ديميستورا وفشل المهمة.. حان الوقت لتعيين مبعوث جديد يحترم سيادة المغرب على صحرائه ويحقق استقرار المنطقة
الدار/ تحليل
ستافان دي ميستورا، المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء المغربية، عُين في أكتوبر 2021 بتوقعات عالية لحل هذا الملف المعقد. ولكن بعد أكثر من عامين من الجولات الدبلوماسية، بدا واضحًا أنه فشل في تحقيق أي تقدم يُذكر. المأزق الذي يواجهه في هذا الملف يعكس تحديات عميقة تتعلق بالتوازنات الإقليمية، وقلة الابتكار الدبلوماسي، وربما تقدم دي ميستورا في السن، ما جعله غير قادر على مواكبة تعقيدات النزاع. بعض التحليلات قد تذهب إلى حد وصفه بالعاجز عن تقديم أي حلول عملية، رغم الفرص المتاحة أمامه.
قضية الصحراء المغربية تمتد لعقود، وهي قضية ذات حساسية بالغة بالنسبة للمغرب، الذي يعتبرها جزءًا لا يتجزأ من أراضيه. وقد عززت المواقف الدولية الأخيرة، خاصة اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، موقف الرباط بشكل كبير. هذا التطور كان يمكن أن يستغله دي ميستورا لتقديم مبادرات بناءة تعكس الواقع الجديد، إلا أنه فشل في ذلك.
دي ميستورا اتخذ نهجًا تقليديًا ولم يتمكن من تقديم رؤية جديدة تتناسب مع التطورات الجيوسياسية. فخلال جولات دبلوماسية متعددة، لم يستطع تحقيق أي تقارب بين الأطراف. وبدلاً من ذلك، بدا وكأنه يتنقل بين الأطراف المتنازعة دون أن يحمل حلولاً مبتكرة أو رؤية واضحة.
رغم وضوح موقف المغرب وقوة الدعم الدولي والإقليمي الذي يحظى به، خصوصًا بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء، لم يستطع دي ميستورا التعامل مع هذه المتغيرات لصالح التوصل إلى حل عادل ومستدام. دعم الجزائر لجبهة البوليساريو واستمرار تعنتها كانا معروفين، لكن دي ميستورا فشل في تقديم إطار دبلوماسي فعال يمكنه التعامل مع هذا الوضع.
دي ميستورا، المعروف بخبرته الدبلوماسية الطويلة، لم يظهر قدرته على الخروج عن الأساليب التقليدية في حل النزاعات. اقتراحاته، مثل تقسيم الصحراء، بدت غير واقعية وتعكس افتقارًا للفهم العميق للواقع على الأرض وموقف المغرب القوي. هذا المقترح لم يكن فقط غير قابل للتطبيق، بل أظهر عجز دي ميستورا عن تقديم أي حلول وسط تتناسب مع التطورات الإقليمية والدولية.
تقدُم دي ميستورا في العمر قد أثر سلبًا على أدائه الدبلوماسي. التعامل مع ملف معقد كملف الصحراء المغربية يتطلب شخصية دبلوماسية حيوية، تمتلك طاقة وقدرة على المناورة في ظل التعقيدات السياسية والجيوسياسية. دي ميستورا، من خلال تحركاته البطيئة ومقترحاته البالية، بدا غير قادر على مواجهة هذا التحدي بفعالية.
بدلاً من الاستفادة من المتغيرات الدولية لصالح المغرب، فشل دي ميستورا في تقديم رؤية تتماشى مع الواقع الجديد. المغرب يمتلك سيادة قوية ودعمًا دوليًا، إلا أن دي ميستورا لم يتمكن من تقديم إطار جديد يتوافق مع هذا الواقع. وبدلاً من الدفع نحو حل يحترم السيادة المغربية، استمر في طرح مقترحات منتهية الصلاحية وغير قابلة للتنفيذ.
دي ميستورا كان يُنظر إليه في البداية كشخصية دبلوماسية قوية قادرة على تقديم حلول بناءة. لكن بعد مرور أكثر من عامين، أصبح واضحًا أن قدراته لم تعد تتناسب مع تعقيدات الملف. تفاقم هذا الفشل بسبب عدم قدرته على فهم الموقف المغربي القوي، الذي يستند إلى حقوقه التاريخية والسياسية في الصحراء المغربية، بالإضافة إلى الدعم الدولي الذي حصل عليه.
تُظهر تحركات دي ميستورا أن الدبلوماسي المخضرم لم يعد قادرًا على التعامل مع ملفات تتطلب رؤية جديدة وابتكارًا. فبغض النظر عن التجارب السابقة التي خاضها في النزاعات الأخرى، يبدو أن ملف الصحراء كان فوق طاقته وقدراته. فشل في فهم المعادلات الإقليمية ولم يستطع توجيه العملية الأممية نحو مسار يخدم مصلحة الأطراف المعنية، وخصوصًا المغرب، الذي قدم مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام.
ستافان دي ميستورا فشل في مهمته في ملف الصحراء المغربية، نتيجة لعوامل متعددة تشمل قلة الابتكار الدبلوماسي، وتجاهل المتغيرات الإقليمية، وتقدمه في العمر الذي أثر على أدائه. لم يتمكن من التعامل مع تعقيدات النزاع أو الاستفادة من الدعم الدولي القوي الذي حصل عليه المغرب.
إن مهمة دي ميستورا التي استمرت لأكثر من عامين أثبتت أنه غير قادر على تحقيق أي تقدم ملموس. ومع استمرار هذا الفشل، يبدو أن الوقت قد حان لتعيين مبعوث جديد يحمل رؤية أكثر وضوحًا وقدرة على التعامل مع واقع الصحراء المغربية، بما يحترم سيادتها ويحقق استقرار المنطقة.