.
في بيان مشترك، أعادت كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على علاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها. أشار البيان إلى أن العلاقات الثنائية بين الطرفين تقوم على قاعدة قوية من الاتفاقيات المشتركة، وأن هذه الاتفاقيات تظل ملزمة وفقًا لمبدأ “العقود يجب أن تُحترم”.
وقد شهدت هذه التصريحات تأييدًا واسعًا من قبل عدة دول أوروبية. ففي فرنسا، صدر بيان من وزارة الخارجية أكد على “التزام فرنسا بشراكتها الاستثنائية مع المغرب، وسعيها المستمر لتعميق هذا التعاون”. وأكد البيان أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعث برسالة إلى الملك محمد السادس يعبر فيها عن دعم فرنسا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الصحراء…
علاوة على الدعم الفرنسي، شددت إسبانيا على موقفها المؤيد لسيادة المغرب. ففي جلسة أمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الاسباني، أكد وزير الخارجية الإسباني دعم بلاده الثابت للمغرب. وتزامن ذلك مع موقف مشابه أبدته بلجيكا عبر تغريدة صادرة عن دبلوماسيتها تؤكد دعم التصريحات الأوروبية المشتركة.
ولم تقتصر ردود الأفعال على فرنسا وإسبانيا فقط؛ إذ أبدت المجر دعمها للمغرب، كما عبر عدة أعضاء في البرلمان الأوروبي عن استيائهم من حكم CJUE، معتبرين أنه يضر بالمصالح الاقتصادية الأوروبية. هذا الاستياء تمحور حول أن الاتفاقيات الفلاحية والصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تعود بالنفع على كلا الطرفين، وأن تعطيلها سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد الأوروبي.
رغم حكم محكمة العدل الأوروبية، يبقى المغرب شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي، وهو ما أكدته مواقف متعددة من داخل وخارج الاتحاد. يعكس هذا الواقع أن العلاقات بين الطرفين تتجاوز الخلافات القانونية الفردية، وتستند إلى مصالح مشتركة وشراكة طويلة الأمد. وسيواصل الاتحاد الأوروبي دعمه للمغرب، سواء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أو بالتعاون الاقتصادي، في خطوة تعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة.