حظر تجوّل في مينيابوليس وتوجيه تهمة القتل غير المتعمد للشرطي المتهم بقضية جورج فلويد
فُرض حظر تجوّل الجمعة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأميركية لإعادة الهدوء إلى المنطقة بعد اضطرابات أعقبت مقتل مواطن أسود خلال قيام الشرطة بتوقيفه واستخدامها العنف في ذلك. ووُجّهت إلى الشرطي الأميركي الذي ركع على رقبة المواطن الأسود جورج فلويد الذي توفّي لاحقًا، تُهمة القتل غير المتعمّد الجمعة، وفق ما أعلن مدّعون. وقال مدّعي المنطقة مايك فريمان لصحافيّين إنّ “عنصر الشرطة السابق ديريك شوفين وُجّهت إليه تهمة القتل غير المتعمّد من قبل مكتب مدّعي منطقة هينبين”.
وكانت السلطات المحلّية أعلنت في وقت سابق توقيف شوفين، بعدما أقيل من وظيفته. وقال جون هارينغتون من دائرة الأمن المدني في ولاية مينيسوتا، إنّ “الشرطي الضالع في مقتل فلويد، تمّ التعريف عنه على أنّه ديريك شوفين وقد وُضع قيد الحجز” من قبل الشرطة الجنائيّة.
وأثار مقتل فلويد أثناء توقيفه، اضطراباتٍ واسعة دفعت الحرس الوطني الأميركي إلى نشر 500 من عناصره في المدينة لإعادة الهدوء إليها. وكانت معظم التظاهرات سلمية في البداية. وأقامت قوات الشرطة سلاسل لاحتواء الحشود. لكن جرت صدامات وعمليات نهب لحوالى ثلاثين متجرا وأضرمت حرائق، بينما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع أمام المركز الذي كان يعمل فيه العناصر المتّهمون بالتسبّب بموت الرجل الأسود. وبدأت التظاهرات قبيل مساء الخميس بعدد كبير من المحتجّين الذين وضعوا كمّامات واقية من فيروس كورونا المستجدّ، بينما تحدّثت شرطة مدينة سانت بول المجاورة عن أضرار وسرقات أيضًا.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب الجمعة أنّه تحدّث إلى عائلة فلويد. وقال في البيت الأبيض “أتفهّم الألم”، مضيفاً “عائلة جورج لها الحقّ في العدالة”. وتابع “إنّ سكّان مينيسوتا لهم الحقّ في الأمن”، في إشارة منه إلى أعمال الشغب التي تشهدها الولاية. واعتبر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من جهته الجمعة، أنّ وفاة فلويد يجب ألا تُعتبر “أمرًا عاديًّا” في الولايات المتحدة. وأضاف أوّل رئيس أسود للولايات المتحدة “إذا أردنا أن يكبر أولادنا في بلد يكون على مستوى أعظم قيَمه، بإمكاننا ويجب علينا القيام بما هو أفضل”. ونشر بيانه على تويتر، موضحًا أنّه بحث مع أصدقاء له في الأيام الماضية الفيديو الذي أظهر آخر لحظات فلويد البالغ من العمر 46 عاما وهو “يلفظ أنفاسه ووجهه أرضا على الأسفلت تحت ركبة شرطي”.
وأفاد بيان عسكري بأنّ عناصر الحرس الوطني في ولاية مينيسوتا “سيُقدّمون دعمًا للسلطات المدنيّة خلال الفترة التي يُطلب منهم ذلك فيها، لضمان سلامة الأرواح والممتلكات”. ووقّع حاكم الولاية تيم والز أمرًا تنفيذيًّا بعد ظهر الخميس يسمح بتدخّل الحرس الوطني. وتابع البيان أنّ عناصر الحرس شاركوا في مهمّات عدّة مع الدفاع المدني لوضع حدّ “للاضطرابات المدنية”، واستمرّوا في الوصول إلى المدينة، وقد وصل عددهم الى 500. كذلك، تمّ نشر مئتي شرطي تابعين للولاية، إضافة إلى حوّامات.
وتمّ فصل الشرطيّين الأربعة المشاركين في عمليّة توقيف فلويد، وفتحت السلطات المحلّية والفيدراليّة تحقيقًا. ويحتجّ المتظاهرون على عنف الشرطة. وأحرق عدد من المتظاهرين مركزًا للشّرطة في مينيابوليس. وساعد آلاف المتظاهرين في إضرام حريق في الأحياء الشمالية للمدينة. وقالت قوات الأمن إنّ رجال الشرطة كانوا قد أخلوا المكان، “من أجل سلامة طاقمنا”. وقال مدير شرطة المدينة تود أكستيل “نعرف أنّ هناك غضبًا كبيرًا ونعرف أنّ هناك جروحًا كثيرة، لكن لا يمكننا السماح للبعض باستخدام ذلك فرصة لارتكاب جنح”.
توفي فلويد الإفريقي الأميركي البالغ 46 عاما بعيد توقيفه على أيدي الشرطة للاشتباه بأنه كان يريد ترويج عملة ورقية مزورة بقيمة عشرين دولارا. وخلال توقيفه ثبته شرطي على الأرض واضعا ركبته على رقبته لدقائق. وقد سمع صوته على تسجيل فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يقول “لم أعد قادرا على التنفس”.
وعبّر ترامب نفسه عن استيائه عندما شاهد الفيديو، واصفا الحادثة بأنها “دنيئة ومفجعة”، على حد قول الناطقة باسمه كايلي ماكيناني. وصرحت الناطقة بأن الرئيس “أجرى اتصالا هاتفيا على الفور” للتأكد من أن تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) يتقدم بسرعة”، مشددة على أن ترامب “يريد تحقيق العدالة”. لكنه نشر تغريدة سابقة على موقع “تويتر” تعليقا على الاضطرابات في مينيابوليس قال فيها “تكلمت لتو مع الحاكم تيم والز وقلت له إن الجيش سيكون الى جانبه. عند أي مشكلة، عندما تبدأ عمليات السطو، يبدأ إطلاق النار. شكرا!”.
فعمد موقع “تويتر” الى وضع إشارة “تمجيد للعنف” على التغريدة، معتبرا أنه “يمكن تأويل هذه الرسالة بأنها تحريض لقوات الأمن على استعمال أسلحتها”. وطالب فيلونيز فلويد، شقيق المتوفى، في تعليق مع شبكة “سي ان ان” بإنزال عقوبة الإعدام في المسؤولين عن موت شقيقه. وأضاف “ضاق ذرعي برؤية الرجال السود يموتون”. وتابع “أريد أن يكون المتظاهرون سلميين، لكنني لا أستطيع إجبارهم على ذلك، إنه أمر شاق”. كذلك، ربطت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بين سلسلةٍ من الحوادث التي أبرزت مشاعر عنصرية في الولايات المتحدة.
وعبّرت ميشال باشليه في بيان عن أسفها “لهذا الحادث الأخير في سلسلة طويلة من جرائم القتل لأفارقة أميركيين عزّل ارتكبها رجال الشرطة الأميركيون”. وأكدت أن “على السلطات الأميركية اتخاذ إجراءات جدّية لوضع حدّ لجرائم القتل هذه والتأكد من تحقيق العدالة عند حدوثها”. وتُذكّر هذه القضية بموت إيريك غارنر، الرجل الأسود الذي توفي اختناقا خلال توقيفه في نيويورك في 2014 على أيدي شرطيين بيض. وكان قال هو أيضا حينذاك “لم أعد قادرا على التنفس”، وهي جملة اصبحت شعارا تردّده حركة “حياة السود تهمّ”.
وشهدت ولاية مينيسوتا أيضا موت سائق سيارة أسود، فيلاندو كاستيلي، خلال عملية تدقيق عادية في الهويات أمام صديقته وابنته. ودان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليل الخميس الجمعة على تويتر “التعامل العنصري والفاشي الذي أدى إلى موت جورج فلويد”.
دعا القس جيسي جاكسون الذي وصل إلى مينيابوليس، إلى مواصلة التظاهرات. ودان عملية “قتل في وضح النهار”، مطالبا بتحقيق العدالة. وقال أمام مصلين في كنيسة معمدانية “قلنا للحاكم إنه يجب تسمية القتل قتلا”. وقال قائد شرطة مينيابوليس ميداريا أروندوندو الخميس “ينقصنا الأمل” في المدينة. وأكد احترام حقوق السكان في التظاهر والتعبير عن الألم، وقال إنه “لن يسمح بأي عمل إجرامي” يمكنه أن يزيد من صدمة السكان.
وقتل رجل الأربعاء في مينيابوليس بعدما أصابته رصاصة بالقرب من تظاهرات وتم توقيف مشتبه به. في لوس أنجليس، أغلق المتظاهرون لفترة قصيرة طريقا سريعا وحطموا زجاج نوافذ آليتين للشرطة.
المصدر: الدار ـ أ ف ب