بقلم : يونس التايب
من الناحية النظرية، هنالك اتفاق على أن العصر الرقمي، بما يميزه من ثورة غير مسبوقة في تكنولوجيا المعلومات، يتيح حرية رأي غير مسبوقة للأفراد و المؤسسات. كما يتيح فرصا كبيرة لبناء جسور تقرب الناس من واقعهم بمعزل عن المكان و الزمن، أو على الأقل تقربهم من بعض زوايا النظر إلى ذلك الواقع و حقائقه، و المؤسسات الفاعلة فيه.
و يشترط لذلك، تعزيز إرادة الانفتاح المؤسساتي، و وضع استراتيجيات دقيقة للتأهيل الرقمي و التواصل، بالإرتكاز على مبدأ الإشراك و المشاركة، انطلاقا من مرحلة التشخيص، إلى مرحلة هندسة الحلول و السياسات، ثم تنزيل البرامج، وصولا إلى تتبعها و تقييمها.
وفي تلك الديناميكية، يتعين الانتباه إلى خطورة المساحات “الرمادية/الضبابية” التي تعيق الرؤية في محطات مختلفة، بسبب هوامش حرية الرأي المفتوحة على نطاق واسع، و إمكانية التنقل بين هذا الرأي و ذاك، و تغيير هذه المنصة التواصلية بتلك، دون ضوابط محددة تؤطر السير العام أو ترتب الأولويات و المواضيع و المحاور، يمكن أن تساعد في تنسيق الخطى.
بشكل عام، من المهم جدا أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقة أنه، بين العالم “الافتراضي” و العالم “الواقعي”، توجد تحديات كبيرة تعكسها معطيات الأرض و حقائقها المتنوعة و المتغيرة و المعقدة، التي تعزز النسبية على مستويات متعددة منها :
– النية.
– المبتغى.
– الحافز.
– الصدقية.
– الشمولية.
– الدقة.
– العقلانية.
– الأولوية.
– القابلية.
– الفعلية.
– الراهنية.
– المآل.
و بكل تأكيد، كلما تعدد الفاعلون في الحقلين الافتراضي و الواقعي، و تنوعت انتماءاتهم و منطلقاتهم و مرجعياتهم، تختلف مصالحهم و مراميهم. و يكون لذلك أثر على ازدياد حدة النسبية التي أشرت إليها أعلاه، و اتساع الهوة بين الحقلين و بين من يتحركون فيهما، أو بينهما.
و لعل عدم استيعاب هذه الأمور جيدا، من طرف كل الفاعلين، و خاصة المتنقلين بين طموحات العوالم الافتراضية و ضغط إكراهات الواقع، سيزيد من حدة الجدل العقيم الذي يؤجج الانفعالات و ينوع المتاهات، و يبعدنا عن تحقيق أهداف استراتيجية، أفترض أن الجميع يتفق حولها رغم اختلاف تقديرنا لطريقة بلوغها و ترتيب الأولويات لتحقيق ذلك. وأقصد بالأهداف الاستراتيجية، أساسا :
– قدسية حماية السفينة الواحدة المشتركة، في وجه الأمواج العاتية و المتربصين و الأعداء ؛
– تحقيق أكبر نفع لا مادي و مادي للبلاد و للعباد ؛
– استعجالية تعزيز جسور الثقة و إشاعة الأمل لكونه ضرورة مجتمعية استراتيجية ؛
– حتمية التأهيل الشامل لكل ما يستوجب ذلك في تدبير واقع الناس؛
– تحقيق أقصى المتاح، الممكن و المعقول، من طموحات تنبعث من التواصل الافتراضي و الواقعي.