المواطن

دباغين فاس.. قصص مأساوية ومعاناة

فاس: أسماء لشكر
 

    تعتبر "دار الدباغ شوارة" من أقدم وأكبر الأماكن لدباغة الجلد بفاس، تتواجد بحي البليدة قبالة "زواية سيدي الحموصي"، ويشكل السياح 90%  من الزوار الوافدين على المدينة. يشتغل بها ما يقارب 600 صانع تقليدي توارثوا هذه المهنة من أجدادهم، ويتجاوز عمر بعضهم 60 سنة.

    حرفيو هذا القطاع، رصدوا لموقع "الدار" المعاناة التي يعيشونها، والتهميش  الذي يعانون منه. فكل صانع في هذا المكان تختلف قصته عن الآخر إلا أن المصير يبقى واحدا.

  • أخي توفي بدار الدباغ … و السبب غياب المتابعة الطبية

    يقول محمد الدخيسي، أحد الدباغة الذي يبدو على وجهه الكثير من الحسرة أصر على سرد معاناته لنا. بنظرات يملؤها الغضب يقول: " توقفت عن الدراسة في سن مبكرة والتحقت  بالعمل مع أبي الذي كان يشتغل هذه الحرفة التي و رثها بدوره عن أجداده. وتعتبر مصدرا للرزق لي ولعائلتي ولا أستطيع عمل شيء غيرها " مضيفا "أعاني من الروماتيزم مند زمن بسب الظروف التي نعمل فيها، ولا نتوفر على تغطية صحية فالأطباء يزروننا ويشخصون حالتنا ولكن لا يقومون بتزويدنا بالأدوية اللازمة. ونحن لا نتوفر على مصاريف تغطي تكلفة شراء هذه الأدوية ".

و يستمر محمد في السرد مشيرا الى قصة وفاة أخيه الذي كان يشتغل معه بنفس المحل، بعد معاناة طويلة مع المرض، وغياب المراقبة الطبية، ويسترسل في الحديث مطالبا بتوفير الرعاية الصحية، والالتفاتة لهذه الفئة  مسجلا أن هناك العديد من المحلات أعلنت إفلاسها وأصبح أصحابها مشردين بعد إغلاق محلاتهم. واصفا على حد تعبيره أن ما يعيشونه هو مأساة حقيقية .

 

ليس هناك ضمانات صحية ..  "الضّامن هو الله"

    بنبرة  تخفي الكثير من التأثر، يصرح جعفر الإدريسي، إبن أحد  أقدم الدباغة بـ "شوارة" بفاس، واصفا لنا الحالة التي يعيشونها بقوله "هناك من تخلى عن حرفة الدباغة بسبب المرض  جراء ظروف العمل التي نشتغل فيها وعدم توفرنا على ضمانات صحية، فقد أصيب العديد منا بالروماتيزم إلى درجة أن هناك من لا يستطيع الوقوف وشلت حركة رجليه ومن يعاني من مرض الربو أدّى به إلى التخلي عن هذه الصنعة والجلوس في المنزل بدون عمل" و ختم جعفر قوله بهذه العبارة " دار الدباغ ما حدك عندك صحة نتا ولدها نهار كتقدا الصحة كتقوليك ديكاج".

 

ضعف مدخول الصانعين ساهم في تشتيت أسر

و من جانبه، تطرق محمد نقازي الذي يشتغل دباغ مند حوالي 30 سنة إلى بعض مشاكل العمل في الدباغة موضحا "أن الدخل  ضعيف مقابل المجهودات التي يبذلونها خلال العمل"، مسجلا في ذات الوقت "أن الربح اليومي للبعض منهم لا يتعدى 30 درهما  في اليوم وهذا لا يكفي لإعالة أسرة "

ووجه "نقازي" رسالة إلى الوزارة الوصية  على القطاع متسائلا عن تجاهل المسؤولين لهم بقوله "نحن نطالبهم بالالتفاتة إلينا لأننا نحن من نساهم في استمرار هذا المورث، ويجب عليهم أن  يجتهدوا في تطوير هذا القطاع والمضي به قدما، لأن الصانع في هذا المكان وصل إلى حالة سيئة إذ أن ما يجري الآن لا يشجع الأجيال القادمة على الاستمرار في هذه الصنعة".

و يبقى السؤال المطروح إلى متى ستسمر معاناة  هؤلاء الصناع التقليديين؟ خاصة أن "دار الدباغة" في فاس من أهم المعالم التي تزخر بها المدينة، ورمز من رموز الحضارة بالعاصمة العلمية ولها دور هام في تنمية السياحة بالمنطقة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + تسعة =

زر الذهاب إلى الأعلى