هل نلعن زياش أم نشكره..؟
الدار/ عماد الدراز
لو سجل زياش ضربة الجزاء لكنا لا نزال نحلم اليوم بمعانقة لقبنا الإفريقي الثاني بعد أيام.. ولكانت مصانع ألبسة المنتخب تنتج عشرات الآلاف منها استعدادا لمظاهرات الفرح العارمة في شوارع المدن المغربية احتفلا باللقب.. لكن ماذا نفعل وقد صارت هذه المصانع بنفسها تطلب من الدولة تعويضها عن كميات هائلة من أقمصة المنتخب التي لن تجد من يلبسها وتسببت في خسارة غير مسبوقة لهذه المصانع..
الإقصاء في كأس أمم إفريقيا فضح أشياء كثيرة، وفضحنا نحن أيضا لأننا كنا نجري خلف اللقب الإفريقي الثاني وننسى أشياء كثيرة.. كثيرة جدا، وعندما جاءت الصدمة استيقظنا وكأننا كنا نخضع لتنويم مغناطيسي، أو لسماوي كويل الأمد.
هل نلعن زياش أم نشكره..؟ لا نعرف، لكن من الأكيد أن نقمة الإقصاء في طيها نعمة الاكتشاف، ومن بين الاكتشافات أن المغاربة "عاقوا" بقوالب الكرة، وعرفوا أنها "تسرط" ميزانية لا تتوفر حتى لوزارات استراتيجية جدا، فصارت الكرة أهم من التعليم وأهم من الصحة وأهم من قطاعات كثيرة ترتبط بحياة المواطن وكرامته وحياته اليومية.
لكن المشكلة أن ذاكرتنا ليست مختلفة كثيرة عن ذاكرة السمك، لأننا ننسى بسرعة، وما قلناه اليوم سبق أن قلناه في مناسبات كثيرة، ولا نزال نتذكر خيبتنا مع المدرب البلجيكي غيريتس، الذي كان يأخذ كل شهر قرابة 300 مليون سنتيم، وتتكلف جامعة الكرة بإطعام كلبه وحراسة منزله، وبعد ذلك نسينا تماما ذلك، وصرنا نجري مجددا خلف وهم الكرة لكي نعوض بذلك خيباتنا الأخرى.
ها نحن اليوم أمام خيبة جديدة، وها هم الناس ينتفضون مجددا عندما اكتشفوا ما تأخذه الكرة من ملايير مقابل السراب، والسبب ليس أن الناس "عايْقين" بلا قياس، بل فقط لأن زياش ضيع ضربة الجزاء في آخر أنفاس المباراة ضد البنين، ولو أنه سجل تلك الركلة لركلنا جميعا ولما فكرنا أبدا في كواليس الكرة وفضائحها ورواتب مسؤوليها ومدربيها.. وهلم جرا.
مشكلتنا أننا ننتبه فقط إلى مشاكلنا الكبيرة عندما نفشل في الكرة، وبذلك نطبق حرفيا مقولة "الكرة أفيون الشعوب"، مع أن الكرة في العالم صارت رافدا اقتصاديا واجتماعية كبيرا، لكنها عندنا لا تزال مثل قطعة الحشيش التي يدخنها "المقرقب" في راس الدرب.