الإجماع الدولي يحسم النزاع: الحكم الذاتي يرسخ السيادة المغربية والجزائر والبوليساريو في عزلة متصاعد

الدار/ إيمان العلوي
التحول الدولي الحاسم في قضية الصحراء المغربية لا يقتصر على تكريس مبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد للحل، بل يمتد ليُحدث ارتدادات عميقة على حسابات الجزائر وجبهة البوليساريو، اللتين ظلتا لعقود تراهنان على ورقة الاستفتاء وتغذية النزاع المفتعل كأداة للمساومة الإقليمية. سقوط هذا الخيار من الأجندة الأممية يعني عمليًا نهاية المشروع الانفصالي في بعده السياسي والقانوني، ويضع الجزائر أمام عزلة دبلوماسية متزايدة، خصوصًا مع التراجع الواضح في حماس حلفائها التقليديين، بل حتى بعض الأصوات داخل الاتحاد الإفريقي باتت أكثر ميلاً للتعاطي الواقعي مع الطرح المغربي.
الجزائر، التي أنفقت مليارات الدولارات لدعم جبهة البوليساريو سياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا، تجد نفسها اليوم في موقع دفاعي صعب، حيث لم تعد أطروحتها تجد صدى لدى القوى الكبرى. بل إن استمرارها في تمويل الانفصال يُنظر إليه من طرف المنتظم الدولي كعائق أمام الاستقرار الإقليمي، في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى تعاون أمني واقتصادي لمواجهة تحديات الإرهاب والهجرة غير النظامية والتغير المناخي. وهذا ما يفسر الضغوط المتزايدة على النظام الجزائري للتخلي عن رهانه الخاسر، والالتفات بدلًا من ذلك إلى بناء شراكات تنموية مع المغرب وباقي دول الجوار.
أما جبهة البوليساريو، فقد باتت في وضع أكثر هشاشة من أي وقت مضى. داخليًا، يزداد الغضب بين المحتجزين في مخيمات تندوف بسبب أوضاع اجتماعية مأساوية وغياب أي أفق سياسي واقعي، وخارجيًا تراجعت قدرتها على التأثير بعدما جرى تحييد خطابها في الأمم المتحدة وإسقاط خيار الاستفتاء من النقاشات الجدية. هذا الانحسار جعل الجبهة تعتمد على تحركات إعلامية أو عسكرية محدودة لإبراز وجودها، غير أن هذه المناورات لم تعد تُقنع أحدًا في ظل التغير الكبير في المواقف الدولية.
وبذلك، يظهر أن التحول الدولي لا يمثل مجرد مكسب دبلوماسي للمغرب، بل هو في الآن نفسه خسارة استراتيجية فادحة للجزائر والبوليساريو، إذ يجردهما من أبرز أوراق الضغط التي طالما استعملاها، ويدفعهما نحو خيارين أحلاهما مر: إما الانخراط في المسار السياسي تحت سقف الحكم الذاتي، أو مواجهة عزلة دولية متزايدة مع ما تحمله من تداعيات سياسية واقتصادية داخلية.