هي معركتنا جميعا حتى يكتمل الانتصار
بقلم : يونس التايب
منذ ثلاثة أشهر، كتبت أن المعركة ضد فيروس كورونا ستكون طويلة ومضنية لأن الوباء شرس و مفاجئ. وقلت أن علينا أن لا ننفعل مع الأرقام و الإحصائيات مهما علت و تغيرت، بل نستمر في تدبير الأزمة الوبائية بشكل جماعي وتشاركي.
كما دعوت، أيضا، إلى أن نحافظ على اطمئناننا لأننا دخلنا المعركة في الوقت المناسب و بطريقة جيدة، وبروح استباقية أعطت الأولوية للوطن ولأبناءه على حساب المصالح الاقتصادية، مما لا يمكن معه إلا أن نفتخر بقيادتنا ونعتز بانتمائنا إلى هذه أرض المغرب، ونحس بالتفاؤل وننشر الأمل من حولنا.
كان رأيي، أنه يجب التعاطي مع مستجدات المعركة بهدوء كبير و دون ارتباك أمام المشاكل كيف ما كانت، ولا انفعال أما الاستفزازات التي تواجهنا، كيف ما كان حجمها و مصدرها. لأن مسؤوليتنا هي أن نأخذ بكل الأسباب، و أن نجتهد بجدية، ونعمل بمسؤولية وشفافية دفاعا عن شعبنا وعن دولتنا في ملحمة وطنية بامتياز.
و اليوم، و نحن جميعا نشعر أن نهاية النفق بدأت تلوح في الأفق القريب جدا، علينا التركيز بشكل أكبر على حسن تدبير ما تبقى من زمن الجائحة، والتفكير بهدوء في حجم التحديات الكبيرة التي تلوح على الجبهة الاقتصادية والاجتماعية، والتخطيط المحكم لما يجب علينا فعله حتى تنهض الدورة الإنتاجية ونستطيع كسر تداعيات الأزمة.
كما يجب أن لا نغفل عن واجب اليقظة و ضرورة الانتباه إلى كل ما يستحق ذلك في واقعنا الوطني و في المحيط الدولي المضطرب جدا من حولنا. و أهم شيء هو أن تستمر ثقتنا في قدرتنا على الانتصار رغم الصعوبات، و نتحرك ونحن متأكدون بأن الفوز ممكن.
وفي اعتقادي، من الواجب أن نلتزم بشكل جماعي بأساسيات مبدئية لا يمكن تحقيق الفوز بدونها، و أقصد هنا :
– التعبئة الوطنية القوية.
– استحضار خدمة الصالح العام في كل خطواتنا، والابتعاد عن كل مقاربة فئوية أو قطاعية.
– الانضباط للقانون وحفظ المكتسبات المؤسساتية.
– توجيه جهودنا التوعوية لمواطنينا حول كيفية مواجهة الوباء بعد انتهاء الجائحة، عبر استمرار إجراءات التباعد الاجتماعي و الحماية الوقائية و وضع الكمامات و تغيير سلوكات اجتماعية تحمل خطر نشر العدوى مجددا.
– التركيز الكلي على كيفية التعامل مع الأزمة التي ستخلفها الجائحة، من منطلق أن المعركة وطنية بامتياز، و النصر فيها سيكون للأمة المغربية كلها بجميع مكوناتها.
– إبداع و مأسسة أشكال جديدة لدعم الأسر الفقيرة والمتضررة من الأزمة، في انتظار مراجعة كلية للسياسات العمومية الموجهة لدعم الفئات الهشة بما يضمن الإدماج الاجتماعي و حسن الاستهداف، و نجاعة الدعم العمومي المقدم من طرف الدولة، بعيدا عن أي تشتت للجهود أو أي استغلال سياسوي.
– الإسراع في وضع استراتيجية شاملة لتدبير الأزمة الاقتصادية، والتخفيف من آثارها الاجتماعية الخانقة على المستخدمين الذي توقفوا عن العمل، ودعم المقاولات الصغرى و المتوسطة الوطنية لتسترجع ديناميكيتها وتحافظ على مناصب الشغل، وتسهيل عودة سريعة لعافية اقتصادنا على أسس صلبة أهمها إعطاء الأولوية للمنتوج الوطني، وتشجيع الرأسمال الوطني، وتحرير الفعل الاستثماري من كل عوائق بيروقراطية، وإقرار نظام جبائي تحفيزي، و دعم السيادة الوطنية الغذائية.
– الحكامة الجدية والاحترافية في تنزيل كل الخطوات والبرامج التي ستطلقها الدولة و السلطات العمومية المختصة ببلادنا.
– تطوير التواصل العمومي بشكل يحافظ على التعبئة الشعبية و الحماس، و يوضح التحديات المطروحة ويشرح حيثياتها، و يفسر أسباب كل خلل يحصل، ويبين المعطيات الحقيقية حتى نحاصر الأخبار المزيفة والمفبركة التي تحطم المعنويات وتنشر البلبلة.
بكل يقين، أصبح النصر على الجائحة أقرب من أي وقت مضى، و في متناول أيدينا أن نصنع مستقبلنا لما بعد الجائحة بشكل يسوده التضامن و التميز. لذلك، يجب أن نعمل لتحقيق هذا الهدف و نتعاون من أجل نصر جديد على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة الناتجة عن الوباء. وبدون شك سيكون النصر للوطن و للمواطنين، وسيسجله التاريخ باسم المملكة المغربية بقيادتها الرشيدة الحكيمة و الاستباقية، و بشعبها الأبي الغيور المتضامن، وكل قواها الحية والفاعلة.
لذلك، بكل قناعاتنا الوطنية، و بحبنا لهذه الأرض الغالية، أملي أن نكون جميعا في مستوى اللحظة التاريخية، ونتحرك بإبداع استثنائي، و ننصهر في شراكة وطنية ملتحمة حول ثوابت الأمة المغربية، و منفتحة على كل الأراء و كل الطاقات، و متجردة عن أي انتماءات إلا الإنتماء المغربي الأصيل، حتى نساهم في أن تكتمل انتصارات وطننا وتستمر.