اتفاق غزة.. هدنة محفوفة بالحذر بين تثبيت السلام وحسابات السياسة

الدار/ زكريا الجابري
توصلت حركة “حماس” وإسرائيل إلى اتفاق جديد يقضي بوقف إطلاق النار، بعد جولات شاقة من المفاوضات غير المباشرة رعتها مصر وقطر وتركيا، وبدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وبحسب ما أُعلن، وافقت حركة حماس على إطلاق سراح جميع الأسرى لديها، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه داخل القطاع، ما يفتح الباب أمام هدنة يُنتظر أن تضع حدًا مؤقتًا للعمليات العسكرية التي استنزفت الجانبين على مدى الشهور الماضية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أنه سيعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء للمصادقة على الاتفاق، واصفًا ما تحقق بأنه “انتصار وطني وأخلاقي لإسرائيل”، في إشارة إلى اعتباره الاتفاق نتيجة ضغط عسكري وسياسي طويل. في المقابل، شددت حركة حماس في بيانها على أنها متمسكة بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في الاستقلال وتقرير المصير، مؤكدة أن الاتفاق لا يعني التخلي عن الثوابت الوطنية.
الوساطة التي لعبتها كل من القاهرة والدوحة وأنقرة كانت حاسمة في كسر الجمود الذي هيمن على المحادثات منذ أسابيع، وقد وجهت حماس شكرها لهذه الدول على جهودها، كما عبّرت عن امتنانها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مساهمته في تقريب وجهات النظر.
من جهته، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة بالاتفاق، معتبرًا أنه خطوة نحو تثبيت الهدوء في المنطقة وتهيئة الظروف لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان غزة الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية صعبة. وأعلنت المنظمة الأممية استعدادها لدعم تنفيذ الاتفاق وضمان وصول المساعدات إلى كل المتضررين.
وفي خطوة لافتة، أجرى نتنياهو اتصالًا بترامب عقب الإعلان عن الاتفاق، بحث خلاله سبل تعزيز التعاون الثنائي، ووجّه له دعوة لإلقاء خطاب أمام الكنيست، في إشارة رمزية إلى عمق التنسيق بين الجانبين في المرحلة المقبلة.
ورغم الترحيب الدولي، تبقى الأسئلة معلقة حول مدى صمود هذا الاتفاق في وجه التوترات الميدانية وتباين المواقف السياسية، خصوصًا أن التجارب السابقة أظهرت هشاشة الهدن في ظل غياب حل سياسي شامل يضمن حقوق الفلسطينيين ويضع حدًا لدائرة العنف المتكررة في غزة.