الرياضة

دلالات ورمزية مشاركة عبد الرحمان اليوسفي في احتفالات “الطاس”

الرباط/ صلاح الكومري

لم يكن حضور عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول الأسبق، في احتفالات الاتحاد البيضاوي لكرة القدم "الطاس"، بالصعود إلى الدوري الوطني الثاني، اعتباطيا، بل إنه يحمل في طياته، الكثير من الرموز والدلالات التاريخية.

الكثير من عشاق "الطاس"، ممثل منطقة الحي المحمدي في الدار البيضاء، يعتبرون الرحمان اليوسفي، "الأب الروحي" للفريق، بحكم أنه الرئيس المؤسس للنادي سنة 1946، وأول من منح النادي شهادة الميلاد، ورخصة السفر في قطار حياة المنافسة في الدوري المغربي.

فكرة تأسيس الاتحاد البيضاوي، راودت عبد الرحمان اليوسفي، بعد احتضانه من طرف ثلة من المقاومين في الحي المحمدي، قادما من ثانوية مولاي يوسف، في الرباط، حيث تعرض للطرد بسبب مواقفه الوطنية. في البداية وجد الوزير الأول السابق في منطقة الحي المحمدي وسكانها ملاذا آمنا من قوات المستعمر الفرنسي، التي كانت تطالب به حيا أو ميتا، وموازاة مع دوره في تنظيم صفوف المقاومة ورسم خططها واستراتيجياتها لطرد المحتل، كان ابن مدين طنجة، حريصا على توعية أبناء الحي، وتحسيسهم بأهمية الاتحاد والانخراط في الحياة السياسية، ودعم المقاومة، كان الرجل يلقي خطبا رنانة في بعض الأحياء البيضاوية، يدعو فيها الجميع إلى "التعبئة الوطنية".

قرر عبد الرحمان اليوسفي، بمعية ثلة من المقاومين المغاربة، من بينهم المرحوم العربي الزاولي، تأسيس فريق مغربي لكرة القدم، مستقل، جميع لاعبيه مغاربة، من أبناء الوطن، من شباب المنطقة، القاطنين في دور الصفيح، في "كاريان سانطرال"، و"كاريان زرابة"، و"كاريان الخليفة"، و"كاريان بوعزة"، و"كاريان العرش"، أراد اليوسفي ورفاقه في المقاومة فريقا لا يخضع لوصاية المحتل، بل يمثل سلاحا لمقاومة وجوده، ولا يقتصر دوره على الممارسة الرياضية، بل يتجاوزها إلى الانخراط في الفعل السياسي، ومن أجل الحفاظ على استقلاليته "الوطنية"، ولحمايته من سطو الفرنسيين، أسس اليوسفي ما كان يعرف بـ"العصبة الوطنية الحرة"، وضم تحت لوائها "الطاس"، وفريق "كوزيمار"، الذي كان وراء تأسيسه أيضا، ومجموعة من فرق الأحياء البيضاوية، كانت مستقلة، غير خاضعة للعصبة الفرنسية لكرة القدم.

رفض اليوسفي شغل منصب رئيس الفريق، لأنه كان يحصر دوره في التدبير وليس التسيير، يضع القطار على سكته الصحيحة، يعطي إشارة انطلاقه، ويعين من يقوده إلى بر الأمان، لهذا منح الرئاسة لرفيق دربه، وقتذاك، الراحل احمد العبدي، الذي لم يكن إلا واحدا من المقاومين البارزين من أبناء الحي المحمدي، وهناك من يقول إنه كان الذراع الأيمن لليوسفي في ترجمة أفكاره الوطنية على أرض الواقع.

بعد سنوات قضاها في قسم الهواة، يعود، أخيرا، فريق الاتحاد البيضاوي "العريق"، إلى الدوري الوطني للمحترفين الثاني، وبالتالي تعود الحياة لتدب في جماهير الحي المحمدي العاشقة لهذا النادي، خاصة جماهير جيل "كاريان سانطرال"، أولائك الذين يتذكرون ماضي الفريق ودوره في القاومة، وما قدمه للوطن، بكثير من الحنين والشوق والحسرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى