
الدار/ زكريا الجابري
لم تكن بعض الحسابات التي نشطت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال باسم جيل Z سوى أدوات مدسوسة هدفها الوحيد إشعال الشارع ودفعه نحو الفوضى.
فقد برزت فجأة بخطاب تحريضي ولغة تستغل غضب الشباب ومطالبه الاجتماعية، ثم اختفت بشكل متزامن مع بداية الانزلاق إلى أعمال عنف ونهب، وكأن مهمتها كانت إشعال النار ثم الانسحاب لترك الساحة خاوية من أي مسؤولية.
هذا الاختفاء السريع يفضح طبيعة تلك الحسابات التي لم تكن يوماً صوتاً صادقاً لمطالب الشباب، بل مجرد وسيلة لتوظيفهم وقوداً في معركة خفية تحركها أطراف تبحث عن ضرب الاستقرار بالمغرب.
الأخطر أن هذا الفراغ الرقمي فتح الباب أمام عناصر إجرامية تسللت وسط المحتجين وحولت مسيرات سلمية إلى أحداث تخريبية طالت الممتلكات الخاصة والعامة، ما جعل المطالب المشروعة تختفي خلف دخان العنف.
المغرب اليوم أمام تحدٍّ حقيقي يتمثل في مواجهة هذا النوع من الاستهداف الرقمي عبر آليات رصد وتتبع ومساءلة صارمة، إلى جانب حماية وعي الشباب من الوقوع ضحية لمثل هذه المناورات.
فالمساءلة القانونية ضرورية حتى لا يفلت المتورطون من العقاب، لكن الأهم هو تحصين المجتمع من الداخل عبر تعزيز ثقافة رقمية تحاصر التضليل وتكشف الأقنعة، لأن من أشعلوا الفوضى واختفوا في الظل ليسوا سوى خصوم للاستقرار والوطن، ومصيرهم يجب أن يكون المحاسبة لا الإفلات.