الدين والحياة

مؤسسات دينية.. معهد تكوين الأئمة: مشتل تخريج “الحراس” الجدد لإمارة المؤمنين

الدار/ المحجوب داسع

مع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عقب الأحداث الإرهابية التي هزت الدار البيضاء، تمت هيكلة عدد من المؤسسات الدينية، وتحيين اختصاصاتها مع ما تستوجبه رهانات المرحلة، علاوة على إنشاء أخرى.

وتتوزع هذه المؤسسات كما سنرى، بين المنوط بها مهمة الإفتاء، وترشيد المواطنين في أمورهم الدينية، وبين التي يتمثل دورها في التدبير الإداري. إلى جانب ذلك تعمل أخرى في الجانب المتصل بتكوين العلماء، وتأهيلهم، وتنشيط البحث الأكاديمي في العلوم الإسلامية.

والملاحظ أن مصطلح "التجربة المغربية في تدبير المجال الديني"، غالبا ما يرتبط بهذه المؤسسات الدينية، التي وان كانت مهامها واختصاصاتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أنها تصب في منبع واحد، تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين.

وسنحاول من خلال هذه السلسلة الرمضانية، تقديم خريطة المؤسسات الفاعلة في الحقل الديني في المملكة، واختصاصاتها وهيكلتها، وكذا بعض الانتقادات التي توجها اليها، على أمل أن تتوضح هذه "الخريطة" في أذهان القراء وعامة المواطنين.

معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات

توقفنا في الحلقات الماضية مع مؤسسات فاعلة في الحقل الديني، وهي وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، المجلس العلمي الأعلى، المجالس العلمية المحلية، الرابطة المحمدية للعلماء، دار الحديث الحسنية. في هذه الحلقة سنسلط الضوء على احدى المؤسسات الفاعلة في معادلة تدبير المجال الديني في المملكة، المنوط بها تخريج الأئمة والمرشدين، وهو معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.

محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات

سطع نجم معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، خلال الزيارة التي قام بها قداسة بابا الفاتيكان للمغرب، نهاية شهر مارس الماضي، إذ احتضن المعهد عرضا موسيقيا، عبارة عن مزيج من الأمداح النبوية والأناشيد الدينية المسيحية واليهودية، أدتها الأوركسترا الفيلهارمونية المغربية.

يقع المعهد، الذي دشنه الملك محمد السادس سنة 2015، بقلب مدينة العرفان بالرباط. ولم يكن اختيار المكان اعتباطيا بل لاعتبار المكان فضاء لاستقطاب الطلبة من مختلف مناطق المغرب لمتابعة دراستهم الجامعية في تخصصات مختلفة.

يدرس بهذه المؤسسة الدينية المنوط بها مهمة تخريج مرشدين ومرشدات وأئمة دينيين، طلبة مغاربة وآخرين من بلدان عربية وإفريقية وأوربية، في برنامج يقوم بالأساس على تدريس العوم الشرعية، مع الانفتاح على باقي الفنون والعلوم الاجتماعية والإنسانية واللغات الحية في رسالة يقوم جوهرها على التسامح والانفتاح، مستمدا مقوماته من الثوابت الدينية للمملكة عقيدة، مذهبا وسلوكا. علاوة على ذلك، يدرس الطلبة تاريخ البلد الأصلي للإمام ومؤسساته الحالية؛ والتطبيقات في الإمامة والإرشاد والخطابة، مع مراعاة الخلفية التعليمية للمتكون  في التكوين ومدته.

يدخل إنشاء المعهد، الذي يترأسه عبد السلام الأزعر، والذي تطلب إنجازه تكلفة مالية بلغت 230 مليون درهم، في إطار هندسة سداسية للمؤسسات الدينية بالمملكة، أنيط به دور هام إلى جانب باقي المؤسسات في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمغرب التي تحمل طابع الاعتدال والانفتاح والتسامح .

يمتد المعهد على 28 ألف و687 متر مربع، كما تبلغ  طاقته البيداغوجية 1000 مقعد، الى جانب اشتماله على جناح بيداغوجي يحتوي على مدرجات وقاعات للدروس والمعلوميات وقاعة متعددة الاختصاصات ومسجد الأخوة الإسلامية ومكتبة تضم رصيدا وثائقيا غنيا ومتنوعا.

كما يشتمل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات على جناح للإيواء والإطعام يشتمل على 310 غرفة (700سرير) ومطعمين إلى جانب جناح سوسيو-رياضي.

ومنذ افتتاحه، توصل المعهد بطلبات الاستفادة من التكوين من البلدان الإفريقية الشقيقة، لاسيما إثر قرار أمير المؤمنين الملك محمد السادس القاضي بالاستجابة للطلبات المتعلقة بتكوين الأئمة والواعظين المنحدرين من دول أفريقية بالمغرب مثل تونس ومالي وغينيا كوناكري والكوت ديفوار إلى جانب طلبات واردة من بلدان أوروبية، كفرنسا وبلجيكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين + 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى