الرأي

هل يرسم حزب الاستقلال ملامح البديل السياسي المنتظر؟

يوسف زركان*
يعيش المغرب حاليا فترة سيكون لها ما بعدها، على جميع المستويات، إجتماعيا وسياسيا، فترة يحب البعض أن يصفها بالمخاض، ولكن البعض يخشى أن يكون كـ“مخاض الجبل”، جبل حراك 2011.
هذا الوضع الذي تعيشه البلاد، ليس بعيدا عن أعين حزب الاستقلال الذي يتابع الأمور بكل مكوناته الحزبية، وعلى رأسه الأمين العام نزار بركة، الذي أعاد للحزب وهجه داخل الخارطة السياسية للمغرب.
وقد كانت تصريحات الدكتور نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، حول تعاقد الأساتذة ونسبة الفقر في العالم القروي، سببا في غضب سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب المصباح، لا سيما أن الأمين العام انتقد ذلك بعين الخبير، فالرجل قادم من ميادين الاقتصاد والسياسة، وليس فقيها يقرأ على الناس تمتماته الخافتة.
لم يكن هذا كل شيء، بل إن الرجل استمر في مقارعة حجج الحكومة، بحجج الأرقام التي لا تلوى أعناقها كما الحروف، فقد صرح الأخ الأمين العام لـ“لوبينيون”، أن “3 في المئة من المغاربة لا يتوفرون على التقاعد”، تصريح على وقع خطاه جاء تأسفه “لواقع المحسوبية والزبونية، الذي يعصف بالمجتمع المغربي، داعيا إلى ترسيخ الدمقرطة والاستحقاق”.
كان الدكتور نزار بركة، مشرحا للجسم المغربي، بعين نافذة، ومصورٌ بدقة لمكامن الخلل، حين قال أنه “يمكن الجزم بكل موضوعية بأن المغرب يعيش أزمة ثقة متعددة، سواء تعلق الأمر بالحكومة أو الأحزاب أو المؤسسات المنتخبة أو النقابات أو البرلمان وحتى أزمة الثقة بين الأشخاص، وهو ما له وقع كبير على انحصار فرص التنمية وتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية وتراجع مستويات الاستهلاك”، وكان كذلك حكيما في نظرته لعدم تنزيل الجهوية المتقدمة، التي بحت الحناجر منادية بها “هناك بطء كبير في تنزيل الجهوية المتقدمة”، وهذا البطء في تنزيلها لا يقود للتقدم بقدر ما يدفعنا إلى القهقرى.
من هذا المنطلق بدأ الرجل رحلة الألف ميل، يجوب البلاد من أقصاها إلى أقصاها، بدءاً من الشمال، إلى الجنوب، يستمع لنبض المواطن، لبؤس الحال، وشقائه ظل حكومة قادت الشعب والوطن إلى عنق الزجاجة.
حكومة تعاقبت علينا أظافرها لولايتين، سنوات سبعٌ عجافٌ من عمرنا، أخذوها هباءً منثورا، لم يستثمروا فيها صِحةً، سوى صحة أبدانهم، ولا تعليمًا غير تعلم إنهاكنا وانتهاكنا حد الوجع، لم يقيموا مشاريع إقتصادية توفر فرص شغل، أو تحقق رخاء مادياً، سوى العودة بالمواطن إلى ما هو أفضع مما كان قبل مجيئهم ذات صيف لا ربيع، وعدوا أن يعالجوا الندوب والخدوش من وجه العباد والبلاد، وكانت وعود “عُرقوبٍ” لهم مثلا، والمحصلة “سياسات تفقيرية للمغاربة، كان من نتائجها تكريس المزيد من الهشاشة، واندحار الطبقة الوسطى والإمعان في التوريث الجيلي للفقر”، على رأي الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي خلص نجيا، وقال بصراحة ما عجزنا عنه، رغم أنه يخالجنا، بعدما عبثت بِنَا الأيادي اللامعقولة بالمحسوس واللامحسوس، قالها حين دعا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إلى  تفعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور من خلال ربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، لدى مجلس النواب، بتصويت منح الثقة للحكومة، من أجل مواصلة تحمل مسؤوليتها.
وتحت حوافر سياسة العدالة والتنمية، التي استنزفت جيوب الطبقة الشغيلة، لا بد أن نقف عند الديناميكية التي عرفها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والذي يعتبر الذراع النقابي لحزب الاستقلال، هذا الأخير الذي مافتئ يعرف حركيّة كبيرة تمثلت في التغطية القوية لجميع الأقاليم بالمملكة، ومواكبة الحوار الاجتماعي بعين المواطن المغربي؛ الذي يعاني الأمرين، من السياسة الاجتماعية لحكومة العدالة والتنمية، منافحا عن الحقوق بكل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بديناميكية شابة، وفتية، ترجع بالأساس إلى عصامية الشاب النقابي الصحراوي، الذي أعطى للاتحاد العام نفسا جديدا، بعد الشفاء من أمراض الماضي، الذي ولى إلى غير رجعة.
وإذا كانت جولات الأمين العام، لحزب الاستقلال، نزار بركة؛ شمالا قد أماطت النقاب عن مكامن الخلل، في تسيير حكومة إخوان العثماني للبلاد فإن محطة العيون من جولاته، تعتبر مرحلة مهمة، نظرا لما تمر به القضية الوطنية، وللنجاح الكبير الذي حققه رئيس المجلس البلدي للعيون، وذلك بتحويله المدينة إلى واحدة من أهم المدن المغربية.
وهذا ليس كلاما تلوكه الأفواه، بل واقع يعكسه تضاعف المنخرطين والمتعاطفين مع الحزب بهذه الجهة، وهذا النجاح الباهر لمنسق الجهات الجنوبية، يوازيه مكانة هذا الأخير داخل النسيج القبلي الصحراوي باعتباره أحد شيوخ قبائل الصحراء، استطاع تحقيق نوع من الإجماع، بعيدا عن الحساسيات القبلية الضيقة، وذلك باشراك جميع مكونات المجتمع الصحراوي داخل منظومة التدبير، من حيث التمثيلية داخل المجالس المنتخبة.
وتجدر الإشارة، ألا حديث هذه الأيام بمدينة العيون سوى عن زيارة الأمين العام، والعرس الاستقلالي التي ستعرفه المدينة، وذلك راجع إلى مكانة المنسق الجهوي للحزب مولاي حمدي ولد الرشيد عند ساكنة المدينة، وما سيترجم ذلك حسب قول المنسق الجهوي لحزب الاستقلال بالعيون، ليس هو لغة الكلام، بل ماتراه العين، فالموعد يوم السبت الـ6 أبريل، وأن غدا لناظره قريبٌ.

*أستاذ باحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى