حرمة الله يوجه ضربة قاضية لأوهام المرتزقة أمام اللجنة الرابعة
أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة بدا رئيس المجلس الجماعي لمدينة الداخلة الراغب حرمة الله متحكما في خطابه مسيطرا على حججه، وهو يعرض أمام أعضاء اللجنة مبررات تمثيله للأقاليم الجنوبية وساكنتها من الصحراويين الذين يعيشون في أحضان الوطن. حديثه عن الشرعية الانتخابية التي يستند إليها باعتباره مسؤولا منتخبا في انتخابات نزيهة، والشرعية الجهوية باعتباره صحراويا من أبناء المنطقة وضع ممثلي جبهة البوليساريو وعصابة الكابرانات في حرج شديد، وهم الذين اختاروا تقديم وجوه غريبة من بعض المرتزقة والمهرجين للدفاع عن أطروحة الانفصال في اجتماع هذه اللجنة الأممية المرموقة.
لقد اختار نظام الكابرانات بعض المرتزقة من الجزائريين الذين لا علاقة لهم بملف الصحراء، غير أنهم ينتمون إلى هذا البلد الذي عاهد نفسه بمعاكسة الوحدة الترابية للمملكة والكيد لاستقرارها وسلامة أراضيها. أحد هؤلاء المتدخلين شخص يرتدي “سلهاما” ويقدم نفسه على أنه جاء إلى الأمم المتحدة بلباس يمثل أمجاد أجداده الذين حرروا الجزائر من الاستعمار، ويعوّل في الوقت نفسه على أن هذا النوع من التهريج الثقافي السخيف هو الذي يمكن أن يقنع أعضاء اللجنة الرابعة بأحقية الانفصاليين في السيادة على أرض مغربية تاريخيا وثقافيا وجغرافيا وسياسيا. والشخص الآخر الذي اختاره للترافع تقني بيطري، لم يحصل حتى على شهادة طبيب بيطري ويقدم نفسه باعتباره مؤرخا مدافعا عن الشعب الصحراوي.
هذا المستوى الذي نزلت إليه مرافعات نظام الكابرانات في اللجنة الرابعة من خلال الاستعانة بأشخاص أقل ما يمكن أن يقال عنهم أنهم “مياومون” في دعاية الانفصال، يؤكد بالملموس أن هذه الأطروحة لم تعد تجد من يدافع عنها. لقد أصبح نظام الكابرانات عاجزا عن تقديم شخصيات تمتلك على الأقل قدرا من الرصيد الفكري والعلمي والأكاديمي لترويج هذه الدعاية المغرضة، أمَا وقد وصل الحال إلى الاستعانة بالتقنيين البيطريين، المعتادين على التعامل مع الدواب والبهائم، أو بالمهرجين الذين يعتقدون أن “البرنس” لباس تقليدي جزائري عريق، فهذا يعني أن عصابة شنقريحة قدمت كلّ ما لديها، واستنفدت القدرة على تجييش المزيد من الكذبة والآفاقيين في هذا الملف المفتعل.
هل يمكن أن يعتمد شعب مزعوم على مرافعة تقني بيطري بعيد تمام البعد عن قضايا التاريخ والقانون الدولي والجغرافيا للادعاء بأن الصحراء وطن مستقل؟ من المؤكد أن هناك بونا شاسعا بين ما قدّمه الراغب حرمة الله، الذي يرأس المجلس الجماعي لمدينة الداخلة، حاضرة الصحراء وجوهرة المحيط الأطلسي، وبين ما قدّمه هؤلاء المرتزقة الجزائريون دفاعا عن عصابة بن بطوش وبقايا نظامه المهترئ. اختيار الراغب حرمة الله للمشاركة في أشغال اللجنة الرابعة كان قرارا موفقا للغاية، ليس فقط لأن الرجل قدم مرافعة مميزة ومؤثرة، بل لأنه يمثل مستقبل الأقاليم الجنوبية بامتياز. إنه يجمع بين قوة الشباب الصحراوي وشرعية الصندوق الانتخابي. فهو نموذج للنخب التي يعوّل عليها المغرب، لحمل راية التنمية والتطوير في الأقاليم الجنوبية.
عندما قدّم المغرب مبادرة التفاوض حول مشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية باعتبارها حلا سياسيا نهائيا ودائما وعادلا، فقد كان يشير إلى هذه النخب الشابة القادرة على العطاء وتغيير الواقع والربط بين السياسة ومطالب الناس، والاستجابة لانتظاراتهم واحتياجاتهم، بعيدا عن المزايدات والصراعات الديماغوجية التي ينخرط فيها ممثلو الطرف الآخر. بمثل هذه النخب المؤمنة بحق المغرب وسيادته على أقاليمه الجنوبية، والمشارِكة بحماس في عملية التأهيل والنماء التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، يمكن أن يدافع المغرب عن وحدته الترابية دونما حاجة إلى تزييف الحقائق أو اللعب على وتر العواطف على غرار ما تعوّد ممثلو البوليساريو والجزائر فعله. لقد استطاع الراغب حرمة الله أن يتغلب على كل المدّعين الذين حضروا باسم الجزائر والبوليساريو لأنه أكد لأعضاء اللجنة الرابعة، أن الصحراويين الحقيقيين يعيشون داخل بلادهم تحت السيادة الوطنية ويستطيعون انتخاب من يمثّلهم ويدافع عن مصالحهم، ولا علاقة لهم بكل المناورات الانفصالية الفارغة.