أخبار الدارسلايدر

من الأفضل للمغرب؟ هاريس أم ترامب؟

الدار/ تحليل

من المؤكد أن الانتخابات الرئاسية الأميركية تلقي بظلالها على العديد من دول العالم، وتؤثر من خلال شخصية الساكن الجديد للبيت الأبيض في العديد من القرارات والاختيارات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لهذه البلدان. والمغرب ليس بمنأى عن هذا التأثير الذي يمثله التحوّل السياسي في الولايات المتحدة الأميركية. فالعلاقات المغربية الأميركية تعدّ من بين الأقدم في تاريخ البلدين، وتمثل أيضا قصة نجاح في العلاقات الدولية، باعتبار أن المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة، وشريك تسير العلاقات معه في مسار تصاعدي مستمر. هناك العديد من أوجه التعاون التي شهدت تطورا متسارعا سواء تعلق الأمر بالمجالات الأمنية أو الاقتصادية أو الدبلوماسية.

من هذا المنطلق يبدو الاهتمام بشخصية الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية انشغالا مشروعا بالنسبة إلينا كمغاربة. وتزداد أهمية هذا الأمر أكثر عندما ندرجه في سياقه السياسي الحالي الذي يتميز بنقلة نوعية يشهدها العمل الدبلوماسي في بلادنا، ودينامية إيجابية غير مسبوقة في تعزيز سيادة المغرب على صحرائه، وشروع العديد من دول العالم في دعم هذه السيادة باعتراف رسمي على غرار ما أقدمت عليه مؤخرا الجمهورية الفرنسية. يجب ألّا ننسى إذاً أن هذه الدينامية الإيجابية المتواصلة لعب فيها المرشح الجمهوري الحالي والرئيس السابق دونالد ترامب دورا كبيرا. كلّنا نذكر كيف عزّز اعتراف الولايات المتحدة خلال ولايته الرئاسية الموقف المغربي، وخلق توجها دوليا مساندا للسيادة المغربية على الصحراء.

لذا؛ يبدو دونالد ترامب المرشح الأقرب إلى تعزيز المصالح المغربية، وربّما اتخاذ قرارات أكثر حسما فيما يتعلق بملف النزاع المفتعل حول الصحراء، والذي يبدو أنه يقترب من نهايته. إذا استندنا في هذا السياق إلى فلسفة ترامب في إدارة العلاقات الخارجية، والقائمة على الصرامة والحزم، والدفع نحو اجتثاث النزاعات من جذورها، فمن المؤكد أنه يمثل اختيارا مناسبا لبلادنا، وقد يكون انتخابه بمثابة فرصة لبث نفَس جديد في الدينامية الإيجابية، ودفعها باتجاه التوصل إلى حل نهائي يحسم المشكلة. لقد سمعنا ترامب مرارا وتكرارا خلال حملته الانتخابية الحالية يعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا وغزة بمكالمة هاتفية فورية. لا يتعلق الأمر بمجرد وعود انتخابية بل ببراغماتية أصبحت تميز النهج الترامبي في الإدارة وتدبير النزاعات.

يجب ألّا ننسى أيضا أن دونالد ترامب رجل النمو والفرص بامتياز. لقد شهدنا كيف تحوّلت مرحلة الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية إلى حقبة موسومة بالتضخم والركود، في الوقت نفسه. ارتفعت الأسعار وتراجعت معدلات النمو، وشهد العالم أزمة غير مسبوقة على مستوى التوريد، وأصبح العديد من اقتصاديات العالم ينظر إلى المستقبل نظرة متشائمة. من منظور دونالد ترامب فإن أزمة التضخم مجرد فقاعة مصنوعة، يمكن التخلص منها بسهولة من خلال توفير موارد بديلة للسيولة المالية، وخفض الضرائب وتوفير بعض التحفيزات، وتهدئة بؤر التوتر. ونحن في المغرب في حاجة إلى هذا المناخ الاقتصادي الإيجابي والمحفّز الذي يمكن أن يساعدنا أيضا على التخلص من تبعات أزمة التضخم العالمية.

لكن هل يمكن أن نعتبر دونالد ترامب إذاً مرشحا مثاليا للمصالح المغربية؟ هذا أكيد، لكنه لا يعني بالضرورة أن المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس تسير في اتجاه معارض تماما للمصالح المغربية. لقد استطاعت بلادنا أن تحافظ على علاقات مميزة مع الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن، والتزمت الخارجية الأميركية الحالية بالوفاء لقرارات وزارة الخارجية في عهد دونالد ترامب، وقررت ألّا تغير شيئا في قرار الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. وقد كان هذا القرار مصرّحاً به في عدة مناسبات، للإشارة إلى اهتمام إدارة بايدن بالحفاظ على متانة هذه العلاقات، والرغبة في تطويرها. ولعلّ عدم ارتهان بلادنا لمرشح أميركي من توجه معين، يعدّ ميزة أساسية تؤكد الحنكة في إدارة العلاقات الخارجية. ليس هناك أيّ مشكلة في اختيار كمالا هاريس أو دونالد ترامب بالنسبة لمصالح بلادنا، التي تظل في مأمن نظراً إلى هذه المكانة الاستراتيجية التي تحظى بها لدى الأميركية، لكن هذا لا ينفي أن دونالد ترامب بشخصيته البراغماتية والجريئة، ونهمه الشديد لخلق النمو والتنمية وميله إلى الحسم والصرامة فيما يتعلق بالنزاعات الدولية يمثل أفضل الخيارين.

زر الذهاب إلى الأعلى