سلايدرمغرب

الجيل الجديد من التنمية المجالية بين الرؤية الملكية ورهانات إستحقاقات 2026.

بقلم : ذ/ الحسين بكار السباعي

الدورية الصادرة عن وزارة الداخلية بتاريخ 15 غشت 2025 الموجهة الى مختلف السادة ولات وعمال المملكة، تأتي في سياق تفعيل التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير، حيث شدد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، على ضرورة إبداع جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة. فالأمر اليوم، لا يتعلق فقط بعملية تقنية توجيهية، بل برؤية إستراتيجية تروم تثمين الخصوصيات المحلية، وتعزيز التضامن بين الجهات، وضمان عدالة الولوج إلى مختلف محفزات النمو.

إن الخطاب الملكي السامي وضع التشخيص بوضوح، فبرامج التنمية السابقة مكنت المغرب من مكتسبات كبرى في البنيات التحتية وتوسيع قاعدة العدالة الإجتماعية، غير أن تفاوت الأثر بين المجالات الترابية كشف الحاجة إلى إعادة التوجيه نحو سياسة أكثر استباقية ووقعا ملموسا في الحياة اليومية للمواطن. من هنا جاء التشديد على التشغيل كمدخل أولي للتنمية، عبر إستثمار الطاقات المحلية وتشجيع المقاولة، وعلى الخدمات الإجتماعية الأساسية من تعليم وصحة باعتبارها العمود الفقري لكرامة الإنسان.
إن الرؤية الاستشرافية لسياسة إعداد التراب الوطني أضحت تنبني اليوم على قاعدة جديدة، فالتنمية ليست مشاريع متفرقة، بل هندسة متكاملة، تجعل من الإنسان غايتها ومن المجال رافعتها. المغرب مقبل على مرحلة نوعية، حيث لم يعد مسموحا بالزمن المهدور ولا بالمشاريع المبعثرة، بل بورش ملكي يفرض على كل المتدخلين مضاعفة الجهود والإنخراط في دينامية بناء وطن عادل ومتوازن.
الجيل الجديد من التنمية المجالية هو مقاربة إستراتيجية شمولية تستند إلى إستباق التحولات والرهانات الترابية، وتهدف إلى تحقيق العدالة المجالية والإجتماعية عبر تثمين الخصوصيات المحلية، وتقوية الجهوية المتقدمة، وضمان أثر مباشر ومستدام على حياة المواطن من خلال التشغيل والخدمات الأساسية، في إطار رؤية متكاملة ومنسقة للتنمية الوطنية.

ختاما، إستحقاقات 2026 لا محالة ستضع أحزابنا السياسية أمام إختبار حقيقي، فهل ستجرؤ على الإنفتاح وتجديد نخبها بضخ طاقات شبابية مؤهلة قادرة على تدبير رهانات المرحلة، أم ستظل حبيسة الوجوه التقليدية والإصطفافات الضيقة؟ إن المستقبل لن يكون لمن يملك الخطاب السياسي فقط، بل لمن يترجم هذه الرؤية إلى فعل يلامس حياة المواطن ويعيد الثقة في السياسة كأداة فعالة للحكامةو التنمية المحلية والوطنية.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محان وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى