سلايدرمغرب

المغرب في عهد محمد السادس: إنجازات مذهلة وتحديات لا تزال قائمة

الدار افتتاحية/ إيمان العلوي

خمسة وعشرون عامًا من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله كانت كافية لتعيد رسم ملامح المغرب على جميع المستويات. الأرقام لا تكذب: الناتج الداخلي الخام تضاعف ثلاث مرات، احتياطات العملة الصعبة قفزت من أقل من 5 مليارات دولار إلى أكثر من 37 مليارًا، نسبة التمدرس في العالم القروي ارتفعت من أقل من 55% إلى أكثر من 95%، ومعدل أمل الحياة صعد من 66 إلى 76 سنة. هذه ليست مجرد مؤشرات اقتصادية أو اجتماعية، بل انعكاس لمسار إصلاحي جعل من المغرب قوة صاعدة في محيطه الإقليمي والدولي.

لكن ما يميز التجربة المغربية أن هذه الإنجازات لم تبق حبيسة الداخل، بل ارتبطت برؤية أوسع تراهن على الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة كبوابة بين إفريقيا وأوروبا. ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح من بين الأوائل عالميًا في الربط البحري، جعل المغرب مركزًا لوجستيًا دوليًا. أما الطاقات المتجددة، فحوّلت البلاد إلى مختبر عالمي للانتقال الطاقي، فيما رسخ قطاع السيارات موقع المملكة كأول مصنع في إفريقيا.

ومع ذلك، فإن الافتخار بما تحقق لا يجب أن يحجب عنا صورة الواقع بكل تفاصيله. فما تزال التفاوتات الاجتماعية والمجالية قائمة، وما يزال الشباب يواجهون نسب بطالة مرتفعة تعكس خللًا في سوق الشغل ونظام التكوين. كما أن الاقتصاد الوطني، رغم تنوعه، يبقى حساسًا أمام تقلبات الأسواق الدولية وظروف المناخ التي تضرب الفلاحة، باعتبارها قطاعًا استراتيجيًا.

اليوم، ومع إطلاق النموذج التنموي الجديد، يدخل المغرب مرحلة حاسمة. فالرهان لم يعد مجرد رفع الأرقام، بل تحويل التنمية إلى عدالة اجتماعية حقيقية يشعر بها المواطن في حياته اليومية: تعليم بجودة أفضل، صحة في متناول الجميع، شغل كريم يضمن الكرامة، وخدمات عمومية ترقى إلى مستوى التطلعات.

إن الإنجازات التي راكمها المغرب منذ 1999 تمنحه رأس مالًا سياسيًا واقتصاديًا ومعنويًا ضخمًا، لكنها في الآن نفسه تضعه أمام امتحان المستقبل. فالمغرب مطالب ليس فقط بالحفاظ على وتيرة النمو، بل بجعلها أكثر شمولًا وعدلًا، حتى لا تبقى التنمية حكرًا على بعض الجهات أو بعض الفئات.

من هنا، يمكن القول إن التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة هو الانتقال من مغرب الإنجازات الكبرى إلى مغرب الحياة اليومية الكريمة.

وبينما يواصل البعض اجترار الماضي بانتقاد سطحي، فإن المستقبل الحقيقي يبنى بالنقد البنّاء والجرأة في الإصلاح، حتى يظل المغرب وفيًا لتاريخه العريق، ومؤهلًا ليصبح قوة صاعدة بامتياز في العقدين القادمين.

زر الذهاب إلى الأعلى