عقوبة الكاف ضد اتحاد العاصمة الجزائري.. هل تشجع نظام الكابرانات على مقاطعة المزيد من المباريات؟
الدار/ تحليل
على الرغم من أن العقوبة المالية التي أصدرها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ضد نادي اتحاد العاصمة الجزائري لم تكن في مستوى الخسارات والأضرار التي لحقت نادي نهضة بركان، والمستفيدين من النقل التلفزيوني لكن تغريم النادي الجزائري 40 ألف دولار قرار له أهمية رمزية كبيرة. نذكر جميعا ما حدث في أبريل الماضي عندما رفض نادي اتحاد العاصمة الجزائري بإيعاز من النظام العسكري لعب المباراة بسبب خريطة المغرب التي يحملها قميص نهضة بركان. وقد رأينا كيف حوّل النظام الجبان مباراة في كرة القدم إلى معركة سياسية حامية الوطيس، ووظّفها بخبث لتجييش الجماهير الجزائرية وتسخين بلاطوهات التلفزيون والبرامج الرياضية.
واليوم بعد أن قضى الاتحاد الإفريقي بهذه الغرامة ضد النادي الجزائري من حقنا أن نتساءل عن العقوبة الرادعة التي كان من المفروض أن يتعرّض لها النادي. إذا كان كلّ نادٍ إفريقي سيقاطع مباراة بهذه الأهمية وفي هذا المستوى العالي من التنافس، ويؤدي مقابل ذلك مبلغ 40 ألف دولار، وانتهت الحكاية، فمن غير المستبعد أن تتحوّل مقاطعة المباريات إلى رياضة وطنية، ولا سيّما في بلد كالجزائر، التي تعد فيها كرة القدم مجرد مطيّة سياسية للنظام، ومنصة لتعبئة الجماهير وتوجيهها. لقد كان الخبراء والمحللون يتحدثون عندما قاطع النادي المذكور مبارتَي الذهاب والإياب عن عقوبات زجرية قد تصل إلى درجة حرمان النادي من لعب المنافسات الإفريقية سنتين على الأقل، بل قيل حينها إن العقوبة قد تشمل الاتحاد الجزائري لكرة القدم، ومن ثمّ جميع ممثلي كرة القدم الجزائرية.
لكن مع أن العقوبة تبدو غير متناسبة تماما مع حجم المخالفة التي ارتكبها نادي اتحاد العاصمة الجزائري، فإننا نستبشر على الأقل بأن هذا القرار فيه اعتراف صريح وقانوني بعدالة موقف نهضة بركان، وحقه في ارتداء قميص يحمل خريطة البلاد، بعيدا عن المهاترات التي أطلقها خبراء التنجيم في الجزائر، عندما توقعوا أن تنصفهم المحكمة الدولية الطاس والاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا. انتهت الحكاية وسيدفع نادي اتحاد العاصمة المبلغ المذكور، ويتعين عليه هذه المرة أن يشارك بمسؤولية والتزام أكبر في المنافسات الإفريقية، لأن المقاطعة في المرة القادمة ستكون لها عواقب وخيمة لا محالة.
والسؤال الذي نريد أن نوجهه لنظام الكابرانات الذي يسير كرة القدم بيد من حديد في الجزائر: ماذا لو التقى نادي جزائري هذا الموسم مع نادي نهضة بركان بقميصه المرصع بخارطة المغرب العزيزة؟ هل سيمتلك النظام الجزائري الجرأة نفسها ويملي على الفريق الجزائري مقاطعة المباراة؟ وفقا لخبرتنا الطويلة مع هذا النظام، فهذا غير مستبعد. بل لقد لمسنا في القرار السابق بمقاطعة المباراة ضد نهضة بركان محاولة مكشوفة لتوريط البلاد في سلسلة من العقوبات التي قد تصل إلى حد حرمانها من المشاركة في كأس إفريقيا للأمم المرتقبة في المغرب. وأدركنا حينها أن النظام الجزائري يفضل أن يتعرض منتخبه إلى الإقصاء ويغيب عن هذه البطولة فقط لأنها منظمة في المغرب، بدلا من أن يشارك فيها.
لذا؛ فلينتظر متابعو كرة القدم الإفريقية بشغف المباريات التي ستجمع نادي نهضة بركان مع الأندية الجزائرية، لأنها ستعني في الغالب وببساطة فوزا بركانيا سهلا بسبب قرارات الانسحاب. نحن لا نريد تمييع البطولات الإفريقية ودفعها لتصل إلى هذا المستوى من التردّي وغياب التنافس، لكن عندما تكون في مواجهة نادٍ ينتمي إلى بلد همّه الوحيد هو معاكسة وحدتك الترابية والنيل من استقرارك والتحريض ضد أمنك فما عليك إلا أن تواصل أنت أيضا رفع رايتك بكل عزم وإصرار. لذا؛ فلن نبالغ إذا وجهنا دعوة لجميع الأندية الوطنية في شتى الرياضات كي ترصع قمصانها الرسمية بخارطة بلادنا الممتدة من طنجة إلى الكويرة، دفاعا عن وحدتنا الترابية، وطردا للأندية الجزائرية المحكومة بمنطق العداء المجاني.