السلطات الفرنسية تستدعي خبراء لتشريح ظاهرة “التطرّف الإسلامي”
فتحت السلطات الفرنسية للمرة الأولى أحد أشد ملفاتها حساسية وهو الخاص بالمتطرفين الإسلاميين، أمام بعض الباحثين أملا في فهم الظاهرة أو منعها.
ومع إعلانها قرارها في أبريل، أوضحت الحكومة الفرنسية أنها تريد "أن تفهم بشكل أفضل" ظاهرة التطرف الاسلامي "ليس للتبرير بل من أجل رصد أفضل (للظاهرة) ومنعها بشكل أفضل وببساطة من أجل حماية أفضل" منها، بحسب رئيس الوزراء ادوار فيليب.
وفي غضون بضع أسابيع سيكون بامكان الباحثين الذين تم اختيارهم، تمحيص نحو 11 ألف استمارة حول "ملف تقارير التطرف ذي الطابع الإرهابي".
وقال متخصص في هذه القضايا طلب عدم كشف هويته مبديا اغتباطه، "الأمر يتعلق بقاعدة عمل ضخمة"، مشيرا إلى محدودية المصادر الحالية لفهم الينابيع المعقدة للتطرف.
ويضيف الخبير أن "المصادر القضائية معقد الوصول اليها ولا تشمل الا القضايا المنتهية".
ويتابع أما المقابلات في السجن "فهي تنتج عملا نوعيا جدا، وهو مفيد، لكن هناك القليل جدا من الاعمال النوعية الواسعة النطاق" مشيرا الى أن "فتح الملف سيتيح انجاز ذلك".
والملف حول التطرف الذي أنشأ في مارس 2015 بعد الاعتداء على أسبوعية ساخرة في فرنسا، يمكن أن يشكل منجما للباحثين. فهو يحصي أكثر من عشرين ألف شخص "منخرطين في مسار تطرف" و"يمكن أن يتوجهوا إلى الخارج إلى مسرح عمليات مجموعات إرهابية أو أن يرغبوا في المشاركة في أنشطة ذات طابع إرهابي".
ومن المدرجين في هذا الملف مثلا شريف شيكات الذي قتل خمسة أشخاص في ديسمبر 2018 في ستراسبورغ شرق فرنسا أو ميكائيل شيولو الذي طعن حارسي سجن في مارس 2019.
وكل شخص مدرج في الملف يتم توصيفه من خلال عناصر متعددة يجمعها العاملون في أجهزة المخابرات.
وطلب الكثير من النواب الوصول إلى هذا الملف. لكن تقريرا برلمانيا حديثا أكد أن بث معطيات الملف على نطاق واسع ينطوي على خطر "ضرب نجاعته كأداة استخبارات".
وللحد من هذه المخاطر سمح فقط لباحثي المعهد الوطني الفرنسي لدراسات الامن والقضاء التابع لسلطة رئيس الوزراء، بالاطلاع على الملف، وبشكل محدود.
فلن يكون بامكان هؤلاء الباحثين الاطلاع على كافة المعطيات، كما ستكون الاستمارات دون أسماء. ولا تعرف نسبة المعطيات التي ستتاح للباحثين.
ومن أهم الأشياء التي ترغب الحكومة في فهمها بشكل أفضل العلاقة بين الانحراف والتطرف رغم أن الرؤية القائمة على التسرب من عالم الانحراف إلى عالم التطرف باتت موضع تشكيك.
وأفاد تقرير لعالمي الاجتماع لوران بونيلي وفابيان كاريي سلم إلى وزارة العدل "أن الأفعال الأكثر جدية اقترفها أشخاص لم يكن يتوقع أن يقترفوها أي شبان يتحدرون من أسر مستقرة معظمهم مجهولون من الخدمات الاجتماعية وتلقوا تربية جيدة ومن أبوين عاملين".
وأشار تقرير آخر صاغه فريق البحث "قانون وعدالة" أنه "خلافا لفكرة شائعة، ليس المرور بعالم الانحراف مرحلة لازمة" للتطرف.
وقد تتيح معطيات الملف دراسة أشمل لهذه الصلة المحتملة بين العالمين ما قد يزعزع أفكارا نمطية بقوالب جاهزة.
من جهته، لفت توماس ليندمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرساي-سانت-كينتن-أن-إيفلين إلى أن "هناك على الأرجح بعض التشابه القليل في شخصيات من هم أقرب لدخول عالم التطرف، لكن لا يمكن الحديث عن نموذج محدد".
وقال "عند التدقيق نجد أننا إزاء شبان أعمارهم بين 18 و31 عاما يتحدرون من الأحياء المهمشة قليلا مع توفر استعداد ذاتي معين ولا يملكون التزاما مهنيا أو عاطفيا على سبيل المثال" بيد أنه أوضح أن كل ذلك ليس كافيا لتحديد أن شخصا ما يشكل تهديدا.
المصدر: الدار – أ ف ب