الرئيس الصيني من أستانا: سنكرّس روح “الصين وآسيا الوسطى” لبناء مستقبل مشترك وتنمية عالية الجودة
الرئيس الصيني من أستانا: سنكرّس روح “الصين وآسيا الوسطى” لبناء مستقبل مشترك وتنمية عالية الجودة

الدار/ تقارير
في خطاب محوري ألقاه خلال افتتاح القمة الثانية بين الصين ودول آسيا الوسطى في العاصمة الكازاخية أستانا، شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على ضرورة ترسيخ ما وصفه بـ”روح الصين وآسيا الوسطى”، والتي تقوم على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والمصلحة المشتركة، والتضامن من أجل تحقيق التحديث والتنمية عالية الجودة في المنطقة.
وقال الرئيس شي إن هذه الروح التي تشكلت عبر أكثر من ألفي عام من التفاعل الحضاري، وتبلورت خلال العقود الثلاثة الماضية من العلاقات الدبلوماسية، أصبحت اليوم حجر الزاوية لتعاون إقليمي فريد من نوعه يربط الصين بخمس جمهوريات آسيوية ويدفعها نحو شراكة استراتيجية شاملة.
وأوضح شي أن هذه الروح تتجسد في أربع مبادئ رئيسية: المساواة الكاملة بين الدول بغض النظر عن حجمها، والدعم المتبادل في قضايا السيادة والاستقرار، والشراكة القائمة على تقاسم الفرص وتحقيق المنفعة المتبادلة، وأخيرًا الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة التحديات والتهديدات.
وأضاف: “يجب أن نحمل هذه الروح معنا من جيل إلى جيل، وأن نحولها إلى منارة توجه مستقبل تعاوننا من أجل سلام وازدهار مستدام في منطقتنا.”
وخلال كلمته، أعلن الرئيس الصيني عن عدد من المبادرات النوعية التي تعكس التزام بكين بتعميق علاقاتها مع آسيا الوسطى. ومن أبرزها التوقيع الجماعي على “معاهدة الصداقة والتعاون الدائمة”، والتي وصفها شي بأنها “سابقة دبلوماسية تُخلّد مبدأ حسن الجوار في نص قانوني ملزم، وتؤسس لتحالف إقليمي دائم ومستقر”.
كما كشف عن تخصيص الصين لـ1.5 مليار يوان كمساعدات تنموية لصالح دول آسيا الوسطى هذا العام، وإنشاء ثلاثة مراكز تعاون متخصصة في مكافحة التصحر، وتبادل التعليم، والتخفيف من الفقر، إلى جانب منصة جديدة لتسهيل التجارة بين الطرفين.
وأعلن شي أيضًا عن تقديم 3,000 فرصة تدريب خلال العامين المقبلين، وتعميق التعاون في الذكاء الاصطناعي، والطاقة الخضراء، والبنية التحتية الرقمية، معتبرًا أن هذه المشاريع ستمثل محركات جديدة للنمو المشترك.
على الصعيد الأمني، شدد شي جين بينغ على أهمية العمل الجماعي لمكافحة الإرهاب والتطرف والانفصالية، مؤكدًا دعم الصين لتحديث القدرات الأمنية والعسكرية لدول آسيا الوسطى، وتعزيز التعاون في مجالات الأمن السيبراني والبيولوجي.
وأشار إلى نية بكين إطلاق مشاريع “المدن الآمنة” في المنطقة، وتكثيف التدريبات الأمنية المشتركة، مع التأكيد على أهمية دعم الاستقرار في أفغانستان بصفتها جارًا مباشرًا للمنطقة.
في محور العلاقات بين الشعوب، سلط الرئيس الصيني الضوء على النجاحات الكبيرة التي حققتها المبادرات الثقافية والتعليمية بين الجانبين، منها افتتاح فروع جامعية ومراكز ثقافية صينية في آسيا الوسطى، وتعليم اللغات المحلية في الجامعات الصينية.
وكشف عن وصول عدد المدن التوأم بين الصين ودول آسيا الوسطى إلى 100 مدينة، وإطلاق قطارات ثقافية وسياحية مشتركة، مع التطلع إلى توسيع هذه المبادرات لتشمل الشباب والنساء والمجتمع المدني، قائلًا: “نريد أن يزور شعبانا بعضهما البعض بسهولة وسلاسة، كما يفعل الأقرباء، ليزداد التقارب الإنساني عمقًا”.
وفي ختام خطابه، دعا الرئيس شي إلى رفض الأحادية والهيمنة، مؤكدًا أن “الحروب التجارية لا رابح فيها، والحلول القائمة على القوة لا تبني سلامًا”. وجدد دعم الصين لدور أكبر لدول آسيا الوسطى في المحافل الدولية، والدفاع عن نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب.
وقال شي إن العالم يمر بتحولات غير مسبوقة، لكن التعاون الإقليمي القائم على الاحترام والمصالح المشتركة يمكن أن يكون نموذجًا عالميًا لبناء مجتمع بمصير مشترك.
واختتم الرئيس الصيني خطابه بالتأكيد على التزام بلاده الثابت بالانفتاح والتحديث، قائلًا: “مهما تغيرت الظروف الدولية، ستظل الصين متمسكة بشراكة متينة مع آسيا الوسطى، لبناء مستقبل مزدهر يعكس روح التعاون والتكامل بين شعوبنا.”
بهذا، تكون قمة أستانا الثانية قد أرست ملامح مرحلة جديدة من التعاون بين الصين وآسيا الوسطى، تحت قيادة رؤية صينية تنظر إلى الإقليم كشريك أساسي في رسم ملامح عالم أكثر عدالة وتوازنًا.