احتجاجات الجزائر ضد بوتفليقة تقلب المعطيات قبل شهرين من الانتخابات
تميزت التظاهرات التي شهدتها الجزائر، أمس الجمعة، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة بطابع عفوي وسلمي، ما يمكن أن يغير المعطيات قبل شهرين من الانتخابات، كما يرى مراقبون.
وبدأت التظاهرات استجابة لنداءات صدرت عبر صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي بدون إطار حزبي أو نقابي تحت شعار واحد هو "لا للعهدة الخامسة"، لكن يبقى من الصعب التكهن بمستقبل الحراك ورد السلطات.
ومنذ التظاهرات الكبرى في أكتوبر 1988 التي أفضت Yلى تغيير النظام السياسي بالجزائر من الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية، "حدثت مظاهرات شعبية بنسب متفاوتة من حيث الأهمية والتنظيم" كما ذكرت أستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر3، لويزة دريس آيت حمادوش لوكالة فرنس برس.
وأشارت "لكن أن تشمل كل التراب الوطني بهذا الحجم وبهذا التزامن وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة، أظن أنها غير مسبوقة".
وأكد دبلوماسي فضل عدم الكشف عن هويته الموقف نفسه قائلا "يبدو لي (…) أن التجنيد هذه المرة كبير وغير مسبوق بالنظر الى المشاركة الكثيفة والشعبية".
وما ميز المشاركين في التظاهرات أنهم من المراهقين أو الشباب البالغين عشرين سنة على الأكثر، ما يتناقض مع المعروف عن الشباب الجزائري بانه بعيد عن السياسة.
وأوضحت لويزة آيت حمادوش أنه "بحسب الدراسات فان الشباب (في الجزائر) لا يناضلون وغير متحزبين (…) فنسبة 1% فقط ينتمون إلى أحزاب سياسية. ما يطرح تساؤلات" حول ما سينتج عن هذا الحراك "وهذا لا ينبئ ببروز خطاب سياسي" يرافقه في المستقبل.
وما ميز المظاهرات أيضا أنها لم تشهد أي حوادث تذكر باستثناء بعض الصدامات التي شهدتها العاصمة الجزائرية حيث رشق المتظاهرون بالحجارة الشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع. وبحسب الشرطة فلم يتم توقيف سوى 41 شخصا على المستوى الوطني.
وعبرت آيت حمادوش عن ارتياحها قائلة إن "الجزائريين أظهروا أنهم يستطيعون التظاهر دون أعمال شغب". ومن جانب الشرطة " فإنه من المؤكد أنها تلقت تعليمات لتجنب أي تصعيد".
وفي العاصمة حيث تمنع كل أشكال المسيرات والمظاهرات ويتم تفريقها بسرعة فإن الشرطة لم تتدخل أمام الأعداد الكبيرة للمحتجين. حتى أنها لم تمنع تمزيق صورة كبيرة للرئيس كانت معلقة على واجهة حزب التجمع الوطني الديموقراطي، أحد أحزاب التحالف الرئاسي الحاكم.
وبالنسبة للأستاذة الجامعية "فإنه يبدو أن هناك إرادة في أعلى هرم السلطة لتجنب أي انزلاق لأن ذلك يسيء إلى صورة الدولة المستقرة التي تريد الجزائر إعطاءها ولأن السلطة واعية بأن العنف يولد العنف" مشيرة إلى أن هذا "ليس في مصلحة أحد".
وأوضحت لويزة دريس آيت حمادوش أنه من الصعب معرفة إن كانت التعبئة ستستمر وما هو الرد الذي ستقدمه السلطات. وقالت "لا نعرف إن كانت هذه بداية لشيء ما أو سيبقى (الحراك) بلا تبعات كما لا تعرف إن كانت التعبئة ستتسع" في المستقبل القريب.
وتساءلت إن "كانت مختلف الحركات الاجتماعية التي لديها مطالب اقتصادية واجتماعية ستركب موجة هذه الاحتجاجات التي ليس لديها سوى مطلب سياسي وحيد وهو رفض الولاية الخامسة؟".
وأضافت "لم يكن للأحزاب السياسية أي دور في ما حدث، لكن في المقابل لا يمكن أن نبني خطابا سياسيا بديلا بدون فاعلين سياسيين، وبدون أحزاب. غيابهم سيكون مشكلا في ما سيأتي".
وتابعت "كما أنه من الواضح أن هناك معارضة ضد ترشيح" الرئيس بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999 "فإن شكوكا تحوم حول البديل عن هذا الترشيح" لأن "المتظاهرين حددوا ما لا يريدونه لكنهم لم يقولوا ما يريدون".
وقبل عشرة أيام من آخر مهلة لتقديم الترشيحات فإن أنصار بوتفليقة البالغ 81 سنة والمريض منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013، وجدوا أنفسهم أمام "معضلة"، بحسب الدبلوماسي الذي تحدث لوكالة فرانس فرنس: إما تعيين مرشح آخر أو "المرور بالقوة".
وأشار "ما حدث هو دون شك أكثر ما كانوا يخشونه (…) فالنظام كان على السكة التي تؤدي إلى تجديد ولاية الرئيس" لكن التعبئة الشعبية الجمعة "تغير المعطى السياسي".
وأكدت ذلك لويزة آيت حمادوش قائلة "بعدما لم يكن هناك أي شك حول الولاية الخامسة قبل بضعة أسابيع، تبدو اليوم غير مؤكدة".
وخلصت إلى القول "وعلى هذا الأساس أصبحت الفرضيتان مطروحتان: إما أن السلطة تفرض الولاية الخامسة رغم الرفض، أو تجد توافقا يسمح لرئيس الدولة أن ينسحب لأسباب صحية".
المصدر: الدار – أ ف ب