طلحة جبريل يكتب: حكاية فندق
طلحة جبريل
عرجت في طريق العودة من زيارة خاطفة لمدينة القنيطرة نحو “شاطئ الأمم”، لدي مع هذا الفندق الكثير من الذكريات.
فندق “الفردوس” ما يزال هناك. لكن شيئاً فيه لم يتغير. ألوانه خضراء شاحبة. أثاثه لم يتبدل. بعض مقاعده تآكلت. كان هذا الفندق قبلة للقاءات مهمة ولدعوات باذخة. وأيضاً لبعض العشاق الذين يتحدثون بكلام هامس لذيذ وهم يصيخون السمع للأمواج تتكسر على الشاطئ.
أتذكر ان الملك الحسن الثاني، رحمه الله،عقد ندوة صحافية مع الصحافة العربية في الثمانينيات في القصر الملكي بالصخيرات، وبعد الندوة نقلنا بحافلات الى فندق “الفردوس” لمأدبة غداء بدعوة من وزارة الإعلام .بعض الذين حضروا تلك الندوة كتبوا عن الفندق ومأدبة الغداء وشاطئ الأمم الخلاب، أكثر مما كتبوا عن وقائع الندوة الصحافية.
الغابة التي تحيط بالشاطئ، ما تزال هناك ولحسن الحظ لم تزحف نحوها غابات الأسمنت التي تدفقت على الطريق في منطقة “سيدي الطيبي”،حتى لكاد البعض ان يشيد أكواخاً فوق الأسفلت.
قبل الوصول الى المهدية،إفترش فلاحون الأرض يبيعون الخضروات والدجاج والبيض. في الماضي كانت تلك الخضر تأتي من المنطقة نفسها والناس يذهبون الى المهدية لشراء السمك الطازج ويتوقفون عند أولئك الفلاحين لشراء الخضر والفواكه الطازجة. آلان هذه الخضر تأتي من خارج المنطقة. الفلاحون أصبحوا تجاراً للخضر، يبيعون الناس الذكريات. ذكريات خضر طازجة وفواكه كانت هنا ذات يوم.
عندما تصبح الأمكنة في الذاكرة،هذا يعني أن السنوات تركض ركضاً.