زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟
الدار/ تحليل
في خطوة غير متوقعة، قام مسؤول إيراني رفيع بزيارة رسمية إلى المغرب في الأيام القليلة الماضية، وسط تكهنات بأن هذه الزيارة قد تكون بداية للتفاوض لاعادة مشروطة من الرباط للعلاقات بين البلدين. الزيارة التي وصفت بالسرية من قبل العديد من المحللين، تأتي بعد سنوات من التوترات والقطيعة الدبلوماسية بين الرباط وطهران. فهل يفتح هذا التحرك نافذة جديدة لإعادة العلاقات بين الطرفين؟ وما هي الأبعاد السياسية والاقتصادية التي قد تترتب على ذلك؟
شهدت العلاقات بين المغرب وإيران في العقد الأخير توترات ملحوظة، على خلفية قضايا سياسية ودينية، أبرزها الدعم الإيراني لجماعات سياسية ودينية في المنطقة، ومنها جماعة حزب الله اللبناني في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الخلافات حول قضايا البحرين وسوريا. في عام 2018، قطعت المملكة المغربية علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بشكل كامل، بعد اتهامها لإيران بالتورط في دعم جماعة البوليساريو في نزاع الصحراء. ومنذ ذلك الحين، ظل التواصل بين البلدين في أدنى مستوياته، رغم أن الجانبين كانا يعبران عن رغبة في إيجاد أرضية مشتركة.
الزيارة الأخيرة لمسؤول إيراني رفيع إلى المغرب، جاءت في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات وتحولات كبيرة في السياسة الإقليمية. على الرغم من أن الزيارة لم تكشف عن تفاصيل دقيقة حول ما تم التباحث بشأنه، إلا أن الأوساط المطلعة أكدت على أن الطرفين ناقشا إمكانيات فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات الدبلوماسية.
من خلال معلومات يبدو أن إيران والمغرب يسعيان إلى تحسين العلاقات، خاصة في ظل الأوضاع المتغيرة في المنطقة. هذه العوامل قد تكون دفعت كلا البلدين إلى التفكير في تجاوز الخلافات السابقة، خصوصاً في سياق تعزيز الاستقرار الإقليمي.
إعادة العلاقات بين المغرب وإيران من شأنها أن تكون لها تداعيات كبيرة على التوازنات السياسية في المنطقة. فمن جهة، يعتبر المغرب هذا الحوار فرصة لتعزيز موقعه الإقليمي، ومن جهة أخرى، قد تشكل هذه الزيارة تطوراً في سياسة إيران تجاه دول شمال إفريقيا، حيث كان يُعتقد أن طهران كانت تركز في وقت سابق على منطقة الشرق الأوسط بشكل أساسي..
وبحكم أن المغرب يعتبر قضية الصحراء نقطة حساسة في علاقاته مع إيران، التي كانت قد أعربت سابقاً عن موقف محايد حيال النزاع. لذلك، أي تطور إيجابي في العلاقات بين البلدين قد يتطلب تنازلات أو تفاهمات حول هذه القضية والأساس في ذلك انتزاع اعتراف من طهران بمغربية الصحراء ودعم الحكم الذاتي.
على الرغم من التوترات السياسية، فإن هناك العديد من الفرص الاقتصادية التي قد تظهر في حال استعادة العلاقات بين البلدين. إيران، التي تعاني من تأثيرات العقوبات الدولية، تبحث عن أسواق جديدة لتوسيع تجارتها، بينما المغرب يسعى لتنويع شراكاته الاقتصادية. يمكن للبلدين أن يستفيدا من تطوير التعاون في مجالات مثل التجارة، الطاقة، والسياحة. في هذا السياق، يمكن أن تُساهم علاقات دبلوماسية جديدة في تسهيل تبادل الاستثمارات، خاصة في ظل ما يشهده المغرب من تقدم في بنيته التحتية وإصلاحاته الاقتصادية.
رغم التفاؤل الذي قد تثيره هذه الزيارة، إلا أن الطريق أمام استعادة العلاقات بين المغرب وإيران ليس سهلاً. فهناك العديد من القضايا العالقة التي قد تشكل عائقاً أمام أي تفاهمات جديدة. بالإضافة إلى الخلافات السابقة…
أيضًا، العلاقات بين إيران ودول الخليج، خصوصاً السعودية، قد تلقي بظلالها على إمكانية تحسن العلاقات المغربية الإيرانية. فالمغرب، باعتباره عضوًا في التحالف العربي، لا يمكنه تجاهل مصالحه الاستراتيجية في المنطقة الخليجية.
زيارة المسؤول الإيراني إلى المغرب تمثل فرصة هامة لإعادة التفكير في مستقبل العلاقات بين البلدين. ورغم أن التحديات لا تزال قائمة، إلا أن الخطوات المبدئية نحو الحوار والتفاوض قد تشهد انفراجاً دبلوماسياً قد يعود بالنفع على الطرفين في ظل ظروف إقليمية ودولية جديدة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الزيارة ستترجم إلى خطوات ملموسة تؤسس لعلاقات مستقرة ومستدامة في المستقبل القريب.