العبادي: المملكة المغربية أرض التعايش الإنساني والوسطية والاعتدال
قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أحمد العبادي، اليوم الخميس، في ندوة نظمت بمدينة بني ملال، "إن المملكة المغربية شكلت على الدوام أرض التعدد المتزن والعيش النبيل، ونموذجا للتعايش الإنساني القائم على قيم التسامح والوسطية والاعتدال".
وأضاف العبادي، خلال هذه الندوة التي أقيمت في إطار الدورة الثانية للجامعة الربيعية التي تنظمها الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة من 10 إلى 14 أبريل الجاري، أن قيم التعايش والتسامح التي تطبع ثقافة المغاربة ووجدانهم ومعيشهم المشترك منذ عهود هي "ثمرة انصهار وتلاحم عناصر وروافد حضارية عريقة عبر حقب مديدة، جعلت المغاربة يجنحون نحو الاعتدال والاتزان وعدم التسرع في اتخاذ المواقف، وهو ما تجسد في طريقة التعامل مع مختلف القضايا ذات الطابع المحلي أو الدولي، تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين".
واعتبر أن هذا النزوع للتعايش الإنساني بين المغاربة يجد تفسيره أيضا في كون المملكة قد قرنت على الدوام، في تمثلها وتعاملها مع القيم الدينية، بين "البعد المتصل بالجلال (الأوامر والجوانب الشرعية) وبين بعد الجمال (الأبعاد الروحية والمقصادية)، وذلك من منظور يرى أن "الكمال هو الجمال والجلال معا"، مضيفا أن هذا التمازج بين هذين البعدين في الوجدان الوطني الجماعي كرس أرضية للعيش المشترك و"أفقا للتعامل بيننا وبين بعضنا باعتبارنا مسلمين، ولكن أيضا بيننا وبين بعضنا باعتبارنا معتنقين لملل أخرى، لاسيما المكون اليهودي الذي يتمتع بحضور في المملكة منذ مئات السنين".
وذكر الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بأن التعايش المشترك يستند إلى تأصيل دستوري، حيث تضمن دستور 2011 إشارات إلى مكونات الهوية الوطنية الغنية بمختلف روافدها.
وأكد العبادي أن الزيارة الأخيرة لقداسة البابا فرانسيس إلى المغرب و"نداء القدس" الذي وقعه بمعية أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يجسد هذه الأبعاد القيمية التي انغرست في الوجدان المغربي، مضيفا أن هذا "النداء" يشكل "نقطة تحول في مجالات العيش المشترك".
من جهة ثانية، شدد على أهمية مثل هذه التظاهرات، التي يشارك فيها الشباب المقيمين بالخارج، بالنظر إلى أنها تساهم في ترسيخ "التمثل النظري والذهني للعيش الواقعي المشترك لديهم، وتجعل منهم مواطنين عالميين وسفراء للقضايا العادلة للمملكة، يعتزون بهويتهم وتساعدهم على تجنب أنواع من الاكتئاب والتهميش والتشدد أو غيرها من الحالات التي تقرن عدم الاستجماع لما ينبغي من العزة والاعتزاز بالهوية الوطنية وبالموروث الحضاري والديني لبلدهم".
ومن المقرر أن يستفيد خلال هذه الدورة، التي تنظمها الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بشراكة مع جهة بني ملال-خنيفرة وجامعة مولاي سليمان ببني ملال من 10 إلى 14 أبريل الحالي، 100 من الشباب المغاربة المقيمين بالخارج المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و25 سنة بمعية نظرائهم الذين يتابعون دراستهم بجامعة بني ملال، من ندوات ولقاءات يؤطرها عدد من الأساتذة والمحاضرين.
وستتناول الندوات خلال هذه الدورة عدة مواضيع من بينها "المغرب المتعدد .. أرض التعايش"، و"التراث اللامادي بالمغرب"، و"الوحدة الترابية للمملكة"، إضافة إلى تنظيم ورشات وزيارات ميدانية تهدف إلى إغناء معارف هؤلاء الشباب حول بلدهم الأصلي، وغنى وتنوع موروثه الثقافي، والمساهمة في إطلاعهم على المرتكزات والقيم الأصيلة للمجتمع المغربي.