الدار/ رضا النهري
لمجرد ان تبدأ بعض الاخبار الجيدة بالظهور حول انحسار جزئي لفيروس كورونا، حتى يبدأ البعض بالتهليل للعد العكسي لنهاية الفيروس، في الوقت الذي يجمع الخبراء من مختلف مناطق العالم على انه من الصعب جداً التكهن بنهاية قريبة لهذا الوباء، حتى لو انخفضت نسبة الإصابات والوفيات الى أدنى معدل.
ويبدو ان التفاؤل في هذه المرحلة مسألة أساسية، على اعتبار ان القلق والخوف والهلع من أخلص حلفاء كورونا، إلا ان هذا التفاؤل حين يتحول الى استهتار فإنه يصبح قنبلة بيولوجية حقيقية، خصوصا وان الكثير من بلدان العالم، حتى تلك التي انخفضت فيها معدلات الإصابة، تقول ان الفيروس لم يصل بعد الى ذروته.
حتى الآن، فانه لا يوجد اي خبير او مسؤول، او حتى مواطن عادي، يمكنه ان يتوقع ما سيكون عليه العالم بعد شهر او شهرين، أو سنة أو سنتين، فلا شيء في طريقه الى الانتهاء، وهذا الفيروس له قدرة كبيرة على التحور والانتقال، لذلك فإن الذين ينامون على “عسل الأرقام” يرتكبون خطأ كبيرا.
الصين تقدم نموذجا حيا للتفاؤل الخاطئ. فقبل بضعة أسابيع اعتقد الجميع ان الفيروس في الصين انهزم الى غير رجعة، وظهر الناس في معقله “ووهان، وهم يتحررون تدريجيا من الحجر الصحي، ولم تعد تسجل الصين أية إصابة محلية، لكن بعد ذلك عاد الخوف والقلق مجددا وتراجع التفاؤل.
كل المعطيات تشير الى ان صنع لقاح للفيروس لا يزال بعيدا، وان الحل الوحيد، حتى الآن، هو الحجر الصحي والالتزام بالمكوث في البيت ما أمكن، وأن بصيص الضوء في نهاية النفق لا يعني بالمرة ان النفق اختفى، فالطريق لا يزال طويلا وشائكا، وكل من تهاون في فهم هذا الواقع فإنه يرتكب خطأ جسيما في حق نفسه وحق المجتمع.
من الجميل أن نتفاءل، لكن شرط ان يبقى التفاؤل حبيس بيوتنا، لكي نصنع منه وسيلة لمحاربة الخوف والملل ومضايقة ضيق ذات اليد، أما أن يتحول التفاؤل الى وسيلة للتحايل على الحجر الصحي فهذا لا يعني سوى شيء واحد، وهو اننا نطيل عمر الأزمة الى ما لا نهاية.