صحةنساء

بين اليأس والأمل.. تطبيقات الخصوبة في حياة النساء الحالمات بالإنجاب

يخيف العقم وضعف الخصوبة عددا لا يحصى من الأزواج الذين يحلمون بالإنجاب، وهذا يتطلب منهم مراقبة ومعالجة مستمرة لدرجة الخصوبة وفق مجموعة واسعة من المؤشرات الصحية، وهو ما يسمى بالتتبع الذاتي.

واليوم تساعد الهواتف الذكية على إجراء هذا التتبع الذاتي من خلال بعض التطبيقات، وإدخال بعض البيانات البسيطة فيها، ودون الحاجة لاستشارة طبيب. ولكن كيف تعمل تطبيقات تتبع الخصوبة؟ وكيف تؤثر على النساء الحالمات بالإنجاب؟

أشهر التطبيقات
الهدف الرئيسي من التتبع الذاتي للخصوبة هو معرفة يوم التبويض (يوم دخول البويضة إلى الرحم) وأفضل الأيام لحدوث الحمل، وهو أمر لا يمكن تحديده بشكل دقيق، لذلك تتبع النساء مؤشرات جسدية معقدة لحساب هذا اليوم.

وفي الوقت الحاضر تتولى هذه المهمة تطبيقات تتبع الخصوبة ومواعيد التبويض، ومن أشهرها: 

– تقويم المرأة "وومان لوغ كاليندر" (WomanLog Calendar).

– تطبيق تعقب الدورة الشهرية "بريود تراكر"  (Period Tracker).

– تطبيق دليل تعقب الدورة الشهرية "كليو بريود تراكر" (Clue Period Tracker).

وهناك تطبيقات أخرى لمن تخطط للحمل وتبحث عن الوقت المناسب للإخصاب، مثل: "غلو كيندارا" (Glow Kindara)، و"أوفيا" (Ovia)، وغيرهما.

وتمكن هذه التطبيقات من معرفة مستوى الخصوبة على مدار الشهر، بمراقبة درجة حرارة المرأة وسائل عنق الرحم، كما أن بعض هذه التطبيقات تطلب بيانات صحية خاصة بالزوج، لدمج البيانات وتحقيق كفاءة أعلى في اختيار اليوم المناسب لتلقيح البويضة.

وبالدخول إلى صفحات التطبيقات الشهيرة، تجد أن عدد المشتركات في التطبيق الواحد لا يقل عن مليوني امرأة.

وتحدد هذه التطبيقات أيام التبويض الخاصة بالمرأة، بمجرد أن تسجل أول وآخر يوم من دورتها الشهرية، حتى إن كانت غير منتظمة، ليساعدها التطبيق معتمدا على بعض المؤشرات. لكن ما قد تغفل عنه بعض النساء هو أن استخدام هذه التطبيقات لا يزيد من فرص الحمل إذا كانت هناك مشكلة في التبويض، كما أنها غير مناسبة للجميع.

صحة المرأة النفسية
ينصح المعهد الوطني للصحة والرعاية في بريطانيا مستخدمي تطبيقات تتبع الخصوبة بالتعامل معها بحذر، لأن هناك شركات تكنولوجيا وتقنيات حديثة تمنح النساء وعودا من دون تقييم أوضاعهن بشكل سليم.

وأيدت منظمات خيرية للصحة الجنسية -العام الماضي- رأي المعهد بشأن فعالية هذه التطبيقات الثلاثة، على أساس أن تطبيقات تتبع الخصوبة ليست وسيلة طبية، وأنها مثل تطبيقات الحمية التي قد تساعد أشخاصا في الخسارة من وزنهم وتحسين سلوكهم الغذائي، ولكنها قد تساهم في مشكلات متفاقمة لمن يعانون من اضطرابات الأكل أو مشاكل صحية.

وبناء على هذه التحذيرات، حققت باحثتان في جامعة كاليفورنيا في الأثر النفسي والعاطفي لتتبع النساء الذاتي لخصوبتهن، وكيفية استخدامهن تطبيقات الحمل الهاتفية.

واعتمدت الباحثتان أولا على تحليل بيانات وردود أفعال النساء على منتدى إلكتروني للخصوبة، من أجل التركيز على أسئلة المرأة في هذه الفترة وتحدياتها ومخاوفها قبل الحمل.

وكان الهدف من الدراسة فهم العملية التي تقوم بها المرأة على هذه التطبيقات وتتبعها لخصوبتها والتحديات التي تواجهها بعد ذلك، وكيف يقود تطبيق شخصي للغاية إلى الشعور العميق بالمسؤولية والضغط والعبء العاطفي.

وبالفعل، حللت الباحثتان 400 محادثة و1900 منشور شاركت بها النساء بين عامي 2006 و2016، ونشرتا نتيجة بحثهما في دجنبر 2018.

تعامل النساء مع التطبيقات
وتم تصنيف النساء -وفقا لنتيجة الدراسة- بحسب تجاربهن وتعاملهن مع تتبع الخصوبة، إلى خمسة أنواع مختلفة، وهي:

– المرأة الإيجابية: وكانت تشعر بإثارة خلال متابعتها نتائجها على التطبيق، وعبرت في كثير من الأحيان عن فهم أكبر لجسدها، وثقتها في التطبيق الذي مدها بالأمل.

– المرأة المتوترة: وتتابع هذه المرأة كثيرا من البيانات، وتثقل نفسها بها كل يوم، حتى أصبحت تعاني من معدلات قلق وتوتر عالية. ورغم الأفكار السلبية التي تصيبها إذا أخفقت يوما في إدخال بيانات سليمة عن درجة حرارتها، فإنها لا تزال واثقة من جدوى التطبيق.

– المرأة الموسوسة: وهي التي يشغل التطبيق والبيانات جزءا كبيرا من تفكيرها، وتنظر إلى أية أعراض جسدية على أنها مؤشرات محتملة للتبويض. وعبّرت عن مستويات أعلى من الإحباط والإرهاق، ولكنها ما زالت مؤمنة بجدوى التطبيق.

– المرأة المتورطة: وهي المرأة الأكثر عاطفية بين الأنواع الأخرى، فتراودها مشاعر بالذنب واليأس والاعتماد الكامل على التطبيق، حتى بات عبئا عليها تتمنى التوقف عن متابعته لكنها لا تستطيع ذلك، وهو ما عبرت عنه صراحة إحدى النساء: "لا أعتقد أني أستطيع مسح التطبيق. لا يمكنني منع عقلي من التفكير به".

– المرأة اليائسة: وهي التي أرهقتها المتابعة والنتائج السلبية، حتى توقفت عن محاولة الحمل لفترة أو للأبد، وقررت أن تستريح من تعقب درجة حرارتها وفحوص الدم وزيارة الطبيب وغير ذلك من المواعيد التي تفرضها التطبيقات.

لا تحدد موعد التبويض!
وأكدت نتيجة الدراسة أن عملية جمع وتفسير البيانات والمعلومات المتعلقة بالخصوبة، عملية معقدة وتلقي بكثير من الأعباء على المرأة، كما أنها تسهم في زيادة المشاعر السلبية والمرهقة عاطفيا؛ وذلك لأن المتابعة خاصة جدا وشخصية، والمؤشرات ليست واضحة ومن الصعب تفسيرها وتختلف من شخص لآخر.

وكان انعدام الدقة سببا أيضا، فالتطبيقات لا تحدد موعد التبويض بالضبط، وهي فقط تشير إلى أن من المحتمل أن يحدث خلال 12-36 ساعة القادمة، وهذا غير مقبول عند كثير من النساء على الرغم من أن ساعة التبويض لا يمكن معرفتها إلا بجهاز التصوير التلفزيوني اليومي للرحم.

وكان هناك سبب آخر لتعامل النساء بعاطفية مبالغة مع التطبيق، وهو اعتقادهن أن الحمل يحدث فقط من خلال التتبع الذاتي، وإذا لم يحدث بمساعدته فلن يحدث على الإطلاق، دون التفكير في زيارة الطبيب. 

الراحة مفيدة
واقترحت الدراسة طرقا للتخفيف من الآثار السلبية للتتبع الذاتي عبر التطبيقات، ونصائح لمصممي التطبيقات لتقديم الخدمة بطرق أفضل تدعم النساء وتفهم عواطفهن، وذلك بتحليل البيانات التي يسجلنها وتقديم الدعم النفسي بناء عليها، واقتراح وسائل بديلة تحتاج لتتبع أقل، وتقديم اقتراحات للتعامل مع الإجهاد وأخذ فترات استراحة.

كما يمكن لمصممي التطبيقات أن يغيروا خطابهم ويتوقفوا عن تقديم الحمل على أنه النجاح الوحيد في حياة الأنثى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى