
الدار/ تحليل
في خضم المتغيرات الإقليمية والدولية، تتعزز مكانة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وهو ما يتجلى بشكل واضح في التحولات الجوهرية التي تشهدها مواقف عدد من الدول الكبرى، وعلى رأسها إسبانيا.
لقد جاءت المواقف الإيجابية الأخيرة من مدريد انسجامًا مع توجه دولي متنامٍ يرى في المبادرة التي تقدم بها المغرب سنة 2007 إطارًا جادًا وذو مصداقية لإنهاء النزاع، في ظل زخم غير مسبوق منحته القيادة المغربية لهذا الملف خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الانخراط الشخصي والفاعل لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
الدينامية الحالية التي تشهدها الساحة الدولية حول قضية الصحراء تتجلى في اتساع رقعة التأييد لمبادرة الحكم الذاتي، إذ باتت 22 دولة من داخل الاتحاد الأوروبي تدعم صراحة هذا الطرح، كما أن دولاً دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي عبرت بوضوح عن دعمها له، إلى جانب مواقف داعمة من قبل قوى إقليمية مؤثرة في العالم العربي وإفريقيا.
ولا يقتصر هذا التحول على أوروبا أو مجلس الأمن، بل يمتد إلى تكتلات إقليمية ودول عربية وازنة، من بينها دول الخليج، فضلاً عن فرنسا والولايات المتحدة. هذا الدعم الواسع يعكس إرادة جماعية لإيجاد مخرج سياسي للنزاع، بعد خمسين سنة من الجمود وواقع “الستاتيكو” الذي لم يجلب سوى المزيد من التعقيدات.
وفي ظل هذا الإجماع الدولي المتنامي، تبرز مبادرة الحكم الذاتي كأرضية صلبة للحل النهائي، تحت مظلة الأمم المتحدة، وباحترام كامل لسيادة المغرب ووحدته الترابية. وهي اليوم تحظى بقبول دولي غير مسبوق، ما يجعل المرحلة الراهنة فرصة ذهبية لا ينبغي تضييعها من أجل طي صفحة هذا النزاع المفتعل.
إن موقف إسبانيا، وإن بدا في ظاهره تحولاً منفرداً، إلا أنه في جوهره يتناغم مع التوجه العام للمجتمع الدولي، الذي بات يعي أن التمسك بالمواقف القديمة يعني بالضرورة الإبقاء على الأزمة قائمة. في المقابل، فإن دعم مبادرة الحكم الذاتي يمثل خطوة جريئة نحو سلام عادل ودائم في المنطقة.
ومع تسارع هذه الدينامية الدولية، يبدو أن المجتمع الدولي يسير بخطى ثابتة نحو اعتماد خيار الحكم الذاتي كحل نهائي وشامل لقضية الصحراء المغربية، في انسجام تام مع الشرعية الدولية، وتحت إشراف أممي، وبقيادة مغربية واضحة وحاسمة.