الدين والحياة

معصر: هكذا تغتصب الجماعات المتطرّفة المفاهيم الدينية

الدار/ المحجوب داسع

أعاد الحادث الإرهابي بمنطقة "امليل" ضواحي مدينة مراكش، الى الواجهة من جديد، النقاش حول المداخل الكفيلة باجثات منابع التطرف العنيف، ومحاربة قوى الظلامية والغلو، التي تحرف الدين الإسلامي عن مقاصده السامية المحققة للسلم والوئام.

وفي محاولة من موقع "الدار" لمقاربة ظاهرة التطرف العنيف، ومختلف المقاربات العلمية المسعفة على تفكيك خطاب التيارات المتطرفة، يقدم الموقع كل يوم جمعة، قراءة في دفاتر، سلسلة "الإسلام والسياق المعاصر": دفاتر تفكيك خطاب التطرف"، التي أصدرتها وحدة تفكيك خطاب التطرف، بالرابطة المحمدية للعلماء.

وضمن هذه السلسلة، اختارنا لقراء الموقع، كتاب "تقريب القول في تفكيك خطاب التطرف الديني"، لمؤلفه الدكتور، عبد الله معصر، الذي يحاول فيه الكاتب الوقوف عند المداخل المنهجية والموضوعية في تفكيك خطاب الجماعات المتطرفة.
من أجل مداخل منهجية لتفكيك خطاب التطرف:

يرى المؤلف أن "تفكيك خطاب التطرف العنيف الوعي بنسقه الداخلي، والاحاطة بأصوله العقدية التي يتأسس عليها، وتحليل بنياته الفكرية التي تتكون منها مقولاته، واستقراء مفرداته المعجمية جملة وتفصيلا، بغية الوقوف على امتداداته الأفقية والعمودية في حياة المجتمعات الإنسانية المعاصرة، بالإضافة إلى رصد شبكة مفاهيمه المختلفة، مع الاستحضار التام لأطروحاته والتشخيص الدقيق والسليم لأعطابه الذاتية والمنهجية.

توقف المؤلف في مستهل الكتاب، عند الحديث النبوي الشريف الذي يصور فيه النبي صلى الله عليه وسلم، علل وأدواء الخطاب المنحرف عن الوجهة السليمة، والذي تطرق الى ثلاثة مداخل أساسية، المتمثلة في تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

وبعد أن أوضح المراد من هذه المفاهيم لغة واصطلاحا، خلص إلى أن هذه الأوصاف قد تجتمع في خطاب التطرف، وقد تتداخل فيما بينها، فالتحريف مدرجة الغالين، والانتحال سلم المبلطين، والتأويل الفاسد البعيد وسيلة الجاهلين".

وفي هذا الصدد، أشار الدكتور عبد الله معصر، الى أن مظاهر الانتحال تتجلى في مظاهر مختلفة، من ضمنها اغتصاب المفاهيم الدينية، من قبيل مفهوم "القدوة والأسوة"، حيث ينتحل المتطرف النموذج الأخلاقي الكامل، وينظر الى نفسه بعين الرضا مقدما نفسه، بأنه الوحدة القياسية للإنسان المسلم في الأخلاق والسلوك، وما ينتج عن ذلك من آفة تقديس الذات والتنقيص من الغير.

أما التجلي الثاني فيتمثل في اغتصاب مفهوم "الرجوع الى الأصل أو الاحياء الديني"، حيث يعتمد المتطرف خطابا على دعوى أنه الخطاب الذي يتمثل فيه مفهوم العدوة الى الأصول، أي الإسلام الصحيح، ويسلب هذا المعنى عن غيره، مدعيا أنه من أصل الطائفة الناجية المنصورة، والفرقة الناجية، وهم ممثلو أهل السنة والجماعة، لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم.

ويخلص الكاتب الى بعض الآفات المترتبة عن اغتصاب مفهوم الرجوع الى الأصل أو الاحياء الديني، من قبل المتطرفين، والمتمثل في آفتين اثنتين: الأولى متصلة بـ"آفة التضييق"، حيث أصبح مفهوم الرجوع الى الأصول علما على جماعة دون سائر المسلمين، والحال أن مفهوم الرجوع الى الأصول، يؤكد الدكتور عبد الله معصر، خطاب لعامة المسلمين حتى يكونوا على حالة محمودة تقترب من النموذج الكامل، كل على قدر استقامته".

أما الآفة الثانية، فهي آفة "التسييس"، حيث طمس مقتضى التنوير والتحرير، بحجة التغيير، فوقع فريسة القيم المادية، وتوسل بأساليب مقتبسة من تنظيمات ربما ناقضت أصله التنويري الروحي، دون الالتفات الى القيم الروحية المبنية التي تأخذ بالمقتضيات الأخلاقية في الإصلاح والتغيير".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى