الشباب المصري بين شغف الرواية وتنوع الذائقة
من خلال استبيان إلكتروني شارك فيه نحو 148 ألف مواطن عربي، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2016 قراءة في مؤشر القراءة العربي.
وذكر المؤشر أن معدل القراءة في مصر وصل إلى 63.85 ساعة سنويا كأعلى معدل بين الدول العربية.
وعما يقرؤه المصريون، يظهر مؤشر غوغل للبحث أنهم بحثوا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية عن كتب الكاتب المتخصص في الأدب الساخر عمر طاهر، والأديب أحمد خالد توفيق، وذلك بعد بحثهم عن كتب وزارة التربية والتعليم المصرية.
وتحت عنوان "ماذا يقرأ المصريون؟"، ذكرت آخر دراسة أصدرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في هذا الخصوص عام 2013، أن نحو 65% من الشباب الذين يواظبون على القراءة يهتمون بقراءة الكتب الدينية، تليها الكتب العلمية والتاريخية بنسبة 36% و34% على التوالي.
وعلى عكس ما تنقله الدراسة الحكومية، فإن موقع "غود ريدز" المعني بحركة قراءة وتقييم الكتب في العالم، ذكر خمسة كتب تدخل جميعها ضمن فئة الأدب في تصويت طرحه حول أكثر الكتب قراءة بمصر.
وهذه الكتب على الترتيب هي "قصر الكلام" (أدب ساخر) للكاتب جلال عامر، و"الفيل الأزرق" (رواية) للكاتب أحمد مراد، و"تراب الماس" (رواية) للكاتب أحمد مراد، و"عزازيل" (رواية) للكاتب يوسف زيدان، و"رباعيات صلاح جاهين" (شعر) للشاعر صلاح جاهين.
وفي أواخر يونيو، أعلنت الدار المصرية اللبنانية قائمة الكتب الأكثر مبيعا عن الشهر الأخير، ويسيطر عليها الأدب والتاريخ.
كما ذكرت مكتبة "ديوان" عبر موقعها الإلكتروني أن الكتب الثلاثة الأكثر مبيعا في الشهر الماضي ألفها كتاب روائيون وهم أحمد خالد توفيق، ونور عبد المجيد، ورضوى موسى يوسف.
"الرواية تدخلني في عوالم مختلفة، وتمنحني تجارب لم أمر بها بشكل شخصي".. هكذا يقدم طالب في كلية الهندسة، سبب إعطائه الرواية أولوية في قراءاته.
وتذكّر الطالب أثناء حديثه كيف مر بمراحل قرائية مختلفة، فبدأ بكتب الدكتور مصطفى محمود قبل ستة أعوام، ثم اتجه إلى الشعر سواء العربي أو المترجم، خاصة أعمال ألكسندر بوشكين، إلى أن استقر مع الروايات وبدأ بالكلاسيكيات العالمية مثل "الإخوة الأعداء" لديستوفيسكي، و"البؤساء" لفيكتور هوغو.
وإلى جانب الروايات، يهتم الطالب الجامعي بكتب التاريخ الديني، ويولي أهمية بالإنتاج الذي يتناول الصراعات في التاريخ الإسلامي، وآخر ما قرأه في ذلك كتاب "الفتنة الكبرى" لطه حسين.
لكن الرواية تأتي كثاني الاهتمامات القرائية للشابة خريجة كلية التجارة، فهي تهتم بكتب التنمية البشرية وتلك التي تقدم نصائح حول العلاقات الاجتماعية، وآخر ما قرأته في هذا المجال كتاب "التعافي" الذي اشترته من معرض الكتاب في يناير الماضي.
وتتبادل نادين مع صديقاتها الكتب التي غالبا ما تكون روايات، وتقول "لا تهتم صديقاتي بكتب التنمية البشرية، وفي المقابل هن شغوفات بالروايات خاصة الرومانسية، لذا نتبادلها من حين لآخر، فضلا عن اعتمادنا كثيرا على النسخ الإلكترونية".
وعن حركة بيع الكتب، قال مختص ببيع الكتب المستعملة، إن الروايات والكتب الدينية تأتي على رأس ما يطلبه القراء، ثم بعد ذلك قصص الأطفال وكتب العلاقات.
الروايات تكون الأكثر طلبا خلال الإجازة الصيفية عموما، بينما الكتب الدينية يكون لها الرواج في شهري شعبان ورمضان بحسب تأكيد البائع، لافتا إلى زيادة الطلب على المراجع الدراسية، خاصة لطلبة كليات الطب مع بدايات الفصول الدراسية في شهري أكتوبر وفبراير.
وأضاف أن الروايات الرومانسية تستهوي القراء، خاصة أعمال الأديب إحسان عبد القدوس والأديبة أحلام مستغانمي، بينما يظل كتاب "لا تحزن" لعائض القرني على رأس قائمة الكتب الدينية المطلوبة.
وعن فترات ارتفاع شراء الكتب، قال إن معرض القاهرة للكتاب الذي يستمر أسبوعين من بداية كل العام، هو موسم للناشرين وبائعي الكتب المستعملة، مضيفا أن القراءة تكون وسيلة لقضاء وقت الفراغ خلال شهور الصيف خاصة لطلبة المدارس والجامعات.
وتحت عنوان "من زمن الرواية إلى زمن القص"، نشر مؤخرا الناقد والكاتب الصحفي إيهاب الملاح مقالا في صحيفة "الشروق" المصرية، تحدث فيه عن ذائقة جديدة للقراء.
وأوضح الملاح أن القراء حاليا يؤثرون السهولة ويميلون إلى التشويق في سياق ينطوي على التوابل المألوفة.
وأردف "ولا أستغرب لو كان أصحاب هذه الذائقة من مدمني الفيسبوك والمواقع الإلكترونية التي تعطي كما لا نهائيا من المعلومات والمشهيات القرائية".
ورأى الملاح أن هذه المصادر المعلوماتية لا تعطي فكرا نقديا ولا معرفة أصيلة ولا إبداعا حقيقيا، ولا نوع المثقف الذي يعرف الفرق بين قراءة التسلية العابرة، وقراءة المتعة الفنية العميقة الأثر.