الجمعية العامة لـ “الفابا”.. الخبراء يدعون إلى نموذج اقتصادي جديد للصحافة
شدد ثلة من الخبراء الإعلاميين، اليوم الجمعة بالرباط، على التخلي عن النموذج الاقتصادي "التقليدي" للصحافة والتطلع إلى المستقبل من خلال التفكير في بلورة نموذج جديد يوفر لمستهلك المعلومة خيارا أوسع.
وأكد مختلف المتدخلين، خلال ندوة نظمت حول موضوع "النموذج التاريخي والوحيد لوكالة الأنباء قد ولى، ابتكروا مستقبلكم"، على هامش أشغال الدورة الخامسة للجمعية العامة للفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الإفريقية (فابا)، على ضرورة تنويع مجالات ووسائط الاتصال لملامسة أكبر عدد من العموم، وتكثيف الإنتاج وطرق النشر.
وبحسب برنارد مونتيلي، الخبير الإعلامي من جمهورية الكونغو، فإن وكالة الأنباء ينبغي أن تساير طلبات زبنائها القدامى منهم والجدد من جهة، ومواكبة تغير الاستعمالات في قطاع الصحافة من جهة أخرى.
وقال "إن النموذج التقليدي لوكالة الأنباء، على غرار إنتاج محتويات للصحافة، يجب أن يساير الوسائط الجديدة، مما يقتضي الاستثمار في تطوير وحكامة الوكالة"، مضيفا أن ذلك "يستحثنا على التفكير في تطوير وسائل الإعلام وأثرها على نموذج وكالة أنباء وحاجيات التمويل والحكامة".
وتابع الخبير الكونغولي أنه ينبغي إعادة النظر في النموذج "الكلاسيكي" لاقتصاد وكالات الأنباء في سياق التطور المتواصل للمعلومة على الأنترنيت وقنوات الأخبار التلفزية، ملاحظا أن هذا الأمر يستوجب ميلاد نموذج جديد في عالم تنافسي حيث الانترنيت يشجع على الرفع من عدد المدونين وعلى تكريس شبكات التواصل الاجتماعي والوسائط الأخرى التي تتيح لكل فرد الربط بها لنشر النصوص والتسجيلات الصوتية والصور.
ومن جانبه، رأى صامبا كوني، الرئيس المدير العام لـ"سود-أكسيون ميديا" أن عهد السرعة يفرض التعامل معه بشكل آخر، مؤكدا أن مستقبل وكالات الأنباء يجب أن ينظر إليه في تزاوج بين الماضي والحاضر، ما دامت هي مطالبة بمواصلة تأسيس مبادراتها بما يناسب خصوصياتها من خلال الاحترام التام للقواعد المهنية.
وسجل أن الوكالة يجب أن توضيح الوقائع عند شرحها، والتفصيل في رهانات هذه الوقائع، وإلقاء الضوء على الأوضاع الاستثنائية، مع تمكين القنوات التلفزية والإذاعية من تدبير برامجها وإعطاء مستجدات الأخبار للصحف والتفصيل في تحليلاتها وإثارة شبكات التواصل الاجتماعي حتى تفرز تعليقات على الأحداث.
ولاحظ الخبير الكامروني، في هذا السياق، أن وكالات الأنباء يجب أن لا تتوقف عن التكيف، فضلا عن التوفر على القدرات التقنية والبشرية حتى تلبي انتظارات زبنائها.
وقال إنه فضلا عن القصاصات التقليدية، فإن مستقبل وكالات الأنباء رهين بمسايرة الموضوعات الراهنة وإنتاج الصور والفيديوهات واستعمال مصادرها الجديدة وفضاءاتها الحديثة التي تمثلها شبكات التواصل الاجتماعي.
من جهته، قال دافيد ساليلين، خبير في استراتيجية المحتويات وهندسة الافتتاحيات أن وكالة الأنباء ، كأي وسيلة إعلام ، ينبغي أن تحرص على الحفاظ على المصداقية وثقة العموم وخاصة الجيل الجديد.
وبعد أن أبرز أهمية مفهوم الاقتصاد التشاركي، توقف عند استراتيجية المحتوى والحاجة لملاءمة المضمون مع الشكل، مشيرا إلى أن مسؤولي التحرير ينبغي أن يضعوا هدف المحتوى في صلب تفكيرهم.
وشدد الخبير الفرنسي على أن الهدف الحقيقي للاستراتيجية الرقمية تكمن في التساؤل عن كيفية مساعدة المحتوى القارئ على تحسين طريقة عيشه وفهم رهانات محيطه.
من جانبه، أبرز مؤسس شركة (سابريس) والرئيس المدير العام (لبرومو بريس) محمد برادة في مداخلة بعنوان "أي نموذج اقتصادي لصحافة اليوم ؟"، أن النموذج الاقتصادي للصحافة يوجد ضمن النموذج الجديد الذي يتم السعي إليه من أجل المقاولات الجديدة ومتطلباتها.
ولفت إلى أن "الصحافة ليست وحدها من تبحث عن نموذج جديد"، مضيفا أن هذه الرؤية الجديدة تفرض ذاتها لإعادة تكييف كافة قطاعات الأنشطة مع التطور في الاحتياجات الحقيقية للمواطنين في جميع أنحاء العالم.
وقال السيد برادة ، في هذا الصدد ، إنه إذا كانت الصحافة المكتوبة غيرت وسائطها بالتخلي تدريجيا عن الورقي والاتجاه نحو طريق التحديث الرقمي، "فإن وكالاتنا للأنباء مدعوة أيضا إلى البحث عن موقع جديد مغاير تماما لمفاهيم الوظائف السابقة ".
وأشاد ، بالمناسبة ، بالتقدم الملموس الذي أحرزته وكالة المغرب العربي للأنباء، مما جعلها رافعة حقيقية للتنمية وأداة تتطور لتلبية الحاجيات الحديثة والحقيقية والمحينة باستمرار لزبنائها.
وتابع "يجب على وكالة أنباء اليوم ، بكل تأكيد ، القيام بمهام الإخبار ولكن أيضا تلبية طلب زبنائها من خلال اقتراح عدد من الخدمات التي تتوافق مع الاحتياجات المحددة لفئاتها المهنية"، مشيرا إلى أن النموذج الاقتصادي الجديد، والمتعلق بالصحيفة والصحافة وكافة وسائل الاتصال، هو ذلك النموذج الذي يتماشى مع حاجيات القارئ والزبون ومستخدم اليوم.
كما أكد المتدخلون على ضرورة قيام وكالات الأنباء الإفريقية ببلورة استراتيجية مشتركة وإقامة شراكات إستراتيجية في المجالات ذات الاهتمام المشترك، من أجل التصدي لانتشار الأخبار المزيفة.
وتعتبر الفيدرالية الأطلنتية لوكالات الأنباء الإفريقية، التي تتخذ من المغرب مقرا لها، منصة مهنية للنهوض بتبادل الخبرات والمعلومات ومنتجات الوسائط المتعددة، وكذا لتبادل الأفكار والنقاش حول مستقبل وكالات الأنباء الإفريقية والدور الذي يجب أن تضطلع به في القرن الحادي والعشرين، وذلك بناء على تنوع وخصوصية كل وكالة على حدة.
وتشمل أهداف الفيدرالية إرساء شراكة استراتيجية وتطوير العلاقات المهنية بين وكالات الأنباء الأعضاء، إلى جانب المساهمة في تعزيز التداول الحر للمعلومة وتكثيف التعاون والتنسيق على مستوى المنتديات الإقليمية والدولية.
المصدر : و م ع