..كان فضاء مركب محمد الخامس بالدار البيضاء يملأ العين و يفيض بعشاق الرجاء ..لم يأتوا ليولدوا أسئلة ولا ليطرحوا أية بدائل ..سكان المدرجات كان كطوفان يطفح بالحب ..و بين وجدان و فيض نفس هم هنا للإحتفاء بالعيد الأخضر اللامنتهي..
وخسر الرجاء و لكنه تأهل ..تأهل وسط رعب هيتشكوكي رجفت له كل الفرائس ..هل خذل الرجاء عشاقه ..هل كان لاعبوه قد ابتلعوا جرعة ثقة نفسية زائدة ..هل حسب المدرب السلامي حسابات تكتيكية لم تصنع الحل ..لماذا إذن خسر الرجاء ..
والحكمة تستوجب البحث عن منغصات طارئة جاءت لتفسد عيد التأهل ..و ليس أن نركن و ..نطمئن و نهمش الحقائق لا لشئ ..سوى لأن التأهل كان ..و الصمت بعده يساوي كل الحكم ..
كان نادي مولودية الجزائر أسد جريح و جاء للدار البيضاء ليدافع عن هويته وتاريخه و يستعيد هيبته بعد خسارة البليدة المفاجئة ..وجاء بمتغيرات كثيرة ..تجلت في مدرب جديد و في لاعبين جدد و في غياب حوالي نصف الفريق الذي خاض لقاء الذهاب ..و قد كان المدرب السلامي موضوعيا جدا في تصريحه في الندوة الصحفية التي سبقت المباراة و عندما أشار لهذه المتغيرات أشار بالتلميح للغموض ..فهو سيواجه فريقا آخر مغايرا في كل شئ وهذا هو مسكن المجهول ..و أكد على الحذر ..
في رأيي نجح السلامي في تركيبته و تشكيلة شاكلته ..خفض إيقاع اللعب وحرك كراته بهدوء و ثقة ..كان يخرج من الدفاع للوسط و الهجوم بسهولة ويسر ..لم يلتجئ للعب الطويل و التمرير البعيد ..بحثا عن الاستحواذ ..واستطاع وضع حزام أمني دفاعي ساحق ..لدرجة أن المباراة لو كان زمنها يومين متتاليين لما تمكن الخصم من التهديد الحقيقي و ليس التسجيل ..و الهدف الذي تلقاه الزنيتي كان خطأ لمدافع و كان من ضربة جزاء وهذه هي ما يسمى بالمتغيرات الطارئة و التي قد يستبعدها المتفرج العادي و قد يعتقد البعض أن السلامي لعب للتعادل و لكن الهجمات المتدفقة والفرص الحقيقية السهلة التي أهدرت تؤكد أنه لم يلعب للتعادل ..و أيضا يعاودنا التساؤل ..إذن لماذا خسر الرجاء..؟
خسر الرجاء لأنه دفع و قد يدفع ضريبة الإرهاق .. و المتابع العادي قد لا يستوعب الأمر ..و لن يتأكد أنه علميا يطل بعض البطء في الأمر القادم من الجهاز العصبي و تنفيذ هذا الأمر سواء برد الفعل أو بالعضلات أو بتنفيذ سرعة الحركة في وقت لا ينفع شئ سوى السرعة ..و يبسط آخرون الارهاق على أنه سوء تركيز ..و هذا حقيقي لكن بمعادلة أن الارهاق يؤدي لسوء أو عدم تركيز ..و هو فعل لا يكون نتيجة تعب بدني و حسب و لكن نتيجة سوء اللياقة النفسية أيضا ..و من أجل ذلك التجأ السلامي لخفض إيقاع اللعب و اللعب القصير و اللعب غالبا بالهوينة ..فالرجاء راكم المنافسات ..البطولة المحلية كأس افريقيا ..و كأس محمد السادس ..و لا نمتلك الحق في الحد من طموح الرجاء الكاسح و لكن نؤكد أن الارهاق خيب ظن كبريات الأندية في العالم ..بل حتى عل مستوى المنتخبات تمت مناقشة بكل جدية وصول اللاعبين لمنافسة كأس العالم و هم في إرهاق واضح ..بسبب تراكم المنافسات .. وما دمنا في منافسات كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال أذكر بخسارة نادي الهلال السعودي في نهائي كأس زايد بدبي في العام قبل الماضي أمام النجم الساحلي التونسي و كانت نتيجة إرهاق أكده كل الخبراء واعترف به ضمنيا الاتحاد السعودي لكرة القدم ..والشئ بالشئ يذكر..الهلال و عندما أنصفته لجنة المسابقات والبرمجة أحرز مؤخرا كأس آسيا و شارك في بطولة العالم للآندية و احتل رابع أندية العالم ..
الرجاء و بكل هذه المقاومة و بقتالية الفرسان يتعرض لمنغصات ..لا يستحقها ..و لتدبير لا حكمة فيه ..ولأسباب قد تعرقل خطواته القوية إذا افترضنا حسن النية غير مفهومة ..أو لا تخضع لمنطق روح القانون ..
غدا الرجاء في مواجهة شرسة تشبتا بالبقاء في منافسة البطولة المحلية و..بعد الغد ..غد آخر و نصف النهائي لكأس محمد السادس للأندية الأبطال العرب – ذهاب – أمام الاسماعيلي المصري تحدد موعده في 16 فبراير الجاري ..و قبله مواجهة الفريق الكنغولي برسم كأس افريقيا و الذي ليس أمامه أية التزامات تنافسية و سيتربص بالرباط بالمركب الجديد مركب الملك محمد السادس استعدادا لهذا الرجاء ..هذا – الغول – فأي حظ عاثر هذا و أية مصادفات ..و أي إحساس بالغبن ..هذا ..ألا يقولون أن المغرب مضياف..
هذا الغبن ومرارة هذا الاستعصاء عبر عنه الزميل و الصديق محلل قناة أبوظبي الرياضية الأستاذ خالد بيومي ..عبر عنه بتساؤلات ..استحياء و عفة منه ..و قد سعدت بتساؤلاته لأنها تشاركنا أوجاعنا و آلمني ما وصلت إليه ثوابت الواجبات لتتحول إلى حقوق تضمنها اللوائح و تصاب فيها اللجان بعمى الألوان..
سأتوقع الأفضل لجهد واجتهاد رجالات الرجاء ..سأتوقع الأفضل في استرسال مقاومة و قتالية لاعبي الأخضر الفرسان و ..لكن قد أصاب بالإحباط عندما أسمح لنفسي بالتفكير في توقع الأنجع ..