الرياضة

مكوار.. الأب الروحي للوداديين..هكذا كان ينظر إلى “الديربي”

الرباط/ صلاح الكومري

لم يكن عبد الرزاق مكوار، الأب الروحي للوداد الرياضي، يعتبر "الديربي" أمام "الجار" الرجاء، مباراة مصيرية أو ثأرية ولا مجال فيها للهزيمة، كما هو حال رؤساء ولاعبي ومسيري الفريقين في السنوات الأخيرة، بل كان يعتبرها مناسبة لصلة الرحم بين البيضاويين، وحدثا تسمو فيه القيم والأخلاق والروح الرياضية.

عبد الرزاق مكوار، الرئيس السابق للوداد الرياضي لمدة 20 سنة، من 1972 إلى 1992، سبق عصره بعقود وليس فقط بسنوات، أفكاره واقتراحاته حول الاحتراف الكروي، والتي كان يناضل من أجل ترجمتها على أرض الواقع، وقتذاك، تعمل جامعة الكرة، حاليا، على استيرادها من دول أخرى مقابل ملايين الدولارات، كان يرى في الأحداث الكروية الكبرى، مناسبة لترسيخ قيم التسامح والأخلاق بين الجميع، جماهير، لاعبين، مسيرين، رياضيين، سياسيين.

يقول عبد المجيد سحيتة، اللاعب السابق للوداد الرياضي، في فترة السبعينيات، في حديث مع موقع "الدار"، إن مكوار، لم يكن يجتمع مع اللاعبين أو يخصص لهم منحا مالية لهزم الرجاء، أو شيء من هذا القبيل، كما هو الأمر اليوم، بل كان يعتبر المباراة، "لقاء الإخوة"، و"فرصة لصلة الرحم بين جميع البيضاويين"، موضحا: "كان ينظر إلى المباراة على أنها عيد وطني يمثل الكرة المغربية، لم يكن يعتبرها مصيرية، بل كان يعتبرها مثل باقي المباريات".

ومن المواقف "الاحترافية" لعبد الرزاق مكوار، في فترة السبعينيات، أنه لم يكن يحرص على استقرار فريقه الوداد فحسب، بل إنه كان يحرص على استقرار الرجاء أيضا، وكانت تهمه مصلحة جميع لاعبي الأخير، فقد كان يسأل عن اللاعبين الرجاوييين من أسر معوزة، ويعمل على توظيفهم في مكتب التسويق والتصدير، حيث كان يشغل منصب مدير عام، ويحرص على دعمهم حتى لا يتوقفوا عن ممارسة كرة القدم.

يقول عبد المجيد سحيتة، في هذا السياق: "عبد الرزاق مكوار لم يكن رئيسا عاديا، كان أبا للجميع، يحرص على زرع قيم الأخلاق والتسامح، ولم يكن يتغاضى عن أي لاعب كان في حاجة إلى مساعدة، جميع اللاعبين، في الوداد أو الرجاء، كانوا سواسية أمامه، لم يكن يضع فوارق بين هذا اللاعب أو ذاك، أي لاعب كان يحتاج إلى المساعدة، سواء من الوداد أو الرجاء أو فرق بيضاوية أخرى، كان مكوار يبادر ويتصل به، ويسأله عن حاجته ويقضيها له، وبعد ذلك يأمره بمواصلة التداريب وعدم الانقطاع عن لعب الكرة، حدث هذا الأمر معي ومع مجموعة من اللاعبين، بعضهم توفي والبعض الآخر مازال على قيد الحياة".

يحكي عبد المجيد سحيتة، أنه خلال مباريات "ديربي" الفئات الصغرى، الكتاكيت أو الفتيان، في فترة السبعينيات والثمانينيات، كان عبد الرزاق مكوار، يحضر مبكرا إلى ملعب بن جلون أو مركب الوازيس، برفقة رؤساء ومسيري الرجاء البيضاوي السابقين، المعطي بوعبيد، عبد اللطيف السملالي، الحاج مقتدر، وكانوا يختارون زاوية معينة في الملعب، يجلسون على كراسي عادية، ويضعون أمامهم إبريق شاي، ويسرحون في حديث ذو شجون، كانت تنتهي المباراة ويستمرون في الحديث والضحك مع بعضهم ساعات طوال".

كثيرة هي المواقف التي تؤكد وتجسد الروح الاحترافية التي كان يتمتع بها عبد الرزاق مكوار، وناضل من أجل ترسيخها في المنظومة الكروية الوطنية، كان يحرص على برمجة مباريات دولية بين الوداد وفرق أوروبية، وكان أول من اقترح فكرة تنظيم نهائيات كأس العالم، وأول من إقترح اعتماد النظام الاحترافي في الدوري الوطني، وكان وراء تتويج الوداد الرياضي بـ15 لقبا، محليا ودوليا، لهذا يعتبره جمهور الودادي، الأب الروحي للنادي، وأفضل رئيس في تاريخ الفريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى