العلاقات الرضائية، المطالبة بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي
في الآونة الأخيرة أصبح الحديث عن بعض الأشياء لاعقلانية و التي من المفترض أن لا تحدث بتاتا، خصوصا في المغرب الذي هو بلد ذو مرجعية إسلامية ومن مصادره الأساسية على مستوى القانون قواعد الشريعة الإسلامية، بالتالي نرى بعض “المرضى النفسيين” يخترعون أشياء تضرب المرجعية الاسلامية و امارة المؤمنين في عرض الحائط بذريعة الديمقراطية والمساواة، هذا ما عرفه المغرب في الأيام الماضية القليلة، خروج بعض الأشخاص مطالبين بإسقاط فصل يجرم العلاقات الرضائية و هو الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد الى سنة”.
الجدل الذي أُثير في أكثر من مرة، تمت إعادة إثارته، على خلفية متابعةِ شابة، بعد تسريب فيديو إباحي لها يعود تاريخ توثيقه لسنوات، وأدان القضاء المغربي “شابة تطوان” بالسجن النافذ ومدته شهر.
يرى المطالبين بإلغاء هذا الفصل على راسهم منظمة “خارجة عن القانون” بأن هدا الفصل هو مقيد للعلاقات الرضائية والاختيارات الشخصية، والأمر مرفوض، لأن العقوبات السالبة للحرية لا علاقة لها بالحريات الخاصة، فلا يمكن سجن شخص مارس حقه الخاص واختياره النابع من قناعته، ولا يؤثر سلباً على أي طرف آخر سواء الأفراد أو المجتمع.
إذا كان المشرع المغربي قد حسم الجدال في هذه المسألة، فإن العديد من المغاربة، السياسيين والمَدنيين منهم، قد دعوا إلى مراجعة القوانين المؤطرة للحريات الفردية، فمنهم الداعمون لزيادة تشديدها ومنهم الداعون لإلغاء هذه القوانين وتوسيع دائرة الحريات الفردية بما في ذلك تقنين العلاقات الرضائية والإجهاض.
نزولا عند موقف الفريق الأول، نجد أن هؤلاء الفئة المكونة غالبا من الأصوليين والتيارات الإسلامية الأخرى قد بنت موقفها بالاستناد إلى مجموعة من الاعتبارات، في مقدمتها كون توسيع الحريات الفردية لتشمل العلاقات الرضائية والإجهاض سيكون سلبيا على منظومة الأخلاق في المجتمع المغربي، عبر طمس الهوية الوطنية المحافظة للمغرب، إضافة إلى تفشي الأمراض الجنسية المُعدية التي قد تنتقل بين الأشخاص الممارسين لعلاقة جنسية ولو كانت رضائية، والتي قد تكون مكلفة للدولة أيضا لأنها تقوم بدعم الأدوية المعالِجة لهذه الأمراض، كأدوية السيدا، كما يذهب البعض من هذه الفئة إلى الاتفاق مع هذه الحريات الفردية التي لا تنزل بالإنسان إلى المستوى البهيمي.
على الطرف النقيض، نصادف نفراً من المغاربة ذوي الفكر اليساري والحداثي، يؤكدون على الإقرار بعدم محدودية الفرد عبر الدعوة إلى إباحة الممارسات الرضائية والإجهاض مستعينين بجملة من الحجج أهمها أحقية الأشخاص الراشدين في التصرف الحر بأجسادهم هذا إلى جانب وجود عوامل اجتماعية متداخلة بأخرى اقتصادية تدفع إلى إباحة الممارسات الرضائية، وتتلخص هذه العوامل بالأساس في مشكلي البطالة والفقر اللذين يقفان عائقا أمام إحداث علاقة زوجية، فتصير تبعا لذلك الممارسات الرضائية المنفذ الوحيد لإشباع الرغبات المصاحبة لمرحلة الرشد.
من الميوعة أن نرى مثل هده المطالبات بإلغاء نصوص قانونية تقيد أفعال محرمة في الدين ، فمن المنطقي أن المغرب بلد إسلامي بمقتضى الدستور وعلى رأسه أمير المؤمنين الذي سبق أن قال أنا أمير المؤمنين، لا يمكن أن أحلل حراماً أو أُحرِّم حلالاً ، فحتى التفكير في مثل هذه المطالبات لا يجب أن تكون، فعوض المطالبة بما هو أساسي وفيه منفعة للمجتمع بأكمله، نجد البعض يبحث عن المساواة بين الحضارة الإسلامية و الغرب حتى فيما هو مخل بالأخلاق و العادات.
الاثبات في جريمة الفساد
القاعدة العامة في الإثبات الجنائي هي حرية القاضي في اختيار الدليل الذي يراه مناسبا، فلم يفرض عليه المشرع دليلا محددا ولم يمنعه من الأخذ بدليل معين، فله أن يثبت الجريمة بـأي وسيلة من الوسائل الإثبات طبقا للمـادة 286من قـانون المسطرة الجنائية.
إلا أن المشرع الجنائي خرج عن هذه القاعدة ونص في الفصل 493 من المجموعة الجنائية على أن جريمتي الفساد والخيانة الزوجية ” لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة تلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي.
وبذلك يكون المشرع المغربي قد قيد حرية القاضي في إثبات الجريمتين المذكورتين، بحيث لا يمكن أن يبني حكمه بالإدانة إلا على إحدى الوسائل الثلاثة وهي تتمثل في حالة التلبس أي مشاهدة وقائع الجريمة من طرف أحد ضباط الشرطة القضائية، عمليـا يصعب ضبط هذا النوع من الجرائم في حالة التلبس فغالبا ما تقترف داخل المحلات المغلقة أو اعتراف كتابي ويقصد به المكاتب التي تصدر عن المتهم في شكل كتابات أو رسائل يقر فيها بـأنه ارتكب إحدى الجريمتين ، ومن النادر جدا أن تصدر مثل هذه المكاتب عن الجناة ، وأخيرا الاعتراف القضائي ويقصد به الاعتراف الـذي يصدر أمام هيئة الحكم أو أمام قاضي التحقيق أو أمام النيابة العامة ،أما الاعتراف أمام الشرطة القضائية فهو اعتراف غير قضائي. عمليا قلما يعترف المتهم أمام المحكمة ، بل إن الكثير من المتهمين يتراجعون أمام المحكمة عن الاعترافات التي صدرت عنهم خلال مرحلة البحث التمهيدي بدعوى أن ما صدر عنهم كان نتيجة إكراه وتعذيب مورس عليهم خلال تلك المرحلة.