الرياضة

بورصة البطولة.. معاملات ضخمة لا تؤدي الضريبة

الدار/ صلاح الكومري

ارتفعت أرقام البورصة المالية في الدوري المغربي للمحترفين الأول لكرة القدم، في السنوات الأخيرة، وباتت تحقق معاملات وأرباحا خيالية، لا تصلها مؤسسات وشركات عمومية، تؤدي الضريبة لخزينة الدولة، فميزانية فريقا الوداد الرياضي والرجاء، على سبيل المثال، تتجاوز 10 ملايير، سنويا، ومجموع مداخيل بعض اللاعبين "البارزين"، من منح التوقيع وأجور شهرية ومنح المباريات، تصل لـ300 مليون سنتيم سنويا.

حسب بعض العارفين بخبايا "اللعبة"، فإن الأرقام التي تأتي في التقارير المالية لفرق دوري المحترفين الأول، لا تتضمن جميع معاملاتها، خاصة في الشق المتعلق بالمداخيل، بل فقط جزءا منها، لأن الجزء الأكبر، لا يصرح به للرأي العام والسلطات، بل يتم "طبخه" وفق مصالح المتداخلين في المعاملة، ونصيب كل طرف، وهذه العملية، تتم، في الغالب، "تحت الطابلة"، أو "في النوار".

ورغم أن البورصة المالية في الدوري المغربي، أصبحت تشهد معاملات مرتفعة، إلا أن الخزينة العامة، لا تستفيد منها شيئا، إذ أن الدولة، حسب الدكتور منصف اليازغي، الباحث في المجال الرياضي، "تغض الطرف"، على فرض الضريبة على الفرق، بداعي أنها تمارس في إطار الجمعيات الرياضية ذات المنفعة العامة، ولا تهدف إلى الربح، حسب ما جاء في قانون الضريبة على الدخل رقم 85-30.

مداخيل الأندية.. بورصة لا تخضع لسلطة الدولة

مع تطور الممارسة الكروية، وانتقالها للنظام الاحترافي، وارتفاع شعبيتها وازدياد متابعيها، لم تعد مداخيل الفرق تقتصر على عائدات بيع التذاكر، بل أصبحت متعددة، وباتت تشمل توقيع عقود رعاية وإعلان مع شركات عالمية، تنشط في مجالات مختلفة، إضافة إلى بيع اللاعبين.

على سبيل المثال، مجموع مداخيل فريق الوداد الرياضي في الموسم الماضي 2018/2017، بلغت ملياران و235 مليون سنتيم، من وراء تعاقده مع 6 مستشهرين، ويتعلق الأمر بشركات "كيا"، "هيونداي"، "الإتقان"، "or blanc"، "كتبية"، إضافة إلى المحتضن الرسمي "أنجيليك"، كذلك الشأن بالنسبة للرجاء البيضاوي، الذي حقق عائدات تفوق ثلاثة ملايير، حسب ما أعلنه جواد الزيات، أخيرا، في ندوة صحفية.

إضافة إلى ذلك، تشمل مداخيل الفرق، عائدات النقل التلفزيوني لمبارياتها في الدوري الوطني، في إطار شراكة تجمعها مع الجامعة الملكية المغربية، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، بحيث أن كل فريق يتوصل بمنحة سنوية تصل إلى 600 مليون سنتيم، ناهيك عن منح السلطات المحلية، ومداخيل عائدات بيع التذاكر، والتي تحقق، بدورها، أرقاما قياسية، خاصة بالنسبة للفرق المنتمية للمدن الكبيرة، فعلى سبيل المثال، فريقا الوداد والرجاء، حققا، مداخيلا تجاوزت مليار سنتيم في الموسم الماضي 2017/2018.

لاعبون يتقاضون أجورا خيالية

مع اعتماد جامعة الكرة "قانون اللاعب" سنة 2012، والذي يكفل للممارسين حقوقهم، ويضبط ويقنن علاقتهم مع أنديتهم، في إطار الممارسة الاحترافية، ارتفعت أجور أغلب اللاعبين "البارزين" في الدوري الوطني الأول، وأصبح راتب بعضهم، يفوق رواتب أطر عليا وكبار المديرين في المؤسسات العمومية، بل يفوق حتى رواتب وزراء حكومة سعيد الدين العثماني.

على سبيل المثال، اللاعب محسن ياجور، جدد، أخيرا، عقده مع فريقه الرجاء لمدة موسمين، مقابل 600 مليون سنتيم، يتقاضاها بصيغة أجور شهرية، ما يعني تقاضيه مبلغ 25 مليون سنتيم شهريا، وبالتالي أصبح الأعلى أجرا بين لاعبي الدوري المغربي للمحترفين، متبوعا بزميله في الفريق عبد الإله الحافيظي، الذي جدد، هو الآخر، عقده مع القلعة الخضراء إلى غاية 2022، مقابل راتب شهري يصل لـ19 مليون سنتيم، ثم يأتي يحيى جبران، الذي تعاقد مع الوداد الرياضي في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة لمدة 3 مواسم ونصف، مقابل 550 مليون سنتيم، سيتقاضاها اللاعب على دفعات، 70 مليون مباشرة بعد التوقيع، و140 مليون في الموسم المقبل، و160 مليون في الموسم الثاني، و180 مليون في الموسم الثالث.

رواتب المدربين.. ملايين "على طبق من ذهب"

يبقى الويلزي جون بنيامين توشاك، الذي قاد الوداد الرياضي في موسم 2015/2016، صاحب أعلى أجر في تاريخ الدوري المغربي، قيمته 55 مليون سنتيم شهريا.

في الموسم الحالي 2018/2019، يحتل الفرنسي بارتيس كارثيرون، مدرب الرجاء البيضاوي، قائمة المدربين الأعلى أجرا، براتب شهري محدد في 35 مليون سنتيم، متبوعا بالتونسي فوزي البنزرتي، مدرب الوداد الرياضي، براتب 34 مليون، والزاكي بادو، مدرب الدفاع الحسني الجديدي (17 مليون)، ثم رشيد الطاوسي، مدرب أولمبيك خريبكة، وكارلوس ألبيرطو فيرير، مدرب الجيش الملكي (15 مليون)، والأرجنتيني ميغيل غامودي، مدرب حسنية أكادير (12 مليون)، وهشام الدميعي، مدرب أولمبيك آسفي (10 ملايين)، ووليد الركراكي، مدرب الفتح الرباطي، وسعيد الصديقي، مدرب يوسفية برشيد (8 ملايين)، وحسن بنعبيشة، مدرب سريع واد زم (7 ملايين).

حسب بعض العارفين، تحدث إليهم موقع "الدار"، فإن رواتب المدربين في الدوري المغربي، تبقى عادية جدا، مقارنة مع نظيراتها في بعض بطولات شمال إفريقيا، ففي الدوري المصري، مثلا، يحصل الأورغوياني مارتين لاسارتي، مدرب الأهلي على أجر شهري يتجاوز 120 ألف دولار، متبوعا، بالسويسري كريستيان غروس، مدرب الزمالك، براتب شهري يتجاوز 100 ألف دولار، أما في بعض الدوريات الخليجية، فإن أجور "بعض" المدربين، تصل أحيانا لمليون دولار شهريا، بغض النظر عن المنح والامتيازات والجوائز.

خزينة الدولة.. المتضرر الأول

يقول الدكتور منصف اليازغي، الباحث في المجال الرياضي، في حديث مع موقع "الدار"، إن من الصعب جدا تحديد رقم مضبوط للأموال التي لا تستفيد منها خزينة الدولة بسبب "تغاضيها" عن تطبيق قانون الضريبة على الدخل لدى الرياضيين، مبرزا أن الأمر، في حاجة ماسة إلى دراسة.

وأشار المتحدث ذاته، أنه في موسم 2011/2012، أجرى دراسة على مداخيل المدربين، فاكتشف أن الدولة تضيع عليها أزيد من خمسة ملايين درهم في السنة، وهذا الرقم، بالتأكيد، سيتضاعف مرات، إذا ما أجريت دراسة جديدة عن مداخيل المدربين في الموسم الحالي.

المتحدث ذاته، أشار إلى أن الدولة لا تعفي الرياضيين من أداء الضريبة على دخلهم، بل فقط تتغاضى عن الأمر، موضحا: "السؤال الذي يطرح نفسه، هل نحن أمام تهرب ضريبي؟ أم نحن أمام غض طرف من طرف الدولة؟ الجواب الأكثر دقة هو أننا أمام حالة تغاضي من الدولة عن فرض ضرائب على المستفيدين من القطاع الرياضي"، مبرزا أن قانون المالية لسنة 2014، جاء بفرض الضريبة على الدخل على جميع الرياضيين الذين لديهم عقود احترافية.

واعتبر المتحدث ذاته أن "تغاضي الدولة عن مداخيلها من الضرائب الواجبة على المدربين واللاعبين، يأتي كدعم غير مباشر للممارسة الرياضية بالمغرب".

وبالنظر إلى الأرقام المالية الرائجة، سنويا، في بورصة المنافسات الرياضية في الدوري المغربي، يتضح جليا أن هذا القطاع الذي يحظى بمتابعة الملايين، أصبح استثمارا منتجا ومربحا جدا، من شأنه أن يساهم في دعم خزينة الدولة، في حال خضع لقانون المالية، واحترم الدستور المغربي الذي أشار في فصليه الرابع والخامس، إلى أنه على الجميع الامتثال للقانون، وأن جميع المغاربة سواء أمامه، وهو ما يؤكده قانون الضريبة على الدخل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى