الرأي

النظام الجزائري مجرد إشاعة

بقلم : نورالدين زاوش *

حينما نذكر في حديثنا مصطلح “النظام الجزائري” فنحن في الحقيقة لا نقر بأنه نظام بكل ما يحمله المصطلح من دلالات سياسية وتبعات قانونية؛ بل فقط نطلق عليه هذا النعت من باب المجاز لنبين في حديثنا حقيقة الحيز الجغرافي الذي نحن بصدد الحديث عنه، والذي احتلت السلطة فيه عصابة لا تملك من الكفاءة العقلية والأخلاقية والقانونية ما يجعلها قادرة على التراجع عن طريق الشر الذي قررت سلوكه اتجاه المغرب منذ أكثر من أربعة عقود.

وكأني أرى بعض الابتسامات الصفراء الفاقع لونها وهي تُرسم على الشفاه الغليظة لبعض جنرالات هؤلاء العصابة وهم يطالعون مقالي هذا، فلا شغل لهم سوى متابعة ما يكتبه الكتاب المغاربة وما ينشرونه كي يتحسسوا رؤوسهم التي يبدو أنها قد أينعت وحان قطافها، وكأني بهم أيضا يعضون أناملهم من الغيظ ندما على ما فرطوا في جنب بلد ما كان لهم أن يفرطوا فيه، ولعلهم أخيرا فهموا؛ لكن بعدما فات الأوان، القصد من المثل القائل: احذر غضب الحليم.

كثيرا ما نسمع عن تزوير الانتخابات في هذا البلد أو ذاك؛ ورغم أن الأمر مناف لمبادئ الديمقراطية والنزاهة والتداول السلمي على السلطة إلا أن الهفوات في الموضوع كثيرا ما تقع، وقد لا تسلم منها حتى أعرق الديمقراطيات مثلما وقع مؤخرا بالولايات المتحدة الأمريكية؛ بيد أن الذي لم نسمع به إلا في الجزائر الشقيقة هو تزوير الدستور نفسه، ولا أقصد بذلك تزوير نتائج الاستفتاء الذي تم بطريقة غبية للغاية، حيث إن القناة الجزائرية الأولى أعلنت بأن نسبة التصويت يوم الاقتراع بلغت على الساعة الخامسة %29.93؛ بينما بلغت في نفس الساعة على قناة الشروق 18.44 %، وكأن القناتين لا تتَّبعان نفس التوقيت، أو أنهما لا يغطيان نفس الانتخابات.

ما أقصده هو أن نسخة الدستور التي تم التصويت عليها في الاستفتاء من طرف الشعب الجزائري العظيم غير النسخة التي نشرتها العصابة المجنونة على صفحات الجريدة الرسمية بتاريخ 30 ديسمبر 2020م، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالمادة 186 من مسودة الدستور كانت تنص على انتخاب ستة أعضاء من المحكمة الدستورية عن طريق الاقتراع العام من لدن أساتذة القانون الدستوري دون أي حديث عن كيفيات القيام بذلك، ليتحول نصها بقدرة قادر في الجريدة الرسمية إلى تكلف رئيس الجمهورية بتحديد شروط وكيفيات انتخاب هؤلاء الأعضاء.

في مغربنا الحبيب، حينما تخطئ السلطة المحلية في تسجيل اسم مولود جديد، كنسيان نقطة مثلا أو تغيير حرف، فإنه ليس هناك من سبيل لتصحيح هذا الخطأ المادي البسيط سوى بحكم من المحكمة الإدارية المختصة، أما في الجزائر الشقيقة، فإنه يتم إضافة تسع كلمات، في جنح الظلام، بحروفها ونقطها وتبعاتها القانونية والسياسية في أسمى وثيقة تربط الراعي بالرعية بلا رقيب أو حسيب، مما يدل على أنها جريمة شنيعة مكتملة الشروط والأركان، والأدهى من ذلك أنه نظام يتعامل مع الوثيقة الدستورية مثلما يتعامل مع أوراق الحمام، يضيف إليها ما شاء ويمحو منها ما يشاء وقتما شاء؛ مما يؤكد يقينا لا يقبل الشك بأننا بصدد شرذمة اجتمعت وقلوبها شتى على خدمة نزوات الشر ونوازع الشيطان.

أعلم بأنني مجانب للموضوعية بعض الشيء وأنا أصف جنرالات العسكر الجزائري بالعصابة؛ فهم في حقيقة الأمر أقبح من ذلك واللغة العربية ليس بها مصطلحا أسوأ؛ ربما لأن العرب لم يتصوروا نذالة كنذالة هؤلاء، ولا حمقا كحمقهم، ولا نكرانا للجميل والمعروف مثل عقوقهم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

* عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

زر الذهاب إلى الأعلى