الدين والحياة

عالمية الخصوصية في الخطاب القرآني

د. أحميده النيفر*

لم يُولِ كبار مفسري القرآن عناية خاصة بتحليل مسألة عالميّة الرسالة المحمدية بل اقتصر جهدهم حين كانوا يتعرّضون للآيات المتصلة بما كان يسمّى "عموم الرسالة إلى المكلّفين''[1] على تقرير أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث لأمّة بعينها خلافا لكلّ الرسل السابقين. كان هذا موقف محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ/933م) وهو يشرح الآية: 158 من سورة الأعراف: "إني رسول الله إليكم جميعا" فذكر أنّ محمدا رسول الله صلى اله عليه وسلم مبعوث من الله إلى خلقه يدعو إلى توحيده وطاعته[2].

لا يضيف الزمخشري شيئا (ت 538 هـ/1144م) إلى ما ذهب إليه الطبري إذ يرى أنّ محمّدا خلافا للرسل السابقين، لم يبعث إلى قومه خاصّة إنما أرسل إلى الإنس والجنّ[3]. كذلك كان شأن الطبرسي(ت 548 هـ/1153م) الذّي أقرّ أنّ الإسلام رسالة إلى جميع الخلق عربا وعجما[4].

الإضافة الأولى التي يمكن أن تساعد على معالجة مسألة العالميّة هو ما ذكره بعد ذلك كلّ من النيسابوري (ت 550 هـ/1155م)[5] وخاصّة الرازّي (ت 606 هـ/1210م)[6] حين تعرّضا إلى أتباع عيسى الأصفهاني الذين كانوا يعتبرون محمدا مبعوثا إلى العرب فقط. لم يناقش النيسابوري هذه المقولة ولم يزد على اعتبارها قولا لا يستحقّ الالتفات. في حين أنّ الرازي ناقش -وهو يرد على فرقة العيساوية المذكورة- مسألة إمكانية وجود رسول لسائر الناس قبل محمد، ثمّ انتهى إلى الإقرار بأنّ الرسالة المحمّديّة هي للناس جميعا. 

لا نكاد نكتشف جديدا مع القرطبي (ت 681 هـ/1273م)[7] ثمّ ابن كثير (ت 774 هـ/1373م) بخصوص هذه المسألة[8].

اهتمّ الأوّل بزيادة تأكيد عموم الرسالة بنقل ما يفيد أنّ جبريل، عليه السلام، ذهب بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج إلى أقوام في أقاصي الأرض يدعوهم إلى الإسلام. أمّا ابن كثير فقد ثنّى على ما ذهب إليه المفسّرون السابقون مستشهدا بأحاديث نبويّة عديدة تقرّر أنّ الله بعث الرسول إلى الناس كلّهم مع ضرب من الوعيد، في بعض منها، لليهود والنصارى الذين لا يستجيبون للدعوة.

هذه الأمثلة التي استعرضناها تؤكّد أنّ مسألة عالميّة الإسلام لم تحظ بنقاش كبار المفسرين المسلمين الذي أمكننا الرجوع إلى آثارهم. هذا رغم توفر مؤشرات تدلّ على أنّ الخصوصيّة العربيّة في علاقتها برسالة الإسلام كان يمكن أن تطرح إشكالا ثقافيّا دينيّا حقيقيّا وإلاّ فكيف نفسّر مناقشة الرازي المستفيضة لقضيّة بعث رسول إلى غير قومه قبل بعثة محمد. إنّ رسالة إلهية المصدر تحتاج إلى أن تمتزج بالمجال البشري حتّى تصاغ ضمنه فتستوعبها الذهنيّات المخاطبة. الانتقال من إطلاقيّة المصدر إلى خصوصيّة المجال البشري يمثّل الإشكال في وجهه الديني. ثمّ إنّ الرسالة المحمديّة حين بلغت طورا تجاوزت فيه إطارها العربي المحدد في الزمان والمكان لتُعرَضَ على مجتمعات غير عربيّة وجدت نفسها مضطرّة إلى مراعاة القرائن التاريخيّة لتلك المجتمعات حتّى يتمكّن نسيجها الثقافي الخاص من تمثُّلها.

هذه الاعتبارات الموضوعيّة لم يكن لها تأثير في تطوير جانب تحليلي أو تنظيري لمسألة عالميّة الرسالة. لذلك فنحن بحاجة إلى تعليل هذا الإعراض عن الاهتمام بالخصوصيّة العربيّة والخصوصيّات الأخرى المدعوّة إلى الانفتاح على الإسلام، وهو إعراض يمكن أنّ يفسّر بثلاثة عوامل:       

أ. من الناحية الحضاريّة لم يمثّل ظهور الإسلام في الجزيرة العربيّة وفي الشرق القديم انقطاعا في السمات الأساسيّة لقيم الإنسان وصيرورة التاريخ. كانت الرسالة المحمّديّة في جانب من جوانبها حركة تضامن وتراكم مع ما سبق إرساؤه عبر القرون وإن عبّرت في جانب آخر عن الخصوصيّات الذهنيّة العربيّة وطموحها في إخراج الجزيرة من طور الهامشيّة إلى طور التفعيل.

ب. لم يهتمّ المفسّرون القدامى بأيّ تنظير لمسألة العالميّة، ذلك أنّهم كانوا يمارسون جهودهم في ظلّ دول للمسلمين تجاوز الأمر فيها بالفعل منذ قرنين على الأقلّ الأطر المحدودة للخصوصيّات السيّاسيّة والثقافيّة القديمة. لم تكن هناك إذن حاجة إلى تنظير طالما أنّ واقع التحوّلات كان قد قطع أشواطا لم يبق معها مجال لإعادة النظر.

جـ. لم يصدر، من جهة أخرى، من جانب المجتمعات غير العربيّة وغير المسلمة؛ وهي التجمعات ذات الخصوصيّات الدينيّة والثقافيّة المتميّزة ما ينمّ على استعداد لمراجعة العلاقة مع الإسلام باعتباره وحيا حقيقيّا منزّلا ضمن سياق تاريخي محدّد. لقد ظلّ طابع الحذر المشوب بالروح الدفاعيّة هو الطابع المميّز لعلاقة الكتابيين بالمنظومة الدينيّة الإسلاميّة.

بالنظر إلى هذه العوامل الثلاثة: الحضارية والسياسيّة والمذهبيّة فلا غرابة إن لم تقع مناقشة عالميّة الإسلام ضمن إنتاج المفسّرين كما لم تقترن قط بمسألة الخصوصيّة. لو حصل العكس لكان أمرا لافتا للنظر. لذلك فانّ ما يتجلّى من مجمل الآثار التفسيريّة القديمة هو أنّه أضحى للعالميّة مفهوم محدّد لدى عموم المفسرين: إنها نظريّة في السياسة الشرعيّة تعتبر أنّ جميع الخلق مدعوّون للانضمام إلى أمّة الإسلام وهو الانضمام الذي يجعلهم مشمولين بالرحمة الإلهية[9]. ترجمة هذا التصوّر في المجال الواقعيّ والنفسيّ يقوم على أنّ علاقة المسلم بالآخر قائمة على مبدأ اللاتكافئ وعلى اعتبار أنّ الآخر لا يمكن أن يُقبَل إلاّ إذا أقرّ بأفضليّة أمّة الإسلام ودخل في حماها وانصاع إلى قوانينها[10].

أفضل التعابير التي تصوّر هذا المفهوم نجدها عند الطبري في تفسيره للآية: 128 من سورة البقرة حيث يرى في دعاء إبراهيم وابنه بتجنيب ذريّتهما عبادة الأوثان دعاء شاملا لنسلهما وللناس جميعا[11]. ما يلفت النظر في هذا التفسير هو أنّه ليس في نصّ الآية أو سياقها ما يسمح بالتوسّع في دلالة عبارة "الذريّة" حتّى يجعلها الطبريّ شاملة للبشريّة كلّها. ما يسوّغ هذه القراءة للآية هو ضرورة الامتثال لنظريّة السياسة الشرعيّة التي غدت مسلّمة في القرن الثالث الهجري والتي تتركّز على أن دعوة إبراهيم ومن ثمّ الرسالة المحمديّة وما تلاها من خلافة وتنظيمات كلّها موّجهة إلى البشر جميعا دون تمييز. 

على هذا ما كان يمكن أن تظلّ عبارة "ذريّة" الواردة في دعاء إبراهيم مقتصرة على من ينجبه من أبناء وأبناء الأبناء.  

اضمحلّ، على أساس هذه الرؤية، مفهوم الخصوصيّة من بنية الفكر الديني الإسلامي القديم ولم يبق من شاهد عليه إلاّ ما قنّنه الفقهاء بخصوص أهل الذمّة[12].

في العصر الحديث، لم يتمكن المفكرون المسلمون من الخروج من طوق هذا التصوّر إذ اقتصر عملهم، في غالبيّته المطلقة، على استعادة موقف المفسّرين القدامى في حرفيّته؛ واللافت للنظر فعلا في هذا الأمر هو أنّ الفكر الإسلامي المعاصر أهمل ما توقعه فيه هذه الاستعادة الحرفيّة من تناقض. ذلك أنّه في الوقت الذي يتواصل فيه إنكار ضرورة مراجعة الترابط بين مفهومي العالميّة والدعوة وعوامل الانقطاع بين العالميّة والخصوصيّة، في نفس هذا الوقت تستعمل اليوم قيمة الخصوصيّة بعد إعراض متواصل عنها دام قرونا من أجل مواجهة دعوات "غربيّة" كحقوق الإنسان وتطوّر القيم والمساواة بين الرجل والمرأة[13].

اليوم، يواجه عموم المفكرّين المسلمين العالميّة الماديّة المكتسحة بتروس مفهوم الخصوصية الذي يفتقد كلّ شرعيّة تاريخيّة في البناء المفاهيمي العربي الإسلامي. لذلك فليس من التشاؤم في شئ توقع انهيار هذه المواجهات الحمائيّة في المدى المتوسّط وإثارتها لكثير من العنف في المدى القريب.

ما سنحرص على إظهاره في هذا العمل يتصل بإعادة التفكير في مفهوم العالميّة في الخطاب القرآني  ومدى أهميّة الخصوصيّات المحليّة في نحت توجّه عالميّ للرسالة الموحاة. لذلك ينصبّ اهتمامنا على تفهم مجموعة من العبارات القرآنيّة المحوريّة ذات الصلة الوثيقة بالموضوع. من جهة ثانية، وبقطع النظر عن الأوضاع السيّاسيّة التي حكمت رؤية المفسرين القدامى للأمر، فإنّ مشروع القراءة الذي نتقدّم به يمكن أن يضعنا أمام آليّة القرآن ونظرته للآخر. تلك الآليّة التي قامت على جملة من المفاهيم رُكبت بالتناظر أحيانا وبالتساوق أحيانا وبالتأسيس أحيانا أخرى. تلك الآليّة التي لولاها ما كان يكتب للإسلام أن يعرف الانتشار والتمدّن اللذين عرفهما فيما بعد وفي أصقاع تختلف في بنائها عن البنية العربيّة التي استقبلت الوحي الإلهي ونمت به.          

إنّ عملنا، في النهاية، يعرض إلى معضلة اغتراب الإنسان في عالمه؛ فبالحرص على التوصّل إلى آليّة الخطاب القرآني بخصوص العالميّة اتضحت لنا مشكلة الإقصاء الديني والثقافي الذي ميّز الحياة العربيّة قبل الإسلام ضمن منظومة العالم القديم وتبيّنت لنا أهمية الخصوصيّة العربيّة في إرساء صرح الرسالة العالميّة للإسلام.

من وراء هذا وذاك برز أمران: اتضاح المنهج التجديدي في قراءة النصّ القرآني. إنه المنهج الذي يستعيد التمشّي الأصلي للرسالة المحمديّة فيرتقي بالواقع بحمل أعبائه. تتم هذه الاستعادة ضمن الوجهة التي أسسها الوحي وعلى ضوء الفكر المتطور المعاصر. من جهة الاختيار الاستراتيجي، تظهر خطورة اغتراب العرب المسلمين في عالمهم اليوم، هذا الاغتراب الذي لابد له من حلّ معضلة العلاقة بين العالميّة المكتسحة والهويّة الخاصة التي أصبحت ضائقة بكلّ شئ حتى بنفسها.

العالم والعالمون: الوحدة أم التنوّع؟

يستعمل النصّ القرآنيّ مجموعتين من المصطلحات تتضافر فيما بينها لنسج مفهوم العالميّة: مجموعة ترتبط بالنسيج المجتمعيّ وما كان سائدا عند العرب من أعراف ومؤسسات. تفضي هذه المصطلحات في جملتها إلى دلالة مباشرة على أنّ الرحمة الإلهية شاملة للناس جميعا في قدرتهم على التحرّر من الشرك. أما المجموعة الثانية فتعتبر تأسيسيّة ورمزيّة إذ ترتبط بالأصل والمآل المشترَكين للإنسان. يلتقي هذان الصنفان من المصطلحات القرآنيّة ضمن منظومة انبنى عليها مفهوم العالميّة في القرآن.

يتميّز هذا المفهوم بأنّه يعبر عن استعداد شامل للناس جميعا من أجل القطع مع الوثنيّة معتقدا وتصوّرات. كما يستحضر، خاصّة عن طريق بعض الأعلام التي يعتمدها الخطاب القرآني، غاية القطيعة مع الشرك. تصبح العالميّة، من جهة، التعبير عن قابليّة الجميع للاستجابة للرحمة الإلهية ومن جهة ثانية القدرة على التجسد في واقع الناس ومجريات الأحداث. يمكن القول، بعبارة أخرى، إنّ عالميّة الإسلام ضمن المنظومة القرآنيّة تقوم على مبدأين:

1. وحدة الأصل الإنساني التي تعني التأكيد على أنّ الناس جميعا مهما كان اختلافهم يرجعون إلى أصل واحد. نستشفّ هذه القاعدة في أكثر من آية من مثل: "يا أيّها الناس اتّقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء" [سورة النساء/الآية: 1].

2. الحضور الإلهيّ في التاريخ المتمثل في العناية الموصولة التي تتابع صيرورة العالم و"تتدخل" فيها عند الاقتضاء. صرّح بذلك القرآن الكريم في أكثر من مناسبة خاصّة في الردّ على منكري النبوّة من المشركين. "وأنّهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا" [سورة الجن/الآية: 7]. ذلك ما جعل  كلام الله حيا بمعالجته لواقع الأمة الناشئة فيكون سبحانه في تعاليه عن كلّ شئ غير مهْمِل لأيّ شيء، وبخاصّة الإنسان المرتبط بعهد الله المتبوئ به لمكانة السيادة.

من خلال هذين المبدأين اللذين يمثلان توجها تأسيسيّا لم يكن للعرب خاصة في الشمال عهد به… ومن  خلال سبعة مصطلحات لها تطورها الدلالي، انتظم الحقل المفاهيميّ للعالميّة. ذلك الحقل الذي لم يتحوّل آليا إلى مستند مرجعي في مسألة العالميّة.

تتكوّن المجموعة الأولى من المصطلحات المفاتيح من أربع عبارات هي:

أ. الناس: هي أكثر العبارات ورودا في النصّ القرآنيّ (241 مرّة) وهي موّزعة بنسب متقاربة بين آيات مكيّة وأخرى مدنيّة. تستعمل أحيانا اسم جنس لكل البشر وعندئذ تكون لفظة ذات دلالة عامة وأقرب لما ذهب إليه ابن منظور حين ذكر أنّها جمع لكلمة إنسان[14]. لكننا نجد استعمالين آخرين يخصّصان المعنى العام؛ الأوّل: مجازيّ يكون إشارة إلى قوم مخصوصين لا يراد تحديدهم فيورّي عن ذكرهم صراحة باستعمال ما يسميه البلغاء إطلاق الكلّ وإرادة الجزء. عندئذ تستعمل كلمة الناس  ويقصد بها المهاجرون والأنصار كما تعني في آية أخرى المنافقين [سورة البقرة/الآية: 8] أو بني إسرائيل [سورة آل عمران/الآية: 21] أو قبيلة بني ثقيف [سورة البقرة/الآية: 168]. ذهب علقمة (ت.62/681) أنّ لفظة الناس مع النداء "يأيّها" تكون مؤشرا على أنّ الآية مكيّة وأنّ المقصود بالخطاب عموم أهالي مكّة. وفسّر مجاهد (ت.104/724) آية "كان الناس أمّة واحدة" بقوله: إنّ الناس تعني آدم لأنّه أصل النسل[15] .

انحسر الاهتمام بهذا التنوّع في استعمالات العبارة لصالح الدلالة العامة فأصبحت شاملة لبني آدم قياسا على القاعدة الأصوليّة العبرة بعموم اللفظ.

الاستعمال الثاني: يحقق به النصّ القرآنيّ حركة مفهوميّة لعبارة الناس تخرجها عن الإطلاق الذي فرضه عليه عموم المفسرين فتحيل القارئ إلى ضرب من الخصوصيّة العربيّة القديمة. في هذا الصدد يمكن الاستشهاد بخمس آيات تتضافر في التأكيد على ما سجله أصحاب السير من مشاغل اجتماعيّة وثقافيّة كانت بارزة قبيل ظهور الإسلام في مكّة وما جاورها.

آية "كان الناس أمّة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" وآيات أخرى [سورة اَل عمران/الآية: 68] و[سورة يونس/الآية: 31] و[سورة هود/الآية: 118] و[سورة الزخرف/الآية: 33]،  تلجأ كلّها إلى عبارة الناس في إطار تأسيس رؤية قرآنيّة لمستقبل الأمّة هي في جانبها الشكلي استعادة للرؤية العربيّة الشماليّة للتوحّد الاجتماعي مصاغة صياغة جديدة. 

لشرح هذه الحركة المفهوميّة ينبغي التذكير بما عرفه الضمير العربيّ القديم منذ القرن الخامس الميلادي من تشرذم العشائر العربيّة التي كانت تجمّعت في القرن الرابع حول قريش باعتبار انتسابها لأب مشترك والتفافها حول الكعبة رمزها الموحد. نتج عن هذه الأزمة أن فقدت الثنائيّة التي سادت عهودا والقائمة على مركزيّة قريش (أو نحن) بالنسبة إلى ماعداها (أو الناس)، كل أهميتها.

ما حرص عليه الخطاب القرآنيّ هو استعادة الثنائيّة (نحن/الناس) ضمن حقل جديد. لذلك أصبحت (نحن) تعني المنتمين للتوحيد والناس هم ما سواهم من المشركين. بهذا الانزلاق في الدلالة تأسست وجهة جديدة للتقويم منقطعة عن رابطة قرشية تشرذمت إذ لم تتمكن من مواكبة تحوّل مكّة من قرية كبيرة محاطة بقرى أصغر إلى مدينة مركزية[16]. 

*د. احميده النيفر: أستاذ التعليم العالي بجامعة الزيتونة، تونس/ الرابطة المحمدية للعلماء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى