الدين والحياة

مؤسسات دينية: المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف

الدار/  المحجوب داسع

مع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عقب الأحداث الإرهابية التي هزت الدار البيضاء، تمت هيكلة عدد من المؤسسات الدينية، وتحيين اختصاصاتها مع ما تستوجبه رهانات المرحلة، علاوة على إنشاء أخرى.

وتتوزع هذه المؤسسات كما سنرى، بين المنوط بها مهمة الإفتاء، وترشيد المواطنين في أمورهم الدينية، وبين التي يتمثل دورها في التدبير الإداري. إلى جانب ذلك تعمل أخرى في الجانب المتصل بتكوين العلماء، وتأهيلهم، وتنشيط البحث الأكاديمي في العلوم الإسلامية.

والملاحظ أن مصطلح "التجربة المغربية في تدبير المجال الديني"، غالبا ما يرتبط بهذه المؤسسات الدينية، التي وان كانت مهامها واختصاصاتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أنها تصب في منبع واحد، تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين.

وسنحاول من خلال هذه السلسلة الرمضانية، تقديم خريطة المؤسسات الفاعلة في الحقل الديني في المملكة، واختصاصاتها وهيكلتها، وكذا بعض الانتقادات التي توجها اليها، على أمل أن تتوضح هذه "الخريطة" في أذهان القراء وعامة المواطنين.

توقفنا في الحلقات الماضية مع مؤسسات فاعلة في الحقل الديني، وهي وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى، المجالس العلمية المحلية، الرابطة المحمدية للعلماء، دار الحديث الحسنية، معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف.

في هذه الحلقة سنسلط الضوء على إحدى المؤسسات الفاعلة في معادلة تدبير المجال الديني في المملكة، من خلال المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة.

أحدث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، المستقل عن وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، بموجب الظهير الشريف 1.09.236 المتعلق بمدونة الأوقاف المؤرخ في 8 ربيع.الأول 1431(23 فبراير 2010) وتحديدا المواد (157 إلى 165).

يتولى المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، الذي يترأسه  السيد سعيد بنبشير، القيام بمراقبة مالية الأوقاف العامة، ودراسة القضايا المتعلقة بها، وإبداء الرأي بشأنها، واقتراح جميع الإجراءات الهادفة إلى ضمان حسن تدبيرها وفق مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة، بما يكفل حماية الأموال الموقوفة وقفا عاما، والحفاظ عليها وتنمية مداخيلها.

 ولهذه الغاية، يمارس المجلس، علاوة على الاختصاصات المسندة إليه بموجب مواد أخرى من هذه المدونة، الاختصاصات التالية:

-القيام بأمر من جلالتنا الشريفة (أمير المؤمنين جلالة الملك) بجميع أعمال البحث والتحري في أي قضية من قضايا تدبير مالية الأوقاف العامة، وتقديم تقرير بنتائجها لجلالتنا الشريفة.

-إعداد مشاريع مصنفة الميزانية السنوية الخاصة بالأوقاف العامة، والتنظيم المالي و المحاسبي المتعلق بها، ومصنفة المساطر المحاسبية، والنظام الخاص بالصفقات، وعرضها على السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف قصد اعتمادها.

-القيام بافتحاص سنوي لوضعية التدبير المالي للأوقاف العامة، وإعداد تقرير سنوي بنتائجه يرفع إلى الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، وتبعث نسخة منه إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

-إبداء الرأي والاستشارة في القضايا المتعلقة بتدبير الأوقاف العامة، والتي تحيلها عليه السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف.

-تقديم كل اقتراح أو توصية ترمي إلى تحسين أساليب تدبير الأوقاف العامة، والحفاظ عليها وتنمية مداخيلها.

وبموجب الرسالة  التي وجهها الملك محمد السادس إلى كل من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف، بخصوص مراقبة مالية الأوقاف، أدخلت تعديلات وتغييرات جديدة على مدونة الأوقاف والنظام الداخلي للمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة.

في هذا الصدد، أصدر الملك محمد السادس، وفقا لظهير شريف، تعليماته لتغيير وتتميم النظام الداخلي للمجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة، وذلك من أجل حسن تدبير ومراقبة مالية الأوقاف والحفاظ عليها وتثمينها في سياق التطور الذي يشهده القطاع في السنوات الأخيرة.

وسبق أن دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة أن "تخضع، من الآن فصاعدا، لمصادقة المجلس العلمي الأعلى، الذي سيتكفل بإبلاغ قراره لكل من إدارة الأوقاف والمجلس المكلف بالمراقبة"، وذلك لكي  تصبح آراء المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة ذات الصلة باحترام الشريعة ملزمة للإدارة المكلفة بتدبير الأوقاف العامة.

كما أوصت التعليمات الملكية بالتزام إدارة الأوقاف العامة التزاما تاما بالمساطر وبالإجراءات المتعلقة بتنظيم الميزانية، وبمجال المالية والمحاسباتية، وكذا بتلك المرتبطة بالنفقات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 + ستة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى