الرأي

أبيض أسود يكتبه للدار محمد بنيس

البهجة ..من اتحاد جدة إلى مدخل البنك.

.. مدرب نادي الكوكب المراكشي لكرة القدم النجم الدولي السابق أحمد البهجة..قال للاعبي الفريق بعدما قرروا شن إضراب عن التداريب احتجاجا على تأخر و عدم الوفاء بمستحقاتهم ..<< هذا من حقكم >>..ثم ذهب إلى مدخل إحدى الوكالات البنكية و هاتف رئيس الفريق السيد نعيم راضي و عندما حضر طالبه باستخراج مستحقات اللاعبين من البنك طبعا ..؟؟؟
رفض رئيس الفريق و أكد له أنه لا يجوز له التدخل في شؤون إدارية ..و كانت النتيجة ..تبادل السب و الشتم و..الاشتباك بالأيدي ..
و لم أكن أتصور أبدا أن يتحول المسار الرياضي في المغرب لهذا التدني ..و كأنني أشاهد إحدى هزليات حلقة ساحة جامع الفنا ..و لم أسمع أبدا في كل العالم أن مدربا انتهج نفس هذا السلوك ..
أحمد البهجة مبدع رائع كلاعب ..انتقل بعد مونديال 94 للعب في المملكة العربية السعودية و ما زالت العديد من الفيديوهات تشهد على إبداعة الخارق خصوصا مع نادي اتحاد جدة ..و لكني لم أعرف أن البهجة تلقى تكوينا أو تخرج من إحدى المعاهد التدريبية ..أو حتى شارك في بعض الدورات المكملة ..و أستغرب كيف اعتمد من طرف إدارة الكوكب المراكشي مدربا ..و أستغرب أكثر من غياب كلي لودادية المدربين المغاربة ..و حتى من قوانين أو لوائح جامعة كرة القدم التي لا تشير إلى هذا التنظيم ..

في أوروبا يدرسون مهنة التدريب لمدة تقارب ال 15 عاما ..و يضع المعهد الفرنسي – تنزيلات – و تسهيلات للاعبين كبار مارسوا في المنتخبات ..ولهم خبرة واسعة ..يخضعوهم لسنة دراسية مضغوطة .- آكسيليري – مع شريطة اعتمادهم على مدربين مساعدين من ذوي التكوين التدريبي العالي ..و هي فرصة يمنحها المعهد الفرنسي استثناء مع المتابعة ..أما قوانين الاتحادات الأوروبية فهي واضحة ..الذي يدرب الفريق الاول ..لابد ن يحمل شهادة كذا و شهادات أقل قليلا للفئات الأخرى ..و هكذا ..لأن الاتحادات العالمية تقدس العلم و تحترم تعب وصبر و قيمة المدرب وتسعى للتطور و ليس إلى الفوضى و – السيبة – .
إننا نكبر في أحمد البهجة تعاطفه و تضامنه مع حقوق اللاعبين ..و نحترم نيته التلقائية في الدفاع و تفعيل هذا التضامن ..و لكن الطريقة مرفوضة وتدعو للاندهاش و …..ثم….
قرأت العديد من عقود المدربين في المغرب و خارجه ..و غالبيتها تشترط على المدرب عدم التدخل في السياسة أو الدين و احترام ثقافة و تقاليد المجتمع والبلد و التفرغ لعمله و عدم التدخل في شؤون النادي الأخرى ..فهل تفرض جامعة الكرة على الأندية أن تتضمن عقود المدربين مثل هذه البنود..و هل توجد لوائح تسمح للاعبين بشن إضراب أو وقفة احتجاج أو الامتناع عن اللعب ..
..في غياب تقنين تشريعي سليم و صارم ..غدا قد يحتج كل لاعبي الأندية المغربية أو جلها ..غدا سيذهب المدربون إلى مداخل الأبناك و يلزمون الرؤساء بالتسوية أو السب و الإشتباك ..غدا لن تجد لجان التأديب و الانضباط أمامها قانونا ينص على هذه الحالات ..غدا سيحلق – المتحذلقون – لمحكمة الفيفا والكاس وحتى الصينية ..غدا سيصبح دور النقابات مطلوبا لوقف هذه الأوراش الصدئة المفتوحة .
صادقا ..لا أنتحي بطرحي للكاريكاتيرية ..و إن كان الأمر يستحق ..و لكني طالبت بالتقنين منذ زمن طويييييل جدا و طالبت بتقوية و تعزيز دور ودادية المدربين المغاربة ..وتغربت خارج المغرب و عدت للمغرب و ظل موضوع تهميش المدربين المغاربة يخرج لسانه لي ..
و في ظل النهج العملاق لتفعيل مغرب الجهات ..ألا تستحق مراكش التي تمثل جهة قوية في المغرب فريقا كبيرا عظيما يحقق الفرجة والمتعة و الاحتفالية و يضيف ميزة السياحة الرياضية ..خصوصا و المدينة تتوفر على ملعب كاللؤلؤة ..على بنيات استقطاب بشرية منقطعة النظير .. إضافة إلى ماضيها الكروي المتوهج بالفنانين و المبدعين و تاريخها المشرق في أجندة الكرة المغربية ..ويمكن وفق إمكانيات الجهة أن تكون شبيهة لفلانسيا أو برشلونة في إسبانيا..
الكوكب الآن يلعب في القسم الثاني و يعاني حسب المشهد العجيب الذي رواه موقع – الدار – بأمانة ..من ضائقة مالية شرسة ..يحدث هذا في مراكش في مدينة الفنادق المنجمة و التي فوق النجوم ..و في بيئة سياحية الأولى بالمغرب مع موارد فلاحية و صناعية و خدماتية لا تعد و لا تحصى ..و أتساءل لماذا شيدت هذه الملاعب الرائعة في وجدة و طنجة و فاس و مكناس و أكادير و مراكش و الرباط و البيضاء ..لماذا ..
أؤكد أن جامعة الكرة بإمكانها وضع لجنة ..فقط لجنة .. تحت إشرافها خاصة لمنتخب المحترفين المغاربة في الخارج و تتفرغ للشأن الداخلي لتفعيل المنتوج الوطني ..بالتشريع و القوانين و اللوائح و البرامج و التكوين و بمزيد من التكوين..
إن مدرب الفئات الصغرى هو معلم لها و مدرب الفريق الأول هو معلم و منظم له ..و مدرب المنتخب ..أي منتخب هو بمثابة أستاذ جامعي ..فهل يعقل أن يسمح لمعلم أن يمتهن التدريس من دون شهادة ..و شهادة موثقة من المعهد الذي تخرج منه و معتمدة من وزارة التربية والتعليم ..و الشهادات تعلو بترتيب المراحل التعليمية ..
قالوا أن القانون يعلم الأخلاق أو بعض الأخلاق ..فالذي لا يحترم إشارة مرور ..لا نتوقع منه أن يحترم أسرته وأبناءه و زوجته ..و لكن إذا ما عوقب بصرامة على مخالفته و من دون أي رحمة من الوساطات سيفتح عينيه جيدا و يعرف أن تكسيره للضوء الأحمر سيؤدي إلى جريمة قتل أو إعاقة أبرياء .. جريمة علنية مع سبق الإصرار و الترصد.

زر الذهاب إلى الأعلى