فن وثقافة

ثويزا.. الثورة الرقمية ودورها في خلخلة الروابط الإجتماعية بالمغرب‎

الدار/ رشيد محمودي
استقبلت مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة، خلال فعاليات الدورة الخامسة عشر لمهرجان ثويزا، آخر ندوة ثقافية تحت عنوان "تحولات الثقافة والمجتمع في زمن الثورة الرقمية"، بمشاركة كل من الدكتور جوهر الجموسي من تونس، ومحمد نور الدين أفاية، وسعيد يقطين ،وعبد الصمد الديالمي من المغرب.


وتطرق نور الدين أفاية، لقضية التطور التكنولوجي، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، مشيرا إلى أن 500 ألف مغربي فقط من كانوا لهم إمكانية الولوج إلى عالم الأنترنيت، ليصل بعد مرور 20 سنة إلى 22 مليون مستخدم، معتبرا أن هذه الأدوات ساهمت في خلخلة الروابط الإجتماعية، الشيء الذي يفرض إعادة النظر في هذه الأدوات.


وتابع قائلا :" المغرب ملزم للتعامل بطريقة أخرى مع هذه الأدوات التي أصبحت تشكل خطرا على المجتمع المغربي.. هناك صعوبات كبرى في إنتاج أفكار حول موضوع متحرك دوما سواء تعلق الامر بالثقافة أو المجتمع، بحيث إن الأدوات التكنولوجية تخلق حلول وتتسبب في إثارة تراتبيات عديدة ومختلفة خاصة على مستوى التعليم…إذ إن الأستاذ لم يصبح ذاك الأستاذ التقليدي والكلاسيكي".


وقال أفاية، إن هناك تقلبات وتغيرات حقيقية يعرفها المجتمع المغربي، أمام غياب شبه تام للتفاعل مع القضايا العلمية، مع التركيز على الفضائح والحياة الشخصية للعديد من الوجوه المعروفة، مستشهدا بفضيحة سعيد عويطة مع والده والخلافات المثيرة بين الفنانين، موضحا أنه إذا كان المغرب في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عاجزا على فهم التغيرات التي شهدها فكيف للعلماء والباحثين اليوم أن ينتجوا معرفة لكل التغيرات التي شهدتها المملكة المغربية امام التطور التكنولوجي والرقمي الكبير."
واعتبر جوهر الجاموسي، أستاذ بجامعة نموبة بتونس، خلال مداخلته، أن قضية الثقافة والمجتمع أصبحت معقدة جدا في ظل الثورة التكنولوجية، الشيء الذي يطرح سؤال وجودي بامتياز قائلا :" هل يبقى الإنسان إنسانا بعد تأثره بالرقميات؟".
وأكد الجاموسي، أن عدد مستخدمي الأنترنيت يقدر بأربعة مليار و500 مليون مستخدم، علما أن هذا الإستخدام يبقى غير عادلا، مقارنة مع القارة الأفريقية الذي لا يتجاوز عدد مستخدميها في 10.7 في المئة، دون الحديث كيف كيفية الإستخدام والغاية منها.
وتابع قائلا :" جوهر ومبادئ الإنسان تغير وتعدد.. نحن اليوم كأفراد نحكم في بلدنا بواسطة اليوتوب والفيسبوك..من فترة طويلة كان الشغل الشاغل في العالم بأسره هو قانون الجادبية بعدما اكتشفها نيوتن.. لتتغير القيم في العالم الرقمي ويصبح الإنسان معلقا في شبكة الأنترنيت.. أمام عدد ضحم من الأنسجة الرقمية والدلالات التي صنعناها بأنفسنا".
ويرى الأستاذ الجامعي :" إن الإنسان في علاقته مع الثقافة هو أقرب لصورة شبكة العنكبوث ومشدود إليها بعدما تفنن في صنعها.. الرقميات اقتحمت حقوق المواطنين ..ما دمنا نفكر بالإنسان الرقمي بالضرورة وليس اختيارا.. وهو مايقودنا للمواطن الإلكتروني والرقمي.. ليؤدي هذا الامر إلى تواجد مواطنين جدد دون إذن أو استئدان.. مما أنتج مفهوم المدنية الرقمية.. علما أن في ظل العالم الإفتراضي الجديد والتطور التكنولوجيا الكبير يسجل العالم ارتفاع نسبة الفقر مما يوضح المفارقات الإقتصادية وضعف المؤشرات التنموية في مختلف البلدان الفقيرة".
وفي نفس السياق، يرى الدكتور والناقد سعيد يقطين، أن علاقة الإنسان بالألة في العصر التقني مختلفة تماما عن مايعيشه العام في الثورة الرقمية، بحيث إن الوسيط الرقمي لم يصبح آلة بل سار يشكل مجموع العناصر التي تتصل بالعالم الإنساني بداية بالمكان والزمان والخيال.
وتابع قائلا :" اعتبر أن هناك تحولا واحدا جوهريا ولا نتعامل معه بالكيفية التي يفرضها علينا وله علاقة بالتحول الإنساني، بعدما انتقل من مرحلة تاريخية إلى مرحلة تاريخية جديدة.. نحن الآن أمام حقبة تاريخية تفرض طرح اسئلة والبحث عن إيجابات إديولوجية في موضوع المجتمع الإنساني بعدما دخلت لهذا العصر، الذي مس كل القطاعات والافراد بغض النظر عن مستواهم الثقافي والإجتماعي".
وحسب ذات المتحدث :" التحول الجوهري هو التكنولوجية الجديدة للمعلومات والتواصل والتي تلخص في الأدوات والبرمجيات التي تسمح بالدخول إلى الفضاء الشبكي والتي حققت نتائج مبهرة اولها الإنتقال من الإتصال إلى التواصل.. ولعل التجربة الصينية والهندية أبرز النماذج".
وأكد يقطين، أن اللغة الحقيقية التي يجب الحديث عنها في مشروع التعليم الدراسي المغربي لا علاقة لها بالفرنسية او الإنجليزية بل، البحث عن برمجيات خاصة تنحصر مع العالم الرقمي، علما أننا أمام قضايا ما قبل الرقمية، الشيء الذي يجبرنا على البقاء على التبعية الرقمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى