الطاوسي يبحث عن “النواة” وسط الضباب “الخريبكي”
الدار/ صلاح الكومري
شاء القدر أن يكون الجو ضبابيا جدا، في أول حصة تدريبية لرشيد الطاوسي مع أولمبيك خريبكة، أمس (الخميس)، وهي ظاهرة نادرا ما تشهدها المدينة الفوسفاطية، المعروفة باعتدال حرارتها في فصل الشتاء، قال أحد المحبين كان يتابع الحصة بهدوء، يلتمس الدفء، إن المدرب "جاء بضبابيته"، رد عليه أحد قدماء الفريق وهو ينفث دخان سيجارة رديئة: "الله يخرج هاد الضباب على خير".
الضباب ليس فأل خير، بل إنه نذير شؤم، هذا ما آمنت به الأقوام على مر التاريخ، حتى إن بعض مخرجي أفلام الرعب، غالبا ما يعتمدون الضباب في تصوير مشاهد يُنصح بعدم مشاهدتها لمن يعاني "فوبيا" الخوف والرهبة، ويقال إن الضباب يرمز، في العرف العربي، إلى المشقة والتعب والتيه، والله أعلم إن كان الفريق الخريبكي سيتيه عن سكة الانتصارات أكثر من ما هو تائه عنها هذا الموسم.
حين قاد الراحل، الأرجنتيني أوسكار فيلوني، أول حصة تدريبة للرجاء البيضاوي، في شتاء 1997، كان الجو ماطرا جدا، عاصفا، لم يسمح للمدرب بإنهاء شروحاته للاعبين، ارتاب الرئيس، وقتذاك، أحمد عمور، من هذا العارض الطارئ، خاصة وأن الفريق كان مُقبل على مباراة مهمة في دوري الأبطال، فطمأنه حامل الكرات يوعري، قائلا له بلسان العارف بخلفيات الأرصاد الجوية، "فليطئن قلبك سيدي الرئيس.. المطر فأل خير يحمل الخير والخمير"، وما هي إلا شهور قليلة حتى قاد المدرب "الداهية" القلعة الخضراء إلى التتويج بالدوري الوطني وعصبة الأبطال الإفريقية، فأدرك معشر الرجاويين أن هذا "الساحر" الأرجنتيني "حل ببركته منذ أول يوم".
يحكى أن والعهدة على رواة التاريخ، أنه في سنة 1925، واجه فريق "سبارتاك موسكو" الروسي نظيره "آرسنال" في ملعب "هايت بارك"، وكان الجو ضبابيا جدا لا يسمح للاعبين برؤية أبعد من أقدامهم، حتى إن الفريق الروسي كان يشارك بـ15 لاعبا دون علم الحكم، وبعد أن قرر الأخير إنهاء المباراة في الدقيقة 62، ظل الحارس الروسي رابضا في مرماه لأزيد من نصف ساعة، وحين سئل عن السبب، قال إنه كان يعتقد أن لاعبي فريقه يهاجون طيلة هذه المدة.
وسط الضباب "الخريبكي"، سعى الطاوسي إلى تحفيز لاعبيه، فخاطبهم قائلا بحماسة: "علينا أن ننظر بتفاؤل إلى الأمام، وأن نكون حذرين أشد الحذر"، فهمس أحد اللاعبين الأفارقة في أذن زميله قائلا: "ألا يرى أن الضباب كثيف ولا نستطيع رؤية تحت أقدامنا"، فرد عليه: "إنه يبحث عن النواة".